"أم الحيران" .. تتشبث بالأرض رغم رياح الاقتلاع والتهجير الإسرائيلية

تكاد مشاعر القلق والخوف من قادم الأيام، أن تتحول إلى حروف ناطقة على ملامح وجوه نحو 1500 مواطن فلسطيني يقيمون في بلدة "أم الحيران" في منطقة النقب (جنوب فلسطين المحتلة عام 1948)، بعد قرار الاحتلال اقتلاعهم جمعيا من أرضهم.

وكانت سلطات الاحتلال قررت هدم القرية بشكل كامل وتهجير سكانها، ومصادرة الأرض بهدف إقامة مستوطنة يهودية على أنقاضها تحمل ذات الاسم "حيران"، مما اضطر سكانها إلى اللجوء إلى محاكم الاحتلال.

لكن وبعد 13 عامًا من تداولها في أروقة المحكمة "العليا" التابعة للاحتلال، صادقت المحكمة على القرار الذي اتخذته الحكومة الإسرائيلية، بهدم القرية، وتهجّير أهلها، رغم أن المحكمة أقرّت أن أهالي "أم الحيران" يقيمون على أرضهم بشكل قانوني، ولم يقتحموا الأرض كما يدّعي الاحتلال، إنما نُقلوا إليها بأمرٍ من الحاكم العسكري الإسرائيلي عام 1956 بعد أن هُجروا من قريتهم الأصليّة "وادي زُبالة" في عام 1948.

إلا أن المحكمة رأت في قرارها أن الحكومات الاسرائيلية "سمحت" للأهالي بالإقامة على "أراضي الدولة"، ومن حقّ الدولة القانونيّ أن تتراجع عن قرارها وتستعيد الأرض لتتصرف بها، دون أن تسأل المحكمة عن سبب بناء المستوطنة اليهوديّة في هذا الموقع بالذات وعلى أنقاض القرية العربيّة القائمة، بحسب المحكمة.  ويأتي هذا القرار رغم وجود مساحات شاسعة وفارغة إلى جانب "أم الحيران"، بحسب أهالي القرية.


مسلسل من التهجير

وقال المتحدث باسم القرية رائد أبو القيعان: إن هذه القرارات أعادت مشاهد  مسلسل التهجير الذي بدأ منذ عام 1948، حيث تم تهجير العشيرة من قريتهم "خربة زبالة" القريبة من مدينة "رهط" وصودرت أراضيهم لصالح مستوطنة "شوفال"، ثم أعيد تهجيرهم في العام 1956 إلى المنطقة التي يعيشون فيها اليوم، بأمر القائد العسكري الإسرائيلي الذي أمر أبناء العشيرة بإخلاء أراضيهم والانتقال أولا إلى منطقة "اللقية" ومن ثم، هُجروا، للمرة الثانية، إلى موقعهم الحالي في منطقة "وادي عتير"، ومنذ ذلك الحين أستقر أبناء العشيرة في المنطقة وقاموا بتقسيم الأراضي فيما بينهم والقيام بأعمال البناء المطلوبة للسكن بالمنطقة. 

وأشار إلى أنه بالرغم الاعتراف  بالقرية إلا أنه تم تعطيل العمل به من قبل حكومة الاحتلال، وعليه لم يتم وصلها لشبكات الماء والكهرباء والصرف الصحي أو توفير أي خدمات أساسية أخرى لسكانها من مدارس ومؤسسات صحية، حيث يضطر الطلاب إلى السفر  6 كيلومتر يوميا للوصول إلى مدارسهم في قرية "حورة".

ورأى  أبو القيعان في تصريحات خاصة لـ "قدس برس"، أن قرار المحكمة "قائم على مبدأ عنصري وليس على مبدأ العدالة والكرامة والديمقراطية التي تدعيها دولة الاحتلال، فأي عدالة وأي ديمقراطية تتيح لهذه الدولة قبر قرية كاملة وشطبها من الوجود رغم أنها قائمة قبل قيام الدولة العبرية".

وتابع قائلا: "منذ سنة 2003 تواجه القرية شبح التهجير بحيث تخطط دولة الاحتلال لهدم القرية بهدف أقامة مستوطنة يهودية باسم (حيران) على أنقاض (أم الحيران) وتوسيع غابة (يتير) حيث صدر 25 أمر إخلاء، و32 أمر هدم و تم وضع 3 خرائط هيكليّة تهدف كلها لهدم القرية وتهجير سكانها".


نضال على جميع الأصعدة

وأضاف "اليوم وبعد 60 عامًا من إقامتنا في هذه الأرض، وبعد أن كبرنا والتصقت فيها أحلامنا وذكرياتنا، تقرر حكومة الاحتلال تهجيرنا مرة أخرى ومسح 60 عاما من ذاكرتنا وهذا أمر ليس سهلا، محذرا في الوقت ذاته من أن "خسارة معركة (أم الحيران) تعني خسارتنا المعركة في كل النقب، الجليل، المثلث والمدن المختلطة، وهي معركة على الهوية والانتماء".

وتابع قائلا: "يريدون أن يهدموا بيتي، وأن يبنوا مكانه بالضبط بيت لمستوطن جاء من آخر الدنيا، ولكن هذا لن يكون، فنحن مصممون على التشبث بقريتنا وبيوتنا، دون أن يلين صمودنا أو تفتر عزائمنا، وسنواصل النضال على جميع الأصعدة القانونية والنضال الجماهيري والإعلامي والسياسي، وعلى صعيد المجتمع الدولي والهيئات الحقوقية الدولية، إلى أن يتم إعادة النظر في قضية الاعتراف بالقرية أو دمجها تخطيطيا في إطار المستوطنة الجديدة، أو إعادتنا إلى أراضينا الأصلية في وادي زبالة" .

وأشار إلى أن سلطات الاحتلال تريد ترحيل سكان القرية إلى قرية "حورة" العربية في النقب ولكن لا يوجد منازل ولا أماكن نقيم فيها، كما أن بلدة "حورة" تعاني من أزمة سكن نتيجة نقض الأراضي، وليس ذلك فقط بل سكان حورة أصلا يرفضون هذه الخطوة التي من شانها أن تضيق عليهم، وقد تؤدي إلى حدوث مشاكل بين السكان.


صراع على الأرض

وشدد الناشط الحيراني من أن قرار ترحيل سكان القرية وهدمها، جزء من السياسات العنصرية ضد عرب النقب وضد المواطنين العرب في الأراضي المحتلة عام 48، والتي تعمل وفق مبدأ أكبر عدد من العرب على اقل مساحة من الأرض ، واقل عدد من اليهود على أكبر مساحة من الأرض.

وأضاف، سيمسحون حرفي "أم" من "أم الحيران" الفلسطينية لتصبح "حيران" اليهودية، هكذا يخططون، يتركون الجبال والأراضي الواسعة الفارغة والمفتوحة  حول أم الحيران، ويستهدفون "أم الحيران" وهذا يكشف مخططهم التهويدي وليس تخطيطي كما يدعون.

وحذر من أنه لا يتوقع كيف ستكون رد فعل سكان القرية وسكان النقب  في حال حاولت سلطات الاحتلال هدم القرية وتشريد سكانها ، مشيرا إلى أن "هناك تفاعل واهتمام كبير من جانب فلسطيني الداخل مع أهالي قرية ام الحيران، وهذا يزيد من صمود سكان القرية وتصميمهم على مقاومة مخططات الاحتلال وعدم الاستسلام".

ـــــــــــــــــ

من سليم تاية 
تحرير إيهاب العيسى

مواضيع ذات صلة
لجنة شعبية بالداخل الفلسطيني المحتل تحذر من مخططات الاقتلاع والتهجير
دعت اللجنة الشعبية في مدينة اللد بالداخل الفلسطيني المحتل، اليوم الجمعة، الأهالي، إلى "رفض مخططات الاقتلاع والتهجير، التي تحاول ال...
2022-02-04 16:47:08
سياسي موريتاني يستبعد هبوب رياح الربيع العربي على بلاده
استبعد رئيس حزب "الإصلاح" الموريتاني المحامي محمد سالم طالبنا، امكانية تعرض موريتانيا لثورة شعبية شبيهة بثورات الربيع العربي التي ...
2016-11-03 10:13:36
27 عامًا على مجزرة الأقصى الأولى: تزايد الاقتحامات وتنامي رياح التهويد
تحلّ غدًا الأحد الثامن من أكتوبر؛ الذكرى الـ 27 لمجزرة الأقصى الأولى، ولعلّ كثرة المجازر التي ارتكبها الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني...
2017-10-07 08:21:14