الدوحة .. "المركز العربي" يناقش عوامل بقاء وهجرة وتهجير المسيحيين العرب بالمنطقة

افتتح المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، في العاصمة القطرية الدوحة، اليوم السبت، ندوة متخصصة عن العرب المسيحيين، والأسباب الاقتصادية والسياسية التي أدت لهجرتهم إلى الدول الأخرى.

ويشارك في الندوة التي تستمر على مدى يومين، وتحمل عنوان "المسيحيون العرب في المشرق العربي الكبير: عوامل البقاء، والهجرة، والتهجير"، 20 باحثًا من مختلف التخصصات في العلوم السياسية والاجتماعية من سورية ولبنان والأردن ومصر والعراق وفلسطين.

وبحسب القائمين على الندوة، فإن أهميتها تنبع من المخاطر التي يتعرض لها الوجود المسيحي في المنطقة العربية وتسارع "نزيف الهجرة إلى الغرب"، بعد نحو ألفي سنة من تعايش المسيحيين وتفاعلهم مع الإسلام ودوله المتعاقبة.

ويشيرون في هذا الصدد إلى توقعات مراصد الحركة الديمغرافية في المشرق العربي، والتي قدّرت أعداد المسيحيين فيه بنحو 14 مليونا، حيث توقعت تلك المراصد أنه لن يبقى فيه سوى 6 ملايين مسيحي خلال أقلّ من عقد من الزمان. 

الدور الغربي في تسهيل هجرة المسيحيين 

وبدأ المؤتمر بمحاضرتين، الأولى، لوزير الخارجية الأردني السابق كامل أبو جابر، تناول فيها "الدور الغربي في تسهيل هجرة المسيحيين من المشرق العربي"، حيث عرج فيها على العلاقة بين المسيحية الشرقية والمسيحية الغربية، ومايز بينهما، مشيرا إلى أن الغرب تاريخيًا لم يكن صديقًا للعرب؛ مسحيين ومسلمين. 

وأكد أبو جابر، أن المسيحيين العرب لم يطلبوا الحماية من الغرب يومًا، بل كانوا مندمجين دائمًا في المجتمع الإسلامي، مؤكدا أن "المسلمين لم يتسامحوا مع المسيحيين، بل قبلوا العيش مع المسيحيين؛ فالتسامح يعني الرضا بالعيش المشترك إكراهًا، أما القبول، فيعني التساوي في حقوق العيش على أرض واحدة طواعية من المسلمين والمسيحيين".

وذهب المحاضر إلى أن تهجير المسيحيين من المشرق العربي، هو "عداء للقومية العربية بحد ذاته، وهو ما يصب في خدمة إسرائيل؛ لأن القومية العربية تجمع بين المسلم والمسيحي وجميع العرب، بغض النظر عن دينهم، فضلًا عن أن هذا التهجير هو ما سيحرم الحضارة العربية الإسلامية من جوهرها الأساسي المتمثّل في التعددية"، ولذلك فإنه يرى أن "هجرة المسيحيين العرب ليست مشكلة مسيحية فحسب، وإنما عربية إسلامية عامة.

مأزق مشروع المواطنة

وكانت المحاضرة الثانية للمؤرخ وجيه كوثراني، والتي حملت عنوان "في مأزق مشروع المواطنة وتعثّر الانتقال من نظام الرعية والملة إلى الدولة الوطنية: أوهام التسامح والحماية".

ووجد فيها المؤخر كوثراني، مسارين مترابطين رافقا عملية التحوّل التاريخي للدولة في البلدان العربية، ولا سيما تلك البلدان التي ارتبط تاريخها بتاريخ السلطنة العثمانية هما: "مسار التحوّل من دولةٍ سلطانية، (أي إمبراطورية متعددة الأديان والإثنيات) إلى دول/ أمم، ومسار يضرب بجذوره عميقًا في التجربة التاريخية الإسلامية، ويتعلّق بمسألة "أهل الذمة" في الدولة المسمّاة "دولة إسلامية".

وخلص المحاضر إلى أن الاستشهاد بنظام الملل بصفته "نظامًا متسامحًا" حيال المسيحيين، عملًا بقاعدة عهود "أهل الذمة" في التاريخ الإسلامي، لا يصلح البتة لأنظمة تقول دساتيرها "بحقوق المواطنة" و"المساواة" بين المواطنين.

واقع المسيحيين العرب قبل الدولة الوطنية

تضمنت الجلسة الأولى من المؤتمر ثلاث مداخلات عن واقع المسيحيين قبل نشوء الدولة الوطنية العربية الحديثة. 

وقدم الباحث يوسف كرباج مداخلة بعنوان "المسيحيون العرب في الإمبراطورية العثمانية: من معركة مرج دابق إلى معركة عين دارة"، وجد فيها أن تعداد المسيحيين كان يقارب 7 في المائة من سكان المشرق العربي، عندما ورث العثمانيون الهلال الخصيب من المماليك.

وأضاف أنه "وبعد ثلاثة قرون، شكلت هذه النسبة نحو 30 في المائة (8 في المائة في مصر)، بعد بضعة قرون من السلطة العثمانية السنية، تضاعفت الطائفة المسيحية أربع مرات بفضل مواردها الديموغرافية: الولادية والوفاتية، وليس من خلال مساهمة الهجرة الأجنبية كما هو الحال في ظل الحروب الصليبية.

المسيحيون العرب في الإمبراطورية العثمانية: 

من جهتها تناولت الباحثة حلا نوفل في محاضرتها التسلسل التاريخي الذي بدأه يوسف كرباج، في مداخلة لها بعنوان: "المسيحيون العرب في الإمبراطورية العثمانية: من معركة عين دارة إلى الحرب العالمية الأولى".

وأشارت إلى أن معركة "عين دارة" في العام 1711، أثرت في التركيبة  الاجتماعية في جبل لبنان، إذ هاجر الدروز، المنقسمون بين قيسيين ويمنيين، على نطاق واسع إلى الداخل السوري في حوران وحل محلهم بالتدريج المسيحيون الموارنة.

وأوضحت أن المسيحيين استفدوا من عدم تدخل السلطة العثمانية في شؤون الجبل اللبناني والجماعات المسيحية في كامل بلاد الشام، إلى درجة أنهم جعلوا السلطة المحلية تنتقل إلى أيدي مسيحيين مثل أسرة شهاب التي اعتنقت المسيحية.

وقد تبع ذلك هجرة مسيحيين من دمشق إلى لبنان بعد دخول جيش محمد علي باشا دمشق؛ ما عزز النفوذ السياسي للمسيحيين في لبنان لعوامل تتعلق بالنمو الديموغرافي وتعزيز سلطتهم السياسية، وهو ما مهد للعنف الطائفي في بلاد الشام عام 1860.

أوضاع العرب المسيحيين الاجتماعية في مصر وبلاد الشام

أما المداخلة الثالثة، فكانت للباحثة فدوى نصيرات، بعنوان "أوضاع العرب المسيحيين الاجتماعية في مصر وبلاد الشام". تناولت فيها الأوضاع العامة للمسيحيين العرب في ظل الحكم العثماني 1516-1918، ومن ثم أوضاعهم الاجتماعية قُبيل حكم محمد علي باشا لمصر وبلاد الشام وخلاله. كما بحثت في الآثار التي تركها حكم محمد علي في الأوضاع الاجتماعية للمسيحيين العرب، ووصفت الباحثة أحوالهم الاجتماعية في ظل التنظيمات العثمانية. واختتمت مداخلتها بالآثار التي تركتها الإرساليات التبشيرية في حياة العرب المسيحيين الاجتماعية.

تجدر الإشارة إلى أن أعمال المؤتمر تستمر بمشاركة عدد من الباحثين المتخصصين العرب؛ إذ تناقش الجلسة الثانية الأوضاع السياسية والقانونية للمسيحيين العرب في المشرق العربي. 

مواضيع ذات صلة
السلطة: تعميق الاستيطان وتهجير الفلسطينيين يُفرغ المفاوضات من مضمونها
دانت السلطة الفلسطينية، اليوم الأربعاء مخططات الحكومة الاسرائيلية الاستيطانية الجديدة في مدينة القدس المحتلة، معتبرة أن تعميق الاس...
2017-09-06 20:15:40
محكمة إسرائيلية تعلّق هدم وتهجير "الخان الأحمر" لمدة أسبوع
أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية، مساء اليوم الاثنين، أمرا احترازيا جديدا، بتعليق هدم تجمع "الخان الاحمر" شرقي مدينة القدس المحتلة...
2018-07-09 21:23:05
القدس.. محكمة إسرائيلية تقرّر هدم "الخان الأحمر" وتهجير سكانه
قرّرت المحكمة الإسرائيلية العليا في مدينة القدس المحتلة، اليوم الأربعاء، هدم تجمع "الخان الأحمر" البدوي الواقع شرق المدينة، وتهجير...
2018-09-05 09:53:04