عندما يكون الصحفي هدفا للسلطة والاحتلال .. الريماوي يروي لـ"قدس برس" كواليس اعتقاله

لم يمض على خروج الصحفي الفلسطيني علاء الريماوي، أسابيع قليلة من سجون الاحتلال الإسرائيلي، حتى تلقفته الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، ليعلن مباشرة دخوله في إضراب مفتوح عن الطعام استمر لثلاثة أيام، رافقته حملات شعبية وحقوقية مساندة، أسهمت في الافراج عنه دون توجيه أي تهمة بحقه.

بدأت قصة "الريماوي" بشكوى تقدمت بها وزارة الأوقاف الفلسطينية، بدعوى "ممارسته الخطابة يوم تشييع جثمان نزار بنات، في أحد مساجد محافظة الخليل، دون تكليف رسمي، بتهمة التعدي على مهام خطيب الجمعة المكلف من وزارة الأوقاف".

لكن "الريماوي"، الذي يعمل في حقل الصحافة منذ عقدين، يدرك تماما أن تلك التهمة ما هي إلا رسالة تهديد على خلفية موقفه المعارض بشدة لجريمة اغتيال الناشط السياسي نزار بنات، والذي جعلت منه مصدر "قلق" للسلطة الفلسطينية ونظيرتها الإسرائيلية، في آن واحد.

يروي الصحفي "الريماوي"، في حوار مع" قدس برس" تفاصيل اعتقاله في سجون السلطة الفلسطينية، قائلا: "لم يكن قرار النيابة العامة بتوقيفي مفاجئا، بعد انتقادي لجريمة اغتيال نزار بنات".

ويضيف: "لكن حسمت أمري مُبكرا، برفضي لسياسة الاعتقال، وتكميم الأفواه، ومصادرة حرية الرأي، دون تهم واضحة، ودخلت مباشرة باضراب مفتوح عن الطعام والشراب".

واعتبر الصحفي "الريماوي" أن اعتقاله "تغييب سياسي بحقه، صدر من أعلى رأس هرم في السلطة، وبتوقيع من وزير الأوقاف"، مشيرا إلى أن ذلك جاء "بعد كلمتي في صلاة جنازة (بنات)، حيث تم الترتيب لقرار حبسي بشكل ممنهج، وبالتالي هو غير متعلق بالمستوى السياسي فقط، وإنما بالحرية وتقييدها في الضفة الغربية المحتلة".

رسائل ترهيب

ولفت إلى أنه تم اقتياده من قبل النيابة الفلسطينية في رام الله (وسط الضفة الغربية المحتلة)، وتغييبه بشكل كامل دون إخبار ذويه، وبما يحول دون معرفة الناس لأي معلومة خاصة به".

ورأى "الريماوي" أن توقيفه وتغييبه، من قبل النيابة جاء لهدفين: الأول خلق حالة من الخوف والترهيب لكل معارض سياسي وصحفي بضرورة التزام الصمت، وعدم التعرض للسلطة بأي نوع من النقد.

أما الهدف الثاني - بحسب "الريماوي" -، فهو "تغييب الصوت المطالب بمحاسبة المتورطين في جريمة القتل، حيث أن النظام الفلسطيني الخاص بالسلطة، بات معروفا اليوم بفساده مع القضايا المجتمعية، من خلال سوء إدارة البلد أو حتى الانتهاك الصارخ لحرية الناس وقتلهم"، على حد قوله.

وأردف بالقول: "إلا أن قرار دخولي في اضراب مفتوح عن الطعام، وضع السلطة في أزمة بشأن كيفية التعامل معي".

أما عن طبيعة ما دار داخل غرف تحقيق المخابرات الفلسطينية، يقول "الريماوي": "كان الحديث يدور حول موقفي من السلطة ونظرتي إليها، وهو ما كنت أرد عليه بموقفي المبدئي المتمسك بحالة الاستقرار، كما أكدت على عدم تخوين الناس وتقييد حريتهم".

وأضاف: "بينت لهم أننا بحاجة إلى الإصلاح تحت القبة الفلسطينية، عبر انتخابات حرة ونزيهة تتعاطى مع ملفاتنا الداخلية وأزماتنا بروح وطنية وحدوية، وأن علاج المرحلة الحالية لا بد أن يبدأ من داخل السلطة والمجتمع المسؤول عن محاسبة الفاسدين، وعبر الدستور أيضا".

دوافع الاعتقال

وفيما يتعلق بدوره الصحفي بعد اعتقاله من قبل السلطة والاحتلال، فإن "الريماوي" يصر على مواصلة مشواره في كشف وجه الاحتلال الحقيقي أمام العالم، ووضع النقاط على الحروف في حال انتهكت السلطة حرية الرأي والتعبير مرة ثانية، مردفا: "لا يمكن لهذه الاعتقالات أن تخفض وتيرة الصوت، لأنه خيانة للناس والمباديء التي يحملها الإنسان وحتى للأجيال والمستقبل، لذلك نحن مطالبون بما يجب قوله واقعا لما نراه ونعايشه".

وفي معرض تعليقه على حالة الحريات في الضفة المحتلة، أشار إلى أن سقف شرعية أداء سلطة رام الله في الحريات قد سقط في اختبارين، الأول، "حينما ابتزت النشطاء والصحفيين والمعتقلين بنشر صورهم والتهديد بها إن لم يتوقفوا عن نقدها، وهو ما يعني اغتيالهم معنويا ونفسيا وعدم حفظ الأمانة".

ويتابع "الريماوي": "بينما الاختبار الثاني، يكمن في طريقة التعامل مع المعارضين من خلال ضربهم وسحلهم في الشوارع، عبر استخدام القوة المفرطة ضدهم، حيث أن السلطة أضفت إلى أدائها السياسي في الضفة، صورة أخرى من أنظمة الاستبداد في المنطقة العربية"، مضيفا: "السلطة تعاملت مع المعارضين ببلطجة غير مسبوقة، وهو ما يعني رفضها للرأي الآخر مهما كان لونه، وعدم قبول نهج المعارضة أي كان شكلها".

وختم الصحفي "الريماوي" حديثه مع" قدس برس"، بالتأكيد على ضرورة أن "نربى أنفسنا جيدا على كلمة لا، حيث لا للقمع ولا للخوف، ولا للاستبداد والاستحواذ على مقدراتنا الوطنية"، مشددا على ضرورة أن "يبقى الضمير الإنساني حيا".

ويدير "الريماوي" شبكة "جي ميديا" الإعلامية، ويعمل مراسلا لقناة "الجزيرة مباشر" القطرية، ويحظى بحضور على شبكات التواصل الاجتماعي.

مواضيع ذات صلة
"قدس برس" تكشف كواليس الاجتماع الأخير لـ"مركزية فتح"
كشف مصدر خاص لـ"قدس برس"، عن كواليس اجتماع اللجنة المركزية لحركة التحرير الوطني "فتح"، الذي عقد مساء أمس الثلاثاء، في مقر الرئاسة ...
2022-01-19 19:31:37
معطيات: الشرطة الإسرائيلية تغلق ملفات التحقيق عندما يكون الضحايا عرب
يعقوب أبو القيعان ومازن أبو حباك، آخر الأسماء في قائمة طويلة لشبان من الداخل الفلسطيني المحتل سقطوا برصاص شرطة الاحتلال خلال العام...
2017-04-14 19:32:07
مسعف يروي لـ"قدس برس" تفاصيل اعتداء جنود الاحتلال عليه قرب نابلس
قال المسعف في جمعية "الهلال الأحمر الفلسطيني" في نابلس محمد بعارة إن جنود الاحتلال انهالوا عليه بالضرب بأعقاب بنادقهم وأيديهم دون ...
2022-10-02 15:49:01