سياسي سوداني يتحدث عن حرب خفية بين الخرطوم والقاهرة

كشفت مصادر سودانية مطلعة النقاب عن وجود اتفاق ثلاثي بين جنوب السودان ومصر وأوغندا، جوهره القضاء على معارضة النائب السابق لرئيس جنوب السودان رياك مشار.

وبينما رفض القيادي في حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم في السودان الدكتور ربيع العاطي، الدخول في الحديث عن تدخل الطيران المصري والأوغندي في جنوب السودان مكتفيا فقط بالتأكيد على استراتيجية بلاده القائمة على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، فقد تحدث رئيس "منبر السلام العادل في السودان"، الدكتور الطيب مصطفى، عن وجود اتفاق ثلاثي بين مصر وجنوب السودان وأوغندا.

وقال مصطفى في حديث خاص مع "قدس برس": "إن الأنباء التي تحدثت عن مشاركة للطيران المصري والأوغندي في استهداف قوات النائب السابق لرئيس جنوب السودان رياك مشار في منطقة أعالي النيل الكبرى، تأتي تنفيذا للاتفاق الثلاثي بين جوبا وكامبالا والقاهرة، لمنع قوات رياك مشار من السيطرة على عاصمة أعالي النيل ملكال".

وأضاف: "من المعروف أن منطقة أعالي النيل هي منطقة لقبيلة النوير، التي ينتمي إليها نائب الرئيس السابق رياك مشار، بينما تسيطر قبيلة الدينكا على منطقة بحر الغزال، ومن شأن الطيران أن يغير موازين القوى لكنه لا يستطيع إنهاء المشكلة في جنوب السودان".

ورأى مصطفى أن الدور المصري في جنوب السودان هو جزء من معركة خفية وصفها بـ "الحامية" بين الخرطوم والقاهرة.

وقال: توجد معركة لا تخفى على أحد بين السودان ومصر، فكل دولة منهما تقف في محور، ومصر تسعى لتجاوز السودان ومكايدته بالرغم من أنها تعلم أن انفصال جنوب السودان كان على أساس عنصري".

وأضاف: "مصر تعتقد أن السودان وقف مع أثيوبيا في سد النهضة، وهذا اعتقاد غير صحيح، لأن السودان لا تريد أن تخوض معركة مع أثيوبيا بالنيابة عن مصر، ولذلك فهذه الأخيرة غاضبة من السودان، بالإضافة إلى أن الخرطوم تقف مع المحور السعودي ضد المحور المصري ـ الإيراني ـ السوري ـ العراقي. كما أن مصر تلعب دورا في ليبيا لصالح حفتر، الذي يستعين بالحركات المتمردة في السودان، فلذلك التناقض كبير بين السودان ومصر"، على حد تعبيره.

أما القيادي في "المؤتمر الوطني" الحاكم في السودان، ربيع عبد العاطي، فقد اكتفى بالتأكيد على رفض السودان التدخل في شؤون أي دولة.

وقال: "نحن في السودان خضنا حربا طويلة مع جنوب السودان، ولم تضع الحرب أوزارها إلا بالمفاوضات والحل السياسي، ولذلك فالنزاعات السياسية لا يمكن حسمها بالسلاح"، على حد تعبيره.  

وكانت صحيفة "الصيحة" السودانية، قد كشفت النقاب في عددها الصادر اليوم الأحد، أن خلافات عنيفة عصفت بمجلس أعيان الدينكا أمس على خلفية اشتعال المعارك بولاية أعالي النيل، وأجزاء متفرقة من جنوب السودان.

وقالت الصحيفة: "احتد الخلاف بين ممثل مجموعة أبناء أعالي النيل في المجلس جوشوا داو دو، الذي اتهم رئيس هيئة الأركان الجنرال بول مالونق أوان بالتقصير، مبيناً أن الأموال التي تحصّل عليها تكفي للقضاء على عشر حركات متمردة، في وقت أقرّ فيه رئيس المجلس رئيس مجلس أعيان الدينكا برفض عناصر الجيش الشعبي القتال، ما حتّم الاستعانة بحركات دارفور وقطاع الشمال، بالإضافة للطيران المصري والأوغندي".

وأضافت ذات الصحيفة: "إن رئيس مجلس أعيان الدينكا أمبروس رينقزس تصدى للدفاع عن مالونق معتبراً أنه لم يقصّر في أداء واجبه، وقال مخاطباً جوشوا: "أبناء أعالي النيل رفضوا القتال في البر الغربي، الأمر الذي أجبر مالونق على استئجار مرتزقة النيل الأزرق، والحركات الدارفورية، وقوات الجبهة الثورية، والطيران الأوغندي والمصري، الأمر الذي كلّف مبالغ طائلة".

ومن جانب آخر أكد محافظ محافظة كاجو كاجي، لوكا يامبيو إغلاق الأعمال التجارية كافة في المنطقة بسبب العنف الذي حوّل المدينة إلى مدينة أشباح، وقال لوكا: "إن معظم رجال الأعمال غادروا إلى أوغندا، كما أغلق البقية متاجرهم وأعمالهم التجارية بسبب إفلاسهم عقب الفرار الجماعي للمواطنين إلى أوغندا"، على حد تعبيره.

وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قد أكد في تصريحات له خلال مشاركته في قمة الاتحاد الإفريقي 28 في أديس أبابا نهاية الشهر الماضي، على استعداد بلاده المشاركة في "قوة الحماية الإقليمية" المزمع نشرها من قبل الأمم المتحدة في جنوب السودان.

وقال أحمد أبو زيد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية، في تصريحات سابقة له، أن "شكري أعرب، خلال لقاء له مع نظيره الاوغندي سام كوتيسا على هامش اجتماعات الدورة 28 للاتحاد الأفريقي، عن ترحيب مصر بالتعاون مع أوغندا في مجالات التعاون الأمني والعسكري ومكافحة الإرهاب، بالإضافة إلى إتمام مشاريع التعاون المقترحة خاصة مشروع توليد الطاقة الشمسية بقدرة 4 ميجاوات في كمبالا".

وفي آب (أغسطس) الماضي، سمح مجلس الأمن الدولي بنشر قوة حماية إقليمية قوامها 4 آلاف جندي، في جنوب السودان، لتكون جزءاً من بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة الموجودة بالفعل على الأرض والمشكلة من قرابة 13 ألف عنصر.

ولاحقاً، أعلنت السلطات الحكومية أنها لن توافق على نشر قوات الحماية الإقليمية التابعة للأمم المتحدة في محيط مطار "جوبا" الدولى.

وتحت رعاية "الهيئة الحكومية لتنمية دول شرق أفريقيا" (إيغاد)، وقعت الحكومة في جنوب السودان اتفاق سلام مع المعارضة المسلحة في أغسطس/آب الماضي، وبموجبه تم تشكيل حكومة انتقالية، تكونت في 28 نيسان/أبريل من العام ذاته، بمشاركة جميع الأطراف المتحاربة تستمر لفترة ثلاثة أعوام، تُنظم بعدها انتخابات عامة في البلاد.

ورغم ذلك فإن العاصمة جوبا شهدت في 8 تموز (يوليو) 2016، اشتباكات عنيفة بين القوات التابعة لرئيس البلاد، وتلك المنضوية تحت قيادة مشار، ما أسفر عن سقوط مئات القتلى بينهم مدنيون وتشريد عشرات الآلاف.

ومنذ ذلك الحين تقع اشتباكات متقطعة بين الطرفين من حين لآخر، في عدة مناطق ما زالت تسيطر عليها المعارضة المسلحة خارج العاصمة جوبا.

مواضيع ذات صلة
لجنة التشاور السياسي بين الخرطوم والقاهرة تبحث تهدئة التوتر بين البلدين
بدأت في الخرطوم، اليوم الخميس، اجتماعات لجنة التشاور السياسي، المصرية - السودانية، لبحث مجمل العلاقات الثنائية بين البلدين، في الو...
2017-08-03 15:37:49
سياسي سوداني: التقارب بين الخرطوم وأنقرة والدوحة ليس موجها ضد أحد
أكد رئيس حزب "منبر السلام العادل" في السودان، الطيب مصطفى، أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السودان، كانت تاريخية بامتيا...
2017-12-26 12:19:08
الخرطوم والقاهرة تُؤكدان التعامل بحكمة مع محاولات الوقيعة بين البلدين
أكد كل من السودان ومصر، اليوم الثلاثاء، ضرورة "التعامل بحكمة مع محاولات الوقيعة بين البلدين"، بالإضافة إلى رفض "التجاوزات" الأخير...
2017-03-21 17:19:25