محلل سياسي مغربي: مشاورات تشكيل الحكومة لم تصل إلى مرحلة الانسداد

رأى الكاتب والباحث في الشأن السياسي المغربي نورالدين الأشهب، أن "الحديث عن وجود أزمة سياسية في المغرب بسبب عدم التوصل إلى تشكيل للحكومة بعد نحو 5 أشهر من تكليف زعيم العدالة والتنمية عبد الاله بنكيران بذلك، غير دقيق، وأنه يدخل في باب المزايدات السياسية الحزبية الإعلامية بالدرجة الأولى".

وقال الأشهب في حديث مع "قدس برس": "الأزمة السياسية قد تكون حزبية فقط وغير ممتدة إلى النظام ككل (..) الدولة قائمة والمشاورات لتشكيل الحكومة مستمرة".

وأشار إلى أن "التشريع تحدث عن تدبير هكذا أزمات خصوصا في شقها المالي والإداري"، وقال: "لا يمكن أن نقر بشكل قطعي ونهائي بوجود أزمة سياسية وإنما يمكن القول عنها أنها أزمة حزبية سببها تراكمات الماضي القريب من تدبير العلاقات بين الأحزاب فيما بينها وبينها وبين النظام ككل وسببها أيضا تراكم عدم الثقة في ملفات عديدة وخطابات عنيفة وغير متوازنة والآن يتم دفع الثمن من وقت الدولة والمجتمع".

وأكد الأشهب أن ما يجري من حوار بشأن التشكيل الحكومي، يعكس تطورا إيجابيا في ذهنية الدولة وتحولا مناقضا لمنطق الدولة في العهد السابق الذي كان يتدخل ليمنح التحالف في مدة وجيزة وبشكل مفروض غير قابل للتفاوض.

وأضاف: "الآن نعيش منطقا آخر لتدبير صراع الإرادات السياسية المتصارعة أساسه التعبير الحر عن شروط التحالف، وأساسه أيضا تمكين السياسي من تجريب قدراته على إدارة الاختلافات وعلى إيجاد الحلول المناسبة، وأعتقد أن هذا سلوك جديد لم يعهده المغرب من قبل بهذا الشكل".

واعتبر الأشهب أن "مثل هذه العثرات هي عادية في جميع الأنساق التي تصر على الديمقراطية وحدثت في جميع الديمقراطيات وحدثت مؤخرا في اسبانيا وبلجيكا تقريبا نفس العثرات".

وقال: "إذا كان في المغرب أطراف عدة متدخلة في العملية السياسية فإنه في جميع الديمقراطيات هناك لوبيات قوية منها ما هو مرتبط بالأمن والاستخبارات ومنها ما هو مرتبط بعالم الاقتصاد والمال لمحاولة التأثير على قرار سياسي معين أو على تشكيلة حكومية بمواصفات خاصة".

ورفض الأشهب الحديث عن انسداد سياسي نهائي، واعتبر مصطلح "أن استخدام جهات حزبية سياسية مصطلح البلوكاج يعبر عن أزمة تلك الأطراف ذاتها".

وقال: "لم يصدر بعد رئيس الحكومة المعين أو أي طرف حزبي قراره أو حكمه بنهاية المشاورات والمفاوضات وتقديم استقالته والبحث عن خيارات أخرى. فالمشهد مازال يعيش على نفس التشاور والتجاذب".

وأضاف: "قد نرجع حديث بعض الأطراف عن البلوكاج إلى ضعف ثقافة تدبير التعثرات السياسية الكبرى، وإلى عدم وجود سوابق على غرار باقي الدول الديمقراطية، وكذلك إلى ذهنية السياسي الحزبي المغربي الذي لا يتميز بالنفس الطويل في مجاراة الخصوم والذي يحول كل عثرة إلى أزمة وإلى بكائية سياسية عرفت دول أخرى مدد طويلة جدا لتشكيل الحكومة وصلت إلى أزيد من سنة ونصف في بعض الدول الديمقراطية".

وحول النقاش الدائر بشأن التحالفات الحزبية الممكنة في التشكيل الحكومي، قال الأشهب: "رئيس الحكومة المعين بنكيران يعي بأن الخريطة بدون شريك قوي بل ووسيط سياسي يحظى بالثقة لا يمكن أن تكون سليمة أو أن تكون لها النجاعة المطلوبة. ومن المقبول سياسيا أن يشترط كل حزب أن يختار شركاءه".

ودعا الأشهب رئيس الحكومة المكلف إلى دعوة الجميع إلى العمل الحكومي من منطلق المصلحة العامة وليس من منطلق الحساسيات الشخصية التي تعد عابرة وغير متجذرة في ثقافة الدولة.

وقال: "ما العيب في أن يرفض أخنوش شباط سياسيا وبنكيران إلياس وغير ذلك من المعادلات؟ إذا كان بنكيران حر في إختياراته وسبق أن رفض التحالف مع البام بل هاجمه بشدة لماذا نصادر اليوم حق أخنوش في رفض حزب الإستقلال أو شباط تحديدا؟"، على حد تعبيره.

وعيّن العاهل المغربي الملك محمد السادس، في 10 تشرين أول (أكتوبر) الماضي، عبد الاله بنكيران، رئيسا للحكومة، وكلفه بتشكيل حكومة جديدة، عقب تصدر حزب العدالة والتنمية الانتخابات البرلمانية التي جرت في 7 من الشهر ذاته.

ويشكل زعيم حزب "التجمع الوطني للأحرار" وزير الفلاحة في حكومة تصريف الأعمال الحالية عزيز أخنوش، بحسب مراقبين، أحد مفاتيح تشكيل الحكومة المغربية، خصوصا أنه يرهن مشاركته بالاستجابة بشرطين، الأول عدم إشراك حزب الاستقلال (محافظ)، والثاني يقضي بإدخال حزبين آخرين للحكومة وهما الاتحاد الدستوري (يمين) والاتحاد الاشتراكي (يسار).

وشهدت مشاورات تشكيل الحكومة، "انسدادا"، أو ما يسمى في اللهجة المغربية بـ"البلوكاج"؛ بسبب اعتراض حزب أخنوش على المشاركة في حكومة إلى جانب حزب "الاستقلال"، في الوقت الذي تشبث بنكيران بانضمامه.

ويحتاج حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه بنكيران والفائز في الانتخابات البرلمانية، إلى التحالف مع أحزاب حصلت على ما لا يقل عن 73 مقعدا مجتمعة، ليصل إلى العدد الذي يتيح له تشكيل الائتلاف الحكومي وهو 198.

ولا ينص الدستور المغربي صراحة على ما يتم إجراؤه في حال فشل الحزب الفائز في تشكيل الحكومة، كذلك لم يحدد مهلة زمنية معينة لتشكيلها من الشخص المكلف بذلك.

مواضيع ذات صلة
محلل سياسي مغربي يستبعد إفشال "العدالة والتنمية" في تشكيل الحكومة الجديدة
استبعد رئيس تحرير صحيفة "لكم" المغربية علي أنوزلا، امكانية عرقلة حزب "العدالة والتنمية" الفائز بالانتخابات البرلمانية الأخيرة، في ...
2016-10-10 09:54:44
محلل سياسي مغربي يطالب الحكومة المقبلة بإعادة النظر في ملف التسيير الأمني
كشفت مصادر مغربية  النقاب عن أن السلطات الأمنية بمدينة "الحسيمة" (شمال المغرب)، أوقفت 5 أشخاص على خلفية قضية مقتل بائع الأسما...
2016-10-31 13:42:02
سياسي مغربي: فشل بنكيران في تشكيل الحكومة أزمة سياسية مفتعلة لا معنى لها
رأى الكاتب العام السابق لحزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" الوزير السابق، محمد اليازغي، أن "تأخر رئيس الحكومة المكلف عبد الال...
2016-12-12 13:30:46