نابلس.. مدينة تاريخية تزخر بمواقع ومعالم أثرية تفتقر للتأهيل

وزارة السياحة قالت إن وقوع كثير من المواقع والمعالم الأثرية ضمن مناطق "C" يحول دون ترميمها وإعادة تأهيلها

تزخر مدينة نابلس (شمال القدس المحتلة)، بمئات المواقع والمعالم الأثرية، الأمر الذي الأمر الذي شكّل لها أهمية بين المدن الفلسطينية، من الناحية التاريخية والسياحية، بعد مدينتي القدس وبيت لحم.

وتقع مدينة نابلس في وادٍ بين جبلي "عيبال" و"جرزيم"، ويقال في أصل التسمية إن الكنعانيين أسسوا المدينة أواسط الألفية الثالثة (ق.م) عند المدخل الشرقي للمدينة الحالية، وأسموها في حينه "شكيم" التي تعني المكان المرتفع، لكن الرومان هدموها خلال الفترة بين 67 و69 ميلادي وأقاموا مدينة جديدة إلى الغرب منها أسموها "نيابوليس" أي المدينة الجديدة ثم حرفت إلى نابلس.

 

مواقع ومعالم أثرية بالمئات

محمود بيراوي، مدير دائرة الآثار في نابلس ومسؤول حماية المواقع الأثرية، قال إنه يوجد في مدينة نابلس 266 موقعًا أثريًا، بالإضافة إلى حوالي 1200 معلم أثري؛ من أهمها "تل بلاطة"، والتي تعود الاكتشافات التاريخية فيها إلى سنة 4500 (ق.م)، بالإضافة إلى بلدة سبسطية، وجبل "جرزيم" ومدينة نابلس ككل، مشيرًا إلى أن المدينة وهذه المواقع مرشحة لوضعها على القائمة الأولية لمواقع التراث العالمي.

ويُبيّن أن وزارة السياحة تعمل للحفاظ على المعالم الحضارية الأثرية من خلال إعادة تأهيلها وترميمها، بما يتناسب مع قيمتها التاريخية ومن ثم تحويلها إلى مزارات للجمهور المحلي والخارجي.

وأضاف بيراوي في حديث لـ "قدس برس"، أن الوزارة تحرص على تعريف المواطنين بالإرث التاريخي والحضاري لفلسطين، لإدراك أهمية تلك المواقع الأثرية والمحافظة عليها من الاندثار والتعديات.

 

عقبات التأهيل والترميم

إلا أن المسؤول الفلسطيني، بيّن أن هناك الكثير من الصعوبات والتحديات التي تواجه الوزارة خلال عملها، والذي انعكس على حركة السياحة في مدينة نابلس.

وأشار إلى أن وقوع كثير من المواقع والمعالم الأثرية ضمن مناطق (C)، التي تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة (وفق اتفاقية أوسلو)، حال دون إيلائها العناية اللازمة لترميمها وإعادة تأهيلها.

وأكد أن الاحتلال يمنع طواقم الوزارة المختلفة من القيام بدورها، كما يتحكم بالمعابر والحواجز، ويعمل بالتعاون مع الجهات المختصة لديه إلى توجيه الوفود السياحية إلى المواقع الأثرية التي يسيطر عليها، ليستفيد من العوائد المادية والمعنوية لهذه الزيارات، ناهيك عن عمليات تزوير التاريخ الواضح الذي تمارسه السلطات الإسرائيلية لمواقع أثرية مختلفة، وفق بيراوي.

ولفت بيراوي، إلى قلة الميزانية المخصصة لوزارة السياحة والآثار، الأمر الذي يحول دون قيامها بدورها، خاصة أن كثيرًا من المواقع الأثرية مستملكة من قبل مواطنين ويلزم ضمها لملكية الدولة.

متابعًا: "بالإضافة إلى الحاجة لمعدات وأجهزة لازمة لتنفيذ عمليات التنقيب والترميم للمواقع الأثرية"، ومستدركًا: "كل ذلك يحتاج المال الكثير والذي لا تملكه الوزارة بسبب قلة الميزانية المخصصة لها".

ورأى أن هناك تحديًا آخر يواجه النهوض بالواقع السياحي والأثري، "يتمثل في قلة وعي المواطنين بالمواقع الأثرية وعدم إعطائها الأهمية التاريخية والحضارية المطلوبة، بالإضافة إلى تعرض بعض محتوياتها للسرقة والتنقيب من قبل بعض اللصوص، وتسريبها لجهات داخل دولة الاحتلال".

وشدد على أن "القانون المعمول به في المحاكم الفلسطينية لا يشكل رادعًا لهذه الشريحة المنبوذة فلسطينيًا".

بدورهم، اتهم مواطنون فلسطينيون خلال حديث مع "قدس برس"، الوزارات والمؤسسات الرسمية الفلسطينية بأنها "لا تولي المواقع الأثرية اللازمة، الأمر الذي جعلها عرضة للاندثار والسرقة".

 

تقصير بين الأسباب والمبررات

وقال مصطفى أبو صفية، مدير جمعية "صناع الغد" (شبابية تطوعية)، إن جمعيته تنفذ بين الحين والآخر حملات لتنظيف بعض المواقع الأثرية في مدينة نابلس، لتكون مؤهلة لاستقبال الزوار.

وذكر المواطن جهاد هيلان، أنه تطوّع خلال الفترة الماضية للعناية بالمسرح الروماني (أحد المواقع الأثرية في نابلس)، وكان يملك مفتاحًا لبوابته، قبل أن توقفه وزارة السياحة والآثار عن عمله، "الأمر الذي جعل الموقع عرضة للإهمال والسرقة"، كما قال.

من جانبه، أوضح مدير المواقع في وزارة السياحة والآثار، ضرغام الفارس، أن عملية تأهيل أي موقع أثري يحتاج لعدة معايير؛ من بينها أهمية الموقع التاريخية وقدرته على جذب السياحة.

وأضاف خلال حديث مع "قدس برس"، أن هناك مواقع أثرية في مدينة نابلس، مدرجة على القائمة التمهيدية للتراث العالمي، وتولى لها الأهمية ومن بينها "تل بلاطة" التاريخي، والذي تم إجراء أعمال تنقيب وتحديد مسارات للسائحين ومركز إرشاد، بالإضافة إلى وجود موظفي استقبال وحراسات للموقع.

وبيّن مدير المواقع في شمال الضفة الغربية، "عملية التنظيف مهمة لكنها لا تجعل من الموقع الأثري مؤهلًا لكي يستقبل الزوّار والسائحين".

مشيرًا إلى أن هناك معايير معينة لتحقيق ذلك؛ "منها توفير مسار آمن لدخول وخروج الزوّار، ومرافق صحية، وموظفي استقبال وحراسة، وغيرها من المعايير والشروط المعمول بها دوليًا".

كما لفت الفارس النظر إلى أن الاحتلال يلعب دورًا في إلغاء كثير من المشاريع التي يتم إعدادها بالتعاون مع جهات داعمة لتأهيل مواقع تاريخية وأثرية، عبر ترويج الأكاذيب للضغط على تلك الجهات الداعمة لوقف هذا الدعم مبررة ذلك بالوضع الأمني غير المناسب.

ــــــــــــــ

من محمد منى

تحرير خلدون مظلوم

مواضيع ذات صلة
نشطاء سوريون ينشرون خارطة بمواقع القوات العسكرية الإيرانية في سورية
نشر "مركز جسور للدراسات" في سورية، بالتعاون مع "المقاومة الإيرانية"، خريطة بمواقع تواجد القوات الإيرانية في سورية، والتي تتوزع على...
2016-05-30 13:21:26
نشطاء بمواقع التواصل يشيدون بـ"عبقرية وإرادة" الأسرى الستة
مع ساعات الصباح الباكر، وعقب الإعلان عن نجاح ستة أسرى فلسطينيين بالفرار من معتقل جلبوع الإسرائيلي، ضجت منصات التواصل الاجتماعي بال...
2021-09-06 09:04:30
تقرير: الاحتلال اعتقل 390 فلسطينياً في 2021 لنشاطهم بمواقع التواصل
قال مركز فلسطين لدراسات الأسرى، إن سلطات الاحتلال صعّدت بشكل كبير خلال العام 2021 من ملاحقتها للفلسطينيين؛ بسبب آرائهم ونشاطهم على...
2022-01-10 10:09:32