ذكرى غسان كنفاني.. القلم الذي هزم "إسرائيل"

"لك شيء في هذا العالم.. فقم".. عبارةٌ تغنّى بها الروائي الفلسطيني غسان كنفاني، حاملاً تلك الكلمات في جعبته وحبراً في كُتُبه، ثائراً في لجوئه، ومناضلاً بقلمه الذي غدا سلاحاً بوجه احتلالٍ ولجوء!

استحوذت كتابات كنفاني على كلّ من قرأها، فهو الذي يخطّ في أعماله المقاومة والصمود وألم التغريبة واللجوء والقهر، ليصل بتلك المشاهد المكتوبة الى 20 دولة بـ17 لغة.. ومن أشهر أعماله: عائد إلى حيفا، رجال من الشمس، أم سعد، عالم ليس لنا، أرض البرتقال الحزين، وغيرها.

ألمّ النكبة واللجوء والغربة استوحذ على الكثير من كتابات كنفاني، فبعد ولادته في عكا عام 1936، ودراسته الصفوف الأولى في المرحلة الابتدائية في يافا، حتى اندلعت الحرب عام 1948 واحتلّت "إسرائيل" بكلّ وقاحة وبدعمٍ خارجيّ قرىً ومدن فلسطينية عدّة، دفع عائلته للّجوء إلى العاصمة السورية دمشق هرباً من بطش العصابات الصهيونية "الهاغاناه".. ورغم اللجوء والتهجير واصل غسان رحلته في الدراسة ثمّ العمل والاجتهاد على طريق النضال بكافة أشكاله..

فكثيراً ما كان غسان يردد "الأطفال هم مستقبلنا"، لذلك قرّر تدريس أطفال مخيمه ليكونوا أصحاب حقٍّ أقوياء لا يتنازلون عن وطنهم.. كما كتب كنفاني الكثير من القصص التي كان أبطالها من الأطفال. ونُشرت مجموعة من قصصه القصيرة في بيروت عام 1978 تحت عنوان "أطفال غسان كنفاني".

بدأ غسان حياته الصحفية محرراً في صحف الكويت، إذ كان يكتب تعليقاً سياسياً بتوقيع "أبو العز".. وسياسيًا، كان كنفاني هو الناطق الرسميّ وعضو المكتب السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية. لكنه أبى إلا أن يستنطق القلم، فأسس مجلةً ناطقةً باسمها حملت اسم "مجلة الهدف". كما عمل في مجلة "الحرية" اللبنانية، وشغل رئاسة تحرير مجلة "المحرر" اللبنانية أيضاً.

ولم يمنع انشغال غسان بالعمل الوطني من أن يطرق الحبّ قلبه، فقد تزوّج غسّان عام 1961 بالناشطة الدنماركية "آني"، التي كانت مهتمة بالقضية الفلسطينية وبأوضاع مخيمات اللجوء الفلسطيني في لبنان، حيث زارت تلك المخيمات واطّلعت على الظلم الواقع على هذا الشعب.. ليُرزق غسان منها بولدين "فايز وليلى".

"كنفاني" الذي كرّس حياته للعمل الوطني لم يسدّد أيّ بندقية بوجه عدوه، لكن قلمه كان كافيًا ليجعل منه هدفًا ملحّاً للموساد الإسرائيلي.

ففي صباح الثامن من تموز 1972 استشهد "غسان" على أيدي مخابرات الاحتلال، عندما انفجرت قنبلة بلاستيكية ومعها خمسة كيلوغرامات من الديناميت في سيارته، أودت بحياته وابنة شقيقته "لميس حسين نجم" التي كانت برفقته.. وقد وجد المحققون إلى جانب السيارة المنسوفة، ورقةً كُتب فيها: "مع تحيات سفارة "إسرائيل" في كوبنهاغن".

ثمانية وأربعين عاماً من اغتيال غسان كنفاني لم يطمس اسمه، بل ما زال يومض في ذاكرة الشعوب، اغتيال لم يحقق الهدف الذي كان مقصوداً: إنهاء فكره النضالي وإسكات قلمه إلى الأبد، بل على العكس كان إنهاء حياته الدافع الأكبر لنشر أدبه والتفات العالم لكتاباته وللقضية الفلسطينية.

أسكتوا الروائيّ العاشق، لكنهم لم يُسكتوا حبّه للأرض، ولسانه وقلمه وكتاباته التي وصلت إلى مختلف قارات العالم.

مواضيع ذات صلة
الاحتلال يهدم نصبًا تذكاريًا لـ "غسان كنفاني" في عكا
هدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الإثنين، نصبًا تذكاريًا أقامه الفلسطينيون في مدينة عكا (شمالي فلسطين المحتلة)، للكاتب والقيا...
2018-12-17 09:13:55
دار نشر برازيلية تترجم مؤلفات الروائي الفلسطيني غسان كنفاني
أطلقت دار النشر البرازيلية (Tabla)، الخميس، كتاب "القنديل الصغير" بنسخته البرتغالية، للروائي الفلسطيني غسان كنفاني، وذلك بالتزامن ...
2022-07-29 16:41:17
فلسطيني يجسّد القلم والإزميل والريشة واللحن والصوت في لوحة إبداعٍ فريدة
كثيرون هم من يتقنون واحدة من الفنون الإبداعية كالخط أو الرسم أو النحت، ومثلهم أولئك ممّن يمتازون بجمال الصوت أو القدرة ع...
2016-09-13 10:04:44