تونس.. حراك اجتماعي متصاعد يهدد مصير حكومة الشاهد

كشفت مصادر إعلامية تونسية مطلعة النقاب عن أن الرئيس التونسي الباجي قايد السبسي يعتزم توجيه خطاب سياسي إلى الشعب التونسي الأسبوع المقبل لأول مرة من قصر المؤتمرات بالعاصمة وليس من قصر قرطاج.

ونسبت صحيفة "الشروق" التونسية، التي أوردت الخبر اليوم الجمعة، لمصادر وصفتها بـ "المطلعة"، بأن الخطاب سيجيب على العديد من الأسئلة المتصلة بمصير حكومة يوسف الشاهد، وبالموقف من قانون المصالحة المالية والاقتصادية، الذي يثير جدلا هذه الأيام، وبعموم الوضع الأمني والسياسي والاقتصادي للبلاد.

وتعيش تونس في الأسابيع الأخيرة على وقع استمرار الاحتجاجات الشعبية في العديد من المحافظات الداخلية للمطالبة بالتنمية والتشغيل.

وقد بلغت الاحتجاجات أوجها في محافظة تطاوين، جنوب البلاد، التي رفع المحتجون فيها شعار "ارحل" في وجه رئيس الحكومة، ورفضوا التجاوب مع ما قدمه من برامج وخطط تنموية رأوا فيها مجرد تكرار لسياسات قديمة فاشلة.

وأنعش إقدام رئيس الحكومة يوسف الشاهد، على إقالة وزيري التربية ناجي جلول، والمالية لمياء الزريبي الآمال بإمكانية إسقاط حكومة الشاهد كلها، وهو مطلب يتم ترديده بين الحين والآخر في العديد من مظاهر الحراك الاجتماعي والسياسي، لا سيما بعد عودة النقاش مجددا حول قانون المصالحة المالية والاقتصادية، الذي يسبق وأن تم إسقاطه عام 2015.

وبينما كانت بعض الأوساط السياسية والإعلامية تتحدث عن توافق بين الحزبين الرئيسيين في التحالف الحاكم في تونس، أي "النهضة" و"النداء" بشأن قانون المصالحة، ووجود توجه لتمريره في البرلمان، في ظل ظروف اقتصادية صعبة تقتضي توفير مناخ مطمئن لعودة رؤوس أموال رجال الاعمال التونسيين إلى البلاد، فإذا بمجلس شورى النهضة يعلن رفض تمرير المشروع بالصورة التي تم إعادة طرحه بها من جديد.

وقد زاد من صعوبة الأوضاع الاقتصادية والسياسية التراجع المخيف لقيمة الدينار التونسي مقابل العملات الدولية الرئيسية، مما أعاد للأذهان مخاوف فشل المرحلة الانتقالية، بعودة الأمن أو الجيش إلى الصدارة.

واعتبر عضو مجلس شورى حركة "النهضة" جلال الورغي في حديث مع "قدس برس"، أن الحراك الاجتماعي والنقاش السياسي بشأن آداء الوزراء أو المتصل ببعض المشاريع القانونية، كقانون المصالحة، هو جزء من ديناميكية المشهد السياسي التونسي المتحرك والمتنوع.

وقلل الورغي من أهمية الدعوات التي أطلقها البعض مؤخرا للمؤسسة الأمنية بأن تتولى قيادة البلاد، واعتبرها تغريدا خارج السرب.

وقال: "تونس خطت خطوات متقدمة في سياق التأسيس للتحول الديمقراطي، وإن بخطى بطيئة جدا، وهي خطوات بالتأكيد أقل من الطموح، لكنها بالتأكيد كفيلة بمنع العودة مجددا إلى الدكتاتورية الأمنية أو العسكرية".

وأضاف: "فضلا عن ذلك، فمؤسستنا العسكرية وحتى الأمنية، التي تعاملت بحياد أثناء الثورة، وحمت البلاد من الانزلاق نحو مشاهد دموية كالتي تجري في بلاد عربية كثيرة، ليست في وارد أن توقف تجربة سياسية نموذجية للتدافع بين الفرقاء السياسيين في تونس".

وأشار الورغي إلى أن "رفض مجلس شورى حركة النهضة لمشروع قانون المصالحة المالية والاقتصادية بصيغته الحالية، هو جزء من جهد تقوم به النهضة لتكون المصالحة منسجمة مع مبدأ العدالة، التي تعتبر مطلبا أساسيا للثورة".

وعن موقف "النهضة" من مظاهر الحراك الاجتماعي المتصاعدة في البلاد، قال الورغي: "بالتأكيد النهضة، تتفهم أن مطالب الناس مشروعة، وقد ترجمت ذلك في بيان مشترك مع عدد من القوى السياسية والمدنية بشأن دعم مطالب مواطني محافظة تطاوين، لكنها في ذات الوقت لا تكتفي بلعن الظلام، وإنما تسعى من خلال جهد سياسي لأجل التجاوب مع هذه المطالب".

وعما إذا كان الجواب على مطالب التنمية المتصاعدة في المناطق الداخلية هو بإقالة حكومة الشاهد الحالية وتشكيل حكومة جديدة أو الذهاب إلى انتخابات مبكرة، قال الورغي: "الجواب على مطالب التنمية يكون بإطلاق حوار وطني تشارك فيه كل القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني، ويكون الإعلام واحدا من أعمدته الرئيسية، من أجل التوافق على رؤية جامعة تمكن البلاد من تجاوز وضعها الاقتصادي الصعب، وهو بالمناسبة وضع يتداخل فيه ما هو محلي مع ما هو إقليمي ودولي".

وأضاف: "المطلوب أيضا إعادة هيكلة الحكومة وتدقيق برنامجها باتجاه تعبئتها نحو ضبط عناوين محددة للعمل عليها أساسها التنمية الجهوية في المناطق ذات الأولوية التفضيلية، وخطة اقتصادية واضحة محل ادماع من كافة القوى السياسية والمدنية"، على حد تعبيره.

وتجددت، الاحتجاجات بعدد من المحافظات التونسية ثم بالعاصمة في الأسابيع القليلة الماضية رفضا لمشروع قانون المصالحة الاقتصادية، الذي تقدمت به رئاسة الجمهورية للبرلمان من جديد قبل نحو أسبوع أيام لمناقشته والمصادقة عليه.

ونفّذ المئات من أنصار حركة "مانيش مسامح" (لن أسامح) الشبابية، الأسبوع الماضي مظاهرة ومسيرة احتجاجية، بشارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة تونس، ضد مشروع القانون.

ومشروع قانون المصالحة الاقتصادية، اقترحه الرئيس الباجي قائد السبسي، وأحيل للبرلمان عام 2015، غير أن مناقشته في البرلمان توقفت منذ أشهر بعد طلب رئاسة الجمهورية مراجعة فصوله، وإحداث تعديلات عليه وأعادت الرئاسة تقديمه للبرلمان قبل نحو أسبوع بعد تنقيحه

ويعفو مشروع القانون، حال إقراره، عن قرابة 400 رجل أعمال محسوبين على نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي الذي أطاحت به ثورة 2011، تورطوا في قضايا فساد، كما ينص على العفو عن الموظفين العموميين، وأشباههم بخصوص الأفعال المتعلقة بالفساد المالي، والاعتداء على المال العام، ما لم تكن تهدف إلى تحقيق منفعة شخصية

وفي حال تمت المصادقة على المشروع سيتم تشكيل لجنة للمصالحة تحدد إجراءاتها

مواضيع ذات صلة
خبراء: لا خوف على مصير حكومة الشاهد في تونس طالما استمر التوافق بين "النهضة" و"النداء"
انسحب الحزب الجمهوري في تونس، اليوم الاثنين، رسميا من حكومة يوسف الشاهد، احتجاجا على مصادقة رئيس الجمهورية على قانون المصالحة الإد...
2017-11-06 14:19:17
تونس.. حكومة الشاهد تباشر عملها غدا وسط تحديات اقتصادية صعبة
تبدأ حكومة الوحدة الوطنية في تونس برئاسة يوسف الشاهد غدا الاثنين مهامها رسميا في إدارة البلاد، بعد أن أدى أعضاؤها اليمين الدستورية...
2016-08-28 13:20:48
تونس.. تعالي الأصوات المنادية بتعديل حكومة يوسف الشاهد
تعيش الساحة السياسية التونسية هذه الأيام، على وقع تصاعد الأصوات المنادية بإجراء تعديل وزاري على حكومة يوسف الشاهد، التي لم يمض على...
2017-07-02 14:01:21