ذكريات الحرب تستحوذ على الأمسيات الرمضانية في غزة

تحلّ خلال أيام قليلة قادمة الذكرى السنوية الثانية للحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، والتي تلقي ذكرياتها الأليمة بثقلها على من عايشوا العدوان وفصوله الموجعة على مدار 51 يوما متواصلة، تخلّلها استشهاد وإصابة آلاف الفلسطينيين.

ولا تكاد جلسات الغزيين أو أمسياتهم الرمضانية تخلو من استرجاع شريط الذكريات؛ فعلى موائد الإفطار والسحور، يفرض حديث الحرب حضوره بقوة، لا سيما بين أنقاض المنازل المدمرة، فكيف تغيب الحرب عنهم، ولكل شخص عايشها مئات القصص والحكايات.

وشن الاحتلال الإسرائيلي في السابع من تموز/ يوليو 2014 والذي وافق التاسع من رمضان من عام 1435 هجريا، حرباً على قطاع غزة، استمرت 51 يوماً، حيث استشهد جراء ذلك 2324 فلسطينيًا وأصيب الآلاف، وتم تدمير آلاف المنازل، والمنشآت الصناعية والمساجد والمدارس، وارتكاب مجازر مروعة. 


ليلة تدمير المساجد

يروي الشاب الفلسطيني أحمد حلاوة لـ "قدس برس" ذكرياته خلال عدوان عام 2014؛ فيقول "كانت هي الحرب الأولى التي تشنها قوات الاحتلال في شهر رمضان، فكانت مؤلمة وصعبة؛ فإلى جانب القصف والقتل والتدمير والتشريد كانت درجات الحرارة ترتفع باطرّاد في ذاك الشهر".

وأضاف "أصعب ليلة مرّت عليّ كانت ليلة قصف المساجد في مدينة غزة، ومن شدة القصف الليلي للمساجد والمنازل حولنا، كنت وعائلتي نخاف القيام لتناول طعام السحور".

وشهدت تلك الليلة، تدمير طائرات الاحتلال لعدد من المساجد في مدينة غزة؛ منها مسجد "الإمام الشافعي" و"الأمين محمد" و"شهداء الأقصى" ومسجد "علي بن أبي طالب" و"خليل الوزير" و"الشمعة"، وجميعها تقع في مربع واحد.

أما الصحفي هشام ساق الله؛ فيعود بذاكرته إلى قبل سنتين من الآن ويقول "منذ اليوم الأول الذي بدأ فيه شهر رمضان واجتماعنا في البيت الجديد، تذكرنا جمعتنا في أول يوم في برج الظافر 4، قبل أن تدمره طائرات الاحتلال قبيل موعد الإفطار بساعة فقط".

وأضاف ساق الله لـ "قدس برس"، "رغم أننا اشترينا كل شيء جديد ولكن هناك أشياء لا تجد لها بدائل، وتظل الذكريات والجرح تنزف".

وتابع الصحفي الفلسطيني "الذكريات الصغيرة التي تعيش مع العوائل في الأواني والأوعية والأغراض الصغيرة تظل كل شيء فيها لها ذكرى ولها حكاية وقصة، هذه الأشياء لا يفهمها إلا من عانى ومن فقدها".


نتحدّى ولا نبالي

يقول الشاب الفلسطيني حامد موسى، إنه كان يحب أن يخرج قبل موعد الإفطار بساعة ليسير في شوارع غزة ليجدها مزدحمة خاصة في المناطق التجارية وسط القصف والغارات وأصوات سيارات الإسعاف.

ويضيف "كنت أرى التحدي في عيون الناس التي تخرج رغم القصف والدمار ولا تبالي من الطائرات التي تحلق في السماء".

ويتابع "أذكر أن حزمة البقدونس قد وصل ثمنها لـ 8 شيكل (دولاران) بينما سعرها الحقيقي لا يزيد عن 2 شيكل فقط (أقل من نصف دولار)؛ فقد أسفرت الحرب عن احتكار كثير من التجار للسلع الأساسية في الأسواق".

ويستذكر الفتى هاني أبو سلمان أيام الحرب في حديث لـ"قدس برس" ويقول "كنت قبل آذان المغرب بقليل، أعمد على الجلوس على شرفة منزلنا كي أتابع انطلاق صواريخ المقاومة حيث أنها كانت تثلج صدري وهي تنطلق".

وتابع "في ذات مرة وأنا ارصد انطلاق أحد الصواريخ شاهدته يمر من بين طائرتين مروحيتين كانتا تحلقان شرق مدينة غزة فقلت ماذا لو تأخر إطلاق هذا الصاروخ لثوان".


بشاعة الحرب تطغى على كل ذكرى جميلة

الفلسطينية آلاء أيمن، رفضت الحديث عن ذكريات الحرب المؤلمة، رغبة منها في استذكار أمور جميلة؛ حيث أن المآسي والآلام والحروب نالت من الغزيين ما نالت في ظل الحصار المطبق المفروض عليه.

واستدركت أيمن بالقول "لكن هذه الذكريات تفرض نفسها علينا؛ فأينما أذهب أسمعهم يسترجعون الذكريات المؤلمة من قصف ودمار وتشريد، وأنا أفضل السكوت، وأحيانا أغادر المكان لعدم مقدرتي على سماع ذلك الكلام".


ـــــــــــــــــــــــــ

من عبد الغني الشامي
تحرير ولاء عيد

مواضيع ذات صلة
غزة.. رواتب الموظفين تحرك الأسواق الرمضانية والركود سيد الموقف
مع حلول شهر رمضان المبارك، تزينت الأسواق الغزّية بألوان جذابة خالطتها فوانيس رمضان، لترسم من خلالها أجواء الشهر الفضيل في محاولة ل...
2016-06-06 19:25:41
الإفتاء المصرية: الخيم الرمضانية "حلال" و"حرام" بحسب ما فيها
في شهر رمضان تنصب المطاعم والفنادق المصرية عشرات الخيم استعدادا لاستقبال الصائمين على الفطار أو السحور، وتشهد بعض هذه الخيم ف...
2016-06-28 12:58:42
فلسطينيو "شمال سوريا" يتشبثون بالطقوس الرمضانية رغم التهجير
عام مضى على وصول "أم زياد" مع زوجها وأطفالها الأربعة إلى مخيم "دير بلوط" للاجئين الفلسطينيين (شمالي سورية)، قادمة من مخيم "اليرموك...
2019-05-23 11:14:51