من مخيم "اليرموك" إلى البوسنة…لماذا يترك الفلسطينيون مخيمهم؟

في ضاحية قدسيا التي نزح إليها من مخيم اليرموك في العاصمة السورية دمشق، يعد أحد اللاجئين الفلسطينيين أيامه الأخيرة في المكان الذي ترعرع فيه، "فقبل فترة باع سيارته التي كان يعمل عليها، وها هو يجمع القرش على القرش مستعينا بالحوالات التي تأتيه من أخيه في ألمانيا، حتى يتمكن هو الآخر من الهجرة، والوجهة هذه المرة هي البوسنة".
يقول "مأمون" (47 عاما)، في حديثه لـ"قدس برس": إن "أحلامه بالعودة للمخيم تلاشت، بعد أن دمر منزله بالكامل، وبعد فشله في الحصول على ترخيص يمكنه بإعادة بناء بيته، فضلا عن منعه غير مرة من دخول المخيم من قبل الحاجز الأمني، وذلك على خلفية انخراط أقارب له في صفوف المعارضة".
ويضيف أصبحت البوسنة هي المحطة المفضلة لأبناء المخيم قبل الانطلاق منها إلى الدول الأوربية وعلى رأسها ألمانيا، مشيرا أن "العشرات تمكنوا من جمع مبلغ ستة آلاف دولار من خلال بيع ممتلكاتهم ومساعدة أقاربهم من المغتربين، وتركوا المخيم بعد أن فقدوا الأمل في أن يعود المخيم مثلما كان".
من جانبه، أوضح الناشط الفلسطيني، إيهاب أبو المجد، إن "التغييرات التي أحدثتها السلطات السورية في مخيم اليرموك، كلها في غير صالح أبنائه، والتي بدأت بإلغاء اللجنة المحلية المعنية بمتابعة شؤون المخيم، ومن ثم إزالة لافتة (مخيم اليرموك) وتحويل المخيم إلى شارعي اليرموك وفلسطين، وأخيرا قرار معاملة الفلسطيني معاملة الأجنبي، خاصة في مسائل التملك".
وأضاف أن "خيبة الأمل والخذلان الذي يشعر به الفلسطينيون دفع الكثير منهم إلى استصدار جواز سلطة وفيزا للسفر إلى جمهورية البوسنة من مطار بيروت ما يكلفه قرابة (6500) دولار أمريكي، ومن بعدها يدفع 2000 دولار حتى يصل إلى ألمانيا بعد أيام".
وحذر "أبو المجد" من "مخطط استكمال تهجير الفلسطينيين من المخيم من خلال التسهيلات التي تتاح لكل من امتلك تسعة آلاف دولار".
ولفت أن المتضرر الأكبر هم الفلسطينيون، الذين يقطنون في أحياء المهاجرين وركن الدين والمزة في العاصمة دمشق حيث توجد أحياء فلسطينية هناك، قيمتها بالمليارات، والتي لن يتم توريثها باعتبار قرار معاملة الفلسطيني معمالة الأجنبي، والأخير لا يمكنه أن يرث أو يورث.
ولا يزال مخيم اليرموك يفتقر لمقومات الحياة الكريمة رغم توقف المعارك منذ خمس سنوات، ويحاول من عاد إليه من الأهالي إعادة شيء من الحياة عبر فتح بضعة محلات هنا وهناك لتخديم الساكنين فيه، وفق مراسلنا.