يقع في "وادي الأفاعي" .. هذه حكاية أكثر مخيمات سوريا بؤسا
حالة من الأزمات المركبة، يعيشها اللاجئون الفلسطينيون في مخيم "دير بلوط" (شمالي سورية)، فرغم صعوبة العيش، وضنك الحياة، زاد من مرارتها تردي الأحوال الصحية نتيجة انتشار الحشرات مع حلول فصل الصيف.
مخيم "دير بلوط" والذي يصفه ناشطون في مجال العمل الإنساني بأنه من أكثر المخيمات الفلسطينية "بؤسا"، يقع في ناحية جنديرس بريف عفرين شمالي سوريا، بمنطقة اسمها وادي الأفاعي، وسمّيت كذلك لكثرة وجود الأفاعي والعقارب والحيوانات المفترسة.
يسكن المخيم حوالي 850 عائلة منها ما يزيد عن 350 عائلة فلسطينية، نصفهم من مهجري مخيم "اليرموك" للاجئين الفلسطينيين (جنوبي دمشق)، حيث يقيمون في في خيام وفرتها منظمة "أفاد" التركية بالتعاون مع الهلال الخيري التركي.
ويعاني الأهالي بالمخيم من انعدام مستوى الخدمات المقدمة، الأمر الذي أدى إلى انتشار الحشرات والقوارض التي تسببت في انتشار الأمراض، ما زاد على صعوبة الحياة تعقيدا في ظل خلو المخيم من العيادات سوى نقطة طبية وحيدة، لا تستطيع تغطية احتياجات المخيم من العلاج والدواء.
يقول اللاجيء الفلسطيني محمد أحمد "أبو مؤيد"، "نعاني كثيرا في مخيم بلوط، حيث تنعدم الخدمات، في ظل حياة بائسة داخل خيام لا تحمينا من حرارة الشمس في الصيف ولا البرد في الشتاء، ناهيك عن نقص المياه بما فيها مياه الشرب، وشح المساعدات".
ويضيف أبو مؤيد، لكن مازاد بالوضع كارثية، انتشار الحشرات بصورة واسعة، نتج عنها أعراض مرضية غير معروفة، حيث سببت الرعب للأهالي في ظل شبه انعدام للوحدات الطبية.
ويروي اللاجئ الفلسطيني تجربته الشخصية، بعد أن أصيب ابنه ذو الخمسة أعوام، من لسعات تلك الحشرات، والتي سببت لطفله آلاما شديدة ظهرت على شكل حروق انتشرت في كامل جسده الغض، والتي زادت من حدتها أشعة الشمس والحرارة بالخيام والتي نتج عنها ندبات وأورام.
ويضيف أبو مؤيد: "ضيق الحال الذي أعانيه جعلني عاجزا عن مساعدة صغيري وتخفيف آلامه.. اللهم سوى باستخدام المسكنات التي يحصل عليها من النقطة الطبية الوحيدة في المخيم كحل قصير المدى".
ويتابع حديثه " هنالك حشرات أراها لأول مرة في حياتي، حيث أن لسعاتها واعراضها غريبة وتسبب أوراما مؤلمة للغاية".
ويشير اللاجئ الفلسطيني إلى أن التكاليف الباهظة للعلاج في مدينة جنديرس والتي قد تصل إلى 5000 ليرة (نحو 10 دولارات) فضلا عن تكاليف المواصلات تجعل الكثيرين من الناس يلجؤون للمسكنات والمراهم التي تقدمها النقطة الطبية.
وفي السياق ذاته، أكد الناشط الفلسطيني إبراهيم الشهابي والمقيم في مخيم "دير بلوط"، أن ارتفاع درجات الحرارة هذا الصيف وفي هذه الفترة ساهم بشكل كبير في ظهور عدة أنواع من الحشرات ناهيك عن الأفاعي.
وأضاف أن المخيم يقع في منطقة اسمها "وادي الأفاعي"، نظرا لكثرة وجود الأفاعي فيها، حيث تهدد حياة اللاجئين الذين يقيمون في الخيام، ما يضطر الأهالي لمناوبة الحراسة الليلية حتى لا تدخل الأفاعي أو الحيوانات المفترسة إلى الخيام.
وأشار في هذا السياق، إلى أن من بين تلك الحشرات، بعوض المستنقعات وذبابة اللاشمانيا وكلب النهر بالإضافة للعقارب وسلطعون النهر وحشرة الحالوش التي تسبب قرصتها آلاما حادة.
وعن أعراض اللسعات التي يتعرض لها الأهالي، تحدث الشهابي، عن انتفاخ وحكة شديدة اذا كانت اللسعة في الوجه، أما اذا كانت باليد فإنها تحدث تشوها مكان اللسعة كما أن هذه الندبات تفرز القيح مع مرور الوقت، مشيرا إلى أن أغلب الإصابات يتعرض لها الأطفال والنساء وخاصة في الخيام القريبة من النهر.
كما أشار الشهابي إلى وجود الأمراض الجلدية كالفطريات التي بدأت تنتشر في الآونة الأخيرة وتظهر على منطقة البطن بشكل خاص والتي يعتقد أن سببها هو مياه النهر التي يسبح البعض فيها.
وناشد الشهابي الجهات المعنية بالتحرك العاجل للقضاء على الحشرات من خلال رش المبيدات اللازمة وتنظيف مجرى نهر عفرين كما طالب بتأهيل النقطة الطبية وإمدادها بما يلزم من الأدوية الفعالة اللازمة بحسب الواقع المعاش في المخيم والأمراض المنتشرة فيه وعدم الاكتفاء بالمسكنات.
وبحسب "مجموعة العمل" الفلسطيني، فقد سجلت النقطة الطبية في مخيم "دير بلوط"، أكثر من 50 حالة تعرضت للسعات بعوض المستنقعات وأن بعض الحالات استدعت اسعافها للمشافي في جنديرس نتيجة أعراض الاختناق التي صاحبت لسعات الحشرات.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها مخيمات اللاجئين الفلسطينيين لغزو الحشرات والقوارض فقد شهد العام الماضي انتشار مرض اللاشمانيا "حبة حلب" في المخيم كما شهد مخيم "أعزاز" في ذلك العام للعض من قبل الجرذان ما سبب حالة من الهلع بين الأهالي.
يشار إلى ان قرابة الـ 1500 عائلة فلسطينية، تقيم في مخيمات الشمال في ظل أوضاع انسانية صعبة رغم كثرة المناشدات والاعتصامات التي نفذها الفلسطينيون.