"بدرس".. بلدة فلسطينية تستحدث أسلوبا جديدا لمواجهة سياسة الهدم الإسرائيلية

قدّمت بلدة "بدرس"، غربي مدينة رام الله (شمال القدس المحتلة)، نموذجًا جديدًا وفريدًا في مقاومة سياسة العقاب الجماعي التي تفرضها سلطات الاحتلال الإسرائيلي على المواطنين الفلسطينيين بهدم منازلهم.

صبيحة يوم الأربعاء الماضي، أقدمت جرّافات الاحتلال على محاولة هدم منزل أحد الفلسطينيين في بلدة "بدرس" بزعم أنه "غير مرخص"، فما كان من أهالي بلدته إلا الاعتصام والتجمهر داخل البيت ورفض الخروج منه، محبطين بذلك المخطط الإسرائيلي.

وقال رئيس مجلس قروي "بدرس"، محمد عليان، إن العشرات من النسوة والأطفال تحصنوا داخل المنزل ورفضوا مغادرته "رغم تهديدات ضابط في جيش الاحتلال بارتكاب مجزرة إذا لم تنسحب النساء ويغادر الجميع محيط المنزل".

وأثنى عليان في تصريح لـ "قدس برس" على تكاتف أهالي بلدته ووقفتهم الأسبوع الماضي "التي حالت دون هدم الاحتلال لمنزل الشاب عيسى عفيفة، والذي انتهى من عمارته حديثًا".

وأضاف "صمود أهالي البلدة وعدم الانصياع لأوامر جيش الاحتلال بالانسحاب من محيط المنزل، أجبر القوات الإسرائيلية على الخروج؛ وطلب ذلك دون مواجهات".

ويأمل نشطاء بالمقاومة الشعبية في تبني "الأسلوب الجديد" بعد نجاحه في بدرس، وتعميمه على مناطق مختلفة بالضفة الغربية تتعرض منازلها ومنشآتها للهدم، من خلال حملة وطنية واسعة.

فمن جانبه، وصف الأمين العام لحركة "المبادرة الوطنية الفلسطينية"، مصطفى البرغوثي، تجربة بدرس بـ "الرائعة"، مناديًا لتكرارها في مناطق أخرى لمواجهة سياسة الاحتلال بهدم المنازل.

وأفاد البرغوثي (عضو في المجلس التشريعي الفلسطيني)، في حديث لـ "قدس برس"، بأن "الاحتلال لا يمكن أن يُرتدع دون أن يُظهر الفلسطينيون كل ما لديهم من قوة وطاقة في مواجهته".

ورأى النائب الفلسطيني، أن تحصن المواطنين داخل المنزل وفي محيطه أفشل مخطط الاحتلال بهدمه، "هذه الخطوة أظهرت مدى قوة المقاومة الشعبية في مواجهة سياسة الاحتلال".

وتابع "المقاومة الشعبية باتت سلاحًا ناجعًا أمام الصلف الإسرائيلي، وأثبتت قوتها عندما وصلت سفن كسر الحصار لقطاع غزة، وفي قرى المقاومة الشعبية واختراق جدار الفصل العنصري"، محذرًا من لجوء الاحتلال لـ "حيل ووسائل" بالعودة للمنزل بقوة عسكرية أكبر أو هدمه ليلًا.

و"بدرس"؛ قرية فلسطينية تقع إلى أقصى الغرب من مدينة رام الله، ويبلغ عدد سكانها قرابة الـ 3 آلاف نسمة، لم تكن تلك تجربتها الأولى في التصدي للاحتلال ومخططاته؛ فقد نجح  قبل سنوات أهالي البلدة وعبر مسيرات للمقاومة الشعبية في تعديل جدار الفصل العنصري واستعادة أجراء من أراضي المواطنين بعد أن ضمها الجدار.

وسجّل عام 2016، ارتفاعًا كبيرًا في وتيرة هدم الاحتلال للمنازل الفلسطينية بحجة البناء بدون ترخيص وأنها مقامة في مناطق تصنف "ج" (مناطق تخضع للسيطرة الاسرائيلية الكاملة وفق اتفاقية أوسلو).

وبدوره، بيّن مدير مركز "عبد الله الحوراني" للدراسات والتوثيق، سليمان الوعري، أن نسبة الهدم ارتفعت العام الماضي لـ 114 في المائة مقارنة مع العام 2015، حيث تم هدم 1023 منزلًا ومنشاة خلال في الـ 2016؛ بينها 488 منزلًا، أسفرت عن تشريد 1026 نسمة؛ نصفهم أطفال.

وذكر في حديث لـ "قدس برس"، أن المنازل التي يُقدم الاحتلال على هدمها "تُشكل لدى أغلب الفلسطينيين الملاذ الوحيد للسكن، وتكون بمثابة مشروع العمر الوحيد لديهم وأمنية لدى بعصهم بامتلاك منزل".

وأشار الوعري إلى أن "جهات إسرائيلية باتت على قناعة بأن سياسة العقاب الجماعي بهدم المنازل الفلسطينية فشلت، ولم تعد تشكل رادعًا للفلسطينيين".

وطالب بتعميم "ظاهرة بدرس الأخيرة في التصدي للاحتلال أثناء هدمه لأحد المنازل بشكل رسمي في كافة المناطق الفلسطينية عبر المقاومة السلمية، وهي أحد الجوانب التي سوف تحد من اعتداءات الاحتلال والمستوطنين".


ــــــــــــــ

من يوسف فقيه
تحرير خلدون مظلوم

مواضيع ذات صلة
السلطة: تشريع سياسة الهدم الإسرائيلية "تكريس للاحتلال"
اعتبرت وزارة الخارجية الفلسطينية، قرار المحكمة الإسرائيلية العليا القاضي بتشريع هدم منازل الفلسطينيين في مختلف مناطق الضفة الغربية...
2015-09-08 08:56:15
إضراب شامل في الداخل الفلسطيني احتجاجا على سياسة الهدم الإسرائيلية
تشهد مدن وبلدات الداخل الفلسطيني المحتل عام 1948، غدا الأربعاء، إضرابا عاما وشاملا، احتجاجا على قيام سلطات الاحتلال بهدم 11 منزلا...
2017-01-10 15:42:48
إضراب شامل في الداخل الفلسطيني احتجاجا على سياسة الهدم الإسرائيلية
تشهد مختلف المدن والبلدات الفلسطينية، في الأراضي المحتلة عام 1948، اليوم الأربعاء، إضرابا شاملا احتجاجا على تصاعد سياسة الهدم الإس...
2017-01-11 08:57:27