الطفل الجنيدي.. جانب من حكاية معاناة الطفولة اليومية مع الاحتلال

كأن من الممكن أن تمر حادثة اعتقال جيش الاحتلال للطفل فوزي الجنيدي من الخليل (جنوب القدس المحتلة) كأي حادثة اعتقال تتم بشكل يومي في الضفة الغربية، لولا أن عدسة أحد المصورين التقطت الصورة لتفضح جانباً آخر من معاناة الأطفال بسبب الاحتلال.

الطفل الجنيدي (16 عاماً) ظهر في إحدى الصور التي ضجّت بها مواقع التواصل الاجتماعي ونشرت في صحف عالمية، وهو محاطٌ بكتيبة من جنود الاحتلال ( قرابة 25 جندياً اسرائيلياً) يقتادونه بعد وقت قصير من اعتقاله صوب مركبة عسكرية خلال مواجهات بين الشبان والجنود.

الصورة شكّلت لوالد الطفل الجنيدي صدمة، حيث علم بنبأ اعتقاله من أحد الاقارب قبل أن تنتشر صورة طفله بوسائل الاعلام وحوله جنود الاحتلال، دون أن يعرف السبب وراء ذلك او الوضع الذي كان عليه نجله في تلك الأثناء لحظة اعتقاله والاعتداء عليه.

وفي حديثه لـ "قدس برس"، يضيف محمد الجنيدي(والد الطفل): "للبرهة الأولى صُدمت من عدد الجنود الذين يحيطوا بفوزي ودارت أسئلة سريعة في ذهني حول ما الذي يمكن أن يكون قد فعله، ولماذا هذا العدد الكبير من الجنود المدججين بالأسلحة يقتادون طفلاً اعزل لم يتجاوز السادسة عشرة بعد !".

الصورة حسب ما يرى الجنيدي تعكس جانباً من معاناة الأطفال في المنطقة الجنوبية بالخليل، والتحدي الذي يعيشونه مع الاحتلال، وسلسلة الاعتقالات التي يتعرضون لها بشكل شبه يومي سواء كانت خلال المواجهات او بدونها.

وأطلق الجنيدي مناشدة لكافة الجهات الحقوقية والرسمية بالتدخل للإفراج عن نجله الطفل المعتقل وجميع الأطفال ووقف هذه الانتهاكات التي تقتل طفولتهم.

من جهته، التقى محامي نادي الأسير مأمون الحشيم، الطفل الجنيدي في معتقل "عوفر"، مشيراً  إلى أنه بتاريخ 7 كانون الأول/ ديسمبر 2017، قام جندي بالاعتداء عليه بالضرب على صدره بسلاح m16 خلال مروره بالقرب من مواجهات في منطقة شارع التفاح في الخليل، متوجّهاً إلى زيارة لأقربائه.

ماذا فعل الجنود بالجنيدي ؟

وأضاف أن عدداً كبيراً من الجنود -(23 جنديّاً) كما ظهروا في الصّور الصّحفية المنشورة- التحقوا بالجندي الأول فتوالى غالبيتهم على شتمه وضربه وهو ملقى على الأرض، مستخدمين الأيدي والأرجل والأسلحة. 

وتابع المعتقل الجنيدي – حسب ما نقله نادي الأسير - أن جنود الاحتلال قيّدوا يديه بعد ذلك بمرابط بلاسيتيكية أدت إلى إحداث جروح في مكانها، كما غطّوا عينيه بقماش، واصطحبوه وهو حافي إحدى القدمين إلى منطقة "الكونتينر"، وكانوا خلال المسير يقومون بضربه وشتمه، ويزيدون بالضّرب كلما طلب منهم إحضار فردة حذائه التي سقطت من قدمه بفعل الضرب، إلى أن قام أحد الجنود بخلع الفردة المتبقيّة، وأكملوا به المسير وهو حافي القدمين.

وبيّن الطفل الجنيدي أن جنود الاحتلال قاموا بعد ذلك باحتجازه في غرفة معتمة، وقاموا بضربه فيها وبسكب الماء البارد على قدميه، والدّوس عليهما، واصفاً بأنه كان يشعر بأنه سيفقد الوعي من شدّة التعذيب.

وأشار إلى أن التّعذيب تسبّب له برضوض كثيرة في مختلف أنحاء جسده، أدّت إلى رفض إدارة معتقل "عتصيون" استقباله بسبب صعوبة وضعه، فتمّ تحويله إلى إحدى مستشفيات الاحتلال ومن ثمّ إلى معتقل "عوفر".

وأوضح المحامي الحشيم أن سلطات الاحتلال أخضعت الطفل الجنيدي للتّحقيق وهو مكبّل بالأصفاد الحديدية، ولم يسمح له بحضور عائلته أو محاميه للتحقيق أو الاتصال بهم، رغم إقرار القانون بهذه الحقوق، كما وقام المحقّق بدفعه للتوقيع على إفادة باللّغة العبرية دون ترجمتها.

يذكر أن محكمة الاحتلال مدّدت اعتقال الطفل الجنيدي حتى تاريخ ١٨ كانون الأول/ ديسمبر الجاري.

معاناة الأطفال اليومية

مدير برنامج المسائلة في الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال، عايد قطيش، اعتبر أن ما حدث مع الطفل الجنيدي يتكرر مع أغلب الاطفال الفلسطينيين، وما يرشح للعلن جزء بسيط من الممارسات التي يتعرضون لها.

وأضاف: "هذا مشهد ضمني لما يتعرض له الأطفال خلال عمليات الاعتقال ويعطي دليلاً  آخر على أن ما تقدمه المؤسسات الحقوقية حول الانتهاكات دقيق".

ويشير قطيش في حديث لـ"قدس برس" إلى أن موضوع الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال المعتقلون والتي تتمثل بإساءة المعاملة والتعذيب ومعايير المحاكمة العادلة، هي محل اهتمام منذ سنوات بحق الاطفال وهو مرتبط بمعلومات وحقائق يتم الحصول عليها من الاطفال من خلال الافادات التي يقدمونها.

ويوضح أن المؤسسة تحصل سنوياً على إفادات من 150 طفل يتعرضون للاعتقال ويعرضون أمام المحاكم العسكرية الإسرائيلية وهذه الإفادات تشكل مصدر معلومات حول حجم الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال خلال الاعتقالات والنقل والتحقيق.

ويضيف أن هذه الافادات، تؤكد أن إساءة معاملة الأطفال عبارة عن ممارسة منهجية ومستمرة بحقهم من قبل المحققين ورجال الشرطة والجيش، موضحاً أن تحليل الإفادات يشير إلى أن كل الاطفال المعتقلين يتعرضوا لشكل او آخر من التعذيب بهدف الحصول على اعترافات بالإكراه، وهي تشكل دليل إدانة أمام المحاكم العسكرية.

ومنح مهرجان السيدة إنسانية التشيكي، لإبداع الطفولة والتميز الثقافي والفني أمس "درع الطفولة المعذبة"، للطفل الأسير فوزي الجنيدي.

وسلّم رئيس المهرجان، فرانتشيك توماش تورك، "درع الطفولة المعذبة"، للأسير فوزي الجنيدي عبر سفير دولة فلسطين لدى جمهورية التشيك، خالد الأطرش، في احتفالية جرت أمس الجمعة، في مقر السفارة في العاصمة التشيكية براغ.

وقال تورك "لقد استطاع الطفل الجنيدي ببراءته وكبريائه أن يختصر عشرات الساعات من الشروحات، في صورته التي أظهرته شامخا متحملا، أسوة بالشعب الفلسطيني كله، في مواجهة طابور من الجنود المدججين بالسلاح والعدوانية".

وأضاف "لقد أحدثت صورة الجنيدي، بعد أن شاهدناها تجتاح كبريات الصحف العالمية، ووسائل التواصل الاجتماعي في كل مكان، فرقا في المشاعر الإنسانية، لصالح الطفولة الفلسطينية، التي تتعرض لانتهاكات إسرائيلية وعذابات مستمرة، تسحق القانون الدولي دون أدنى اعتبار لاتفاقيات تجرم هذا السلوك". 

وذكر تقرير صادر عن هيئة شؤون الأسرى والمحررين، اليوم الأحد، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي، تستخدم القوة المفرطة والتنكيل الشديد بحق المعتقلين الفلسطينيين، الذين تم اعتقالهم مؤخرا، والذين تجاوز عددهم خلال 10 أيام الى أكثر من 300 معتقل.

مواضيع ذات صلة
الطفل المحرر "فوزي الجنيدي" يُؤكد تعرضه للتعذيب من قبل الاحتلال
قال الأسير المحرر الطفل فوزي الجنيدي، إنه تعرض للضرب خلال اعتقاله من قبل جنود الاحتلال، وأثناء التحقيق معه، مما تسبب في كسر بكتفه ...
2017-12-28 12:00:35
"أبو يعقوب".. حكاية معاناة مع الاستيطان في بيت لحم
بين حراثة أرضه الزراعية، والاهتمام بشؤون أسرته المكونة من ثمانية أفراد، ينهمك الفلسطيني محمد عابدة (55 عامًا) من بيت لحم (جنوب الق...
2017-01-25 08:52:31
"شادي".. عندما يسرق الاحتلال فرحة الطفولة في رمضان
"لم يكن كسولاً في أيام رمضان، بل نشيطاً يخرج صائماً باتجاه محل عمه في الرام (شمالي القدس) ليساعده في إعداد الحمص والفلافل، للزبائن...
2016-06-09 11:54:36