المغرب.. مخاوف من تصاعد الاحتجاجات المتصلة بـ "حراك الريف"

أنباء عن اعتقال القيادي في "حراك الريف" ناصر الزفزافي

كشف زعيم حزب "الديمقراطيين الجدد" في المغرب، محمد ضريف، النقاب عن أن الأجهزة الأمنية المغربية قد اعتقلت اليوم الاثنين القيادي في "حراك الريف" ناصر الزفزافي، على خلفية اقترافه لخطأ قانوني عندما أقدم على منع قيام صلاة الجمعة الماضية في أحد مساجد مدينة "الحسيمة" شمال المغرب.

ورأى ضريف، في حديث خاص لـ "قدس برس"، أن هذا لا يعني أن السلطات الرسمية، في المغرب قد قررت اللجوء إلى الخيار الأمني، وإنما هي تنفذ احترام القوانين، ذلك أن القانون الجنائي المغربي يعاقب كل من يعرقل آداء الشعائر الدينية، والعقوبة في هذه الحال قد تصل إلى 3 سنوات سجنا".

وأشار ضريف إلى أن السلطات الأمنية في المغرب، انتظرت لاتخاذ قرار اعتقال الزفزافي وقادة نشطاء حراك الريف إلى أن أقدموا على مخالفات قانونية".

وأضاف: "إقدام الدولة على اعتقال هذا العدد من النشطاء، يقوم على أساس أن الدولة ترى أن التساهل مع قادة الحراك قد يشجع أطرافا أخرى على القيام بمثل هذه الخروقات، وهناك مسعى لوقف هذا الانزلاق نحو الفوضى مهما كلف ذلك".

ولفت ضريف الانتباه إلى أن "السلطة تدرك أن القيادي في حراك الريف قد يكون موظفا من أطراف معينة، لا سيما عند لجوئه إلى استعمال للخطاب الديني، وهو خطاب قد مغري وله قدرة على إنزال الناس إلى الشارع، وقد تبين لها أن زعماء الحراك هم أناس بسطاء وتكوينهم محدود ويتصرفون بنوع من العفوية".

وأضاف: "كانت وزارة الداخلية في السابق تشير بأصابع الاتهام لجماعة العدل والإحسان، ثم تراجعت هذه الأخيرة، وهناك من يشير اليوم إلى جماعات سلفية جهادية تعتقد أن دفع الناس إلى الشوارع وإحداث مواجهة بين الأجهزة الأمنية والعسكرية والمواطنين قد يكرر نموذج سورية وليبيا في المغرب".

ووصف ضريف هذا السيناريو بأنه يعكس رؤية بعض المغامرين الذين يرسمون الرؤى على الورق، ولا يعرفون الحقائق كما هي على الأرض".

وحول الأسباب الكامنة وراء اشتعال الأحداث في منطقة الريف المغربي، رآها ضريف ذات وجهين: مباشر متمثل في المطالب الاجتماعية المتصلة بالبطالة والفقر، وغير مباشرة تتصل بتاريخ المنطقة وهوية سكانها من جهة وبنتائج الانتخابات الأخيرة.

وقال ضريف: "لقد كانت السلطات دائما ما تركز في مواجهة الاحتجاجات على الذين يتحكمون في الحراك ولا تنفي مشروعية المطالب، لأن خروج مدينة بأكملها ليس عملا عفويا، وكانت السلطات توجه الاتهامات إلى تنظيمات يسارية جربت حظها في الانتخابات ولم تنجح، فعمدت إلى هذه التحركات للحصول على شرعية شعبية، أو تتهم جماعة العدل والإحسان بأنها تستغل بؤس الناس".

وأضاف: "لكن ما يجري اليوم في الحسيمة لا يجب أن ننظر إليه من هذه الزاوية فقط، ولا من زاوية المطالب الاجتماعية وحدها، فمنطقة الريف لها موقف مناهض للمركزية منذ العام 1958، وتتهم العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني بشن حرب ضدها، ولذلك يرفع المحتجون أعلام جمهورية الريف التي قامت بين عامي 1921 و1925".

ولفت ضريف الانتباه إلى أن "هذه الاحتجاجات في منطقة الريف انطلقت بعد الانتخابات التشريعية الأخيرة التي رآها أهل الريف فاسدة ولا تعبر عن أصواتهم، وتم استغلال حادثة مقتل بائع السمك محسن فكري، كما تم توجيه اتهامات للسلطة بأنها وقفت لصالح حزب الاصالة والمعاصرة".

وأشار إلى أنه لا ينبغي ربط احتجاجات الريف فقط بمقتل محسن فكري ولا بنتائج الانتخابات وحدها، وإنما أيضا باعتماد وزارة الداخلية لتقسيم منطقة الريف رفضه الريفيون، الذين يعتقد أن لهم جسما متماسكا وهوية تختلف نوعا ما عن هوية المغاربة، ولازالت تسكنهم ذكرى عبد الكريم الخطابي، وهم يرفضون أن يخضعوا بشكل مطلق للسلطة المركزية، وأن هذه الأخيرة هي التي يجب أن تخضع لهم".

وأضاف: "الريفيون ينظرون إلى اعتماد التقسيم الجهوي الجديد بأنه موق أوصال المنطقة الريفية على المستوى الإداري، حيث تم إلحاق جزء منه بالمنطقة الشرقية، وجزء ألحق بجهة فاس مكناس، وجزء ألحق بجهة طنجة تطوان".

وعن الأسباب السياسية للحراك قال ضريف: "نحن لا نتحدث عن انفصال وإنما عن تذمر من محاولة فرض أشخاص تمت مساعدتهم من طرف السلطة للولوج إلى البرلمان والمؤسسات المنتخبة، في إشارة إلى الأصالة والمعاصرة. وقد اكتشفت الدولة أن شبكة الأعيان الجدد التي حاولت صنعتها تبين أنها أنها انهارت أو غير فعالة"، على حد تعبيره.

وتصاعدت الاحتجاجات في المغرب، تضامنا مع "حراك الريف" في منطقة الحسيمة شمال المغرب، الذي يخوض منذ عدة أشهر أشكالا متعددة من الاحتجاج الاجتماعي.

وقد امتدت الاحتجاجات لتشمل العديد من المدن المغربية، رفضا لسياسة اعتقال عدد من قيادات ما يُعرف بـ "حراك الريف".

ورصد تقرير لصحيفة "العمق المغربي"، تحركات حاشدة في كل من مدن الرباط، الدار البيضاء، طنجة، أكادير، المضيق، مرتيل، الفنيدق، القصر الكبير، الناظور، مراكش، بركان العروي، وجدة، الدرويش، إمزورن، إضافة إلى مناطق أخرى مجاورة للحسيمة أبرزها بوديمان تروكوت بن طيب ايت قمرة اولاد امغار بني عبد الله سيدي بوعفيف تماسينت وغيرها، التي شهدت مظاهرات عقب صلاة التراويح ليوم أمس الأحد، احتجاجا على التصعيد الأمني للسلطات ضد حراك الريف، رافعين شعارات تندد باعتقال نشطاء الحراك وتدعو لإطلاق سراحهم وسحب قوات الأمن من شوارع الحسيمة وضواحيها.

وكان الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالحسيمة قد أعلن أول أمس السبت إيقاف شخصين على أيدي الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، ما رفع عدد الاعتقالات إلى 22 على إثر الأحداث الأخيرة التي وقعت في الحسيمة.

ووُجّهت للمعتقلين تهم المس بالسلامة الداخلية للدولة، والتحريض على ارتكاب جنح وجرائم، وإهانة موظفين عموميين أثناء أدائهم لمهامهم، ومعاداة رموز المملكة في تجمعات عامة وأفعال أخرى.

Top of Form

واندلعت الاحتجاجات في الحسيمة ومناطق أخرى شمال المغرب بعد أن حاولت السلطات اعتقال الناشط المعروف ناصر الزفزافي بعد مقاطعته لإمام مسجد أثناء إلقائه خطبة الجمعة.

ولم تعتقل السلطات الناشط الزفزافي الذي فر من المدينة في الوقت الذي خرج فيه أنصاره إلى الشوارع احتجاجا على محاولة اعتقاله.

هذا ودعا نبيل الأندلوسي، عضو فريق العدالة والتنمية بمجلس المستشارين، أسر معتقلي الحسيمة للتوجه للوكيل العام للملك للسؤال عن أماكن تواجد أبنائهم، وقال: "ألتمس من جميع الأسر المعنية للتوجه مباشرة إلى الوكيل العام للملك لدى استئنافية الحسيمة للسؤال عن أماكن تواجدهم بصفته ضابط سامي للشرطة القضائية".

وأضاف الأندلوسي، في تدوينة على صفحته بموقع التواصل الاجتماعي "الفايسبوك": "إن هناك عائلات تحتج أمام مفوضية الأمن بالحسيمة، وتستنكر اعتقال أبنائها دون معرفة أماكن الإحتجاز".

وبيّن أنه "من لم تحدد الدولة مكان اعتقاله أصبح مختطفا وتتحمل الدولة مسؤوليتها في ذلك".

وتابع الأندلوسي: أنه "إذا تأكد هذا سنكون أمام حالات اختطاف التي يجرمها القانون، وليتحمل المسؤول عنها مسؤوليته أمام القانون"، وفق تعبيره.

ويسود التوتر مدينة الحسيمة منذ تشرين أول (أكتوبر) الماضي بعد مقتل بائع أسماك سُحق تحت شاحنة قمامة أثناء محاولته استعادة أسماك صادرتها الشرطة.

مواضيع ذات صلة
المغرب.. أحكام بالسجن بحق معتقلي "حراك العطش" واستمرار محاكمة نشطاء "حراك الريف"
أصدرت المحكمة الابتدائية بمدينة "زاكورة" المغربية، اليوم الثلاثاء احكاما قاسية في حق مجموعة من معتقلي ما يُعرف بـ "حراك العطش"، تض...
2017-10-31 16:05:39
المغرب.. تصاعد "حراك الريف" وتوسعه قد يطيح بحكومة العثماني
اختلفت تقديرات المغاربة حول أعداد المشاركين في المظاهرة الوطنية التي جرت أمس الأحد، في العاصمة المغربية الرباط لدعم حراك الريف، لك...
2017-06-12 11:04:47
سياسي مغربي: الإفراج عن معتقلي "حراك الريف" يساعد على تخفيف التوتر في الريف
يسود الترقب المشهد السياسي المغربي بعد خطاب العرش الذي وجه فيه الملك محمد السادس انتقادات لاذعة لسلوك الأحزاب السياسية والإدارة في...
2017-07-31 13:24:03