نيران الحرب على غزة تصل "هوليوود" (بورتريه)

ليسوا أمام مشهد سينمائي، وليسوا في "بلاتو" التصوير، يتقمصون شخصيات رسمها كتاب السيناريو.
 
يقفون بشخصياتهم الواقعية دون أقنعة أو ماكياج أمام مشهد حقيقي لمذبحة تبث على الهواء مباشرة دون "سينماتوغرافي" حيث يبنى المشهد الخلفي الوهمي.
 
ربما، في غالبيتهم، ليسوا مسيسين، ولا ينطلقون في مواقفهم من خلفيات فكرية وثقافية عميقة.
 
لكن مشهد الإبادة الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال المارقة والمنبوذة فاق أي خيالي "سيكوباثي" ومريض.
 
جريمة لأول مرة في تاريخ البشرية تبث على الهواء مباشرة، وعلى مرأى من العالم.
 
نجوم سينما كبار، سيرتهم الفنية ثرية جدا، ويعتبرون من نجوم الصف الأول، ويحظون بمحبة ومتابعة الملايين، لم يستطيعوا الصمت، احترموا تاريخهم وإنسانيتهم، وتسلحوا بالشجاعة ليهتفوا بأعلى أصواتهم: فلسطين حرة، أوقفوا الإبادة الجماعية، أوقفوا إطلاق النار الآن.
 
يعرفون تماما أن إعلان مواقفهم المؤيدة لفلسطين ولغزة سيكلفهم الكثير، وسيضعهم على قائمة المقاطعين من شركات الإنتاج السينمائي والفني وحتى الورش الفنية ودورات التدريب على التمثيل.
 
فمن يتحكم بعاصمة السينما والترفيه العالمي في "هوليوود" التي تقع في مقاطعة "لوس أنجلوس" في ولاية "كاليفورنيا" بالولايات المتحدة الأمريكية هو رأس المال الصهيوني، الذي يسيطر على هذه الصناعة بجميع أنواعها وتخصصاتها وفروعها، الإنتاج والكتابة والإخراج والتوزيع والتمثيل والدعاية والترفيه بشكل عام.
 
25 بالمئة من أصحاب المليارات في الولايات المتحدة هم من اليهود الذين يشكلون 1.8 بالمئة من السكان، فيما تعتبر نسبتهم في "وول ستريت" ومؤسسات الحكم و"هوليوود" أعلى بكثير من نسبتهم بين السكان، فهم يسيطرون على غالبية وسائل الإعلام والصحف المركزية، وهم الرافد الأساس للتبرعات لدولة الاحتلال.
 
وأكثر من 100 شخص من أصل 400 من أصحاب مليارات الدولارات في الولايات المتحدة هم من اليهود، وهذا بحسب القائمة التي نشرتها مجلة "فوربس"، كذلك فإن 6 من أصل أكبر 20 صندوق ائتمان في الولايات المتحدة هي بملكية يهود، وكذلك الأمر في 'الكونغرس' والبيت الأبيض و"هوليوود" وشبكات التلفزة والصحافة الأميركية.
 
إن الولايات المتحدة هي من أكبر الدول ثراء في العالم، كما أن يهود الولايات المتحدة هم المجموعة الإثنية الأكثر ثراء في العالم.
 
أمام هذا الواقع المتشابك والمنسوج بعناية فائقة حول جميع أوجه الحياة في أمريكا، التي تبدو وكأنها في مصيدة صهيونية، يشعر كل من يعبر عن موقف مخالف للسرد وللرواية الصهيونية بأنه وقع في الفخ، أو في حقل الألغام، وبأن عليه أن يحمي صدره من سهام ورصاص النفوذ الصهيوني ولجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (أيباك) مجموعة الضغط التي تدافع عن السياسات المؤيدة لدولة الاحتلال لدى السلطتين التشريعية والتنفيذية للولايات المتحدة.
 
تضحية كبيرة وشجاعة فائقة يتطلبها الوقوف في وجه قوى الضغط المنظمة التي تطارد كل من يخالفها.
 
نجوم سينما وفنانون يعملون في مجال الترفيه اختاروا الوقوف مع إنسانيتهم بعيدا عن حسابات الربح والخسارة، لم يتعبوا ولم يملوا، هذا غيض من فيض، يقف في الصف الأول: مارك رفالو، سوزان ساراندون، جون كوزاك، وليام كننغهام، ماكليمور، بريان كوكس، أنجلينا جولي، رامي مالك، تيلدا سوينتون، جون ستيورات، فيغو مورتينسون، إيما تومبسون، داني كلوفر، والتر تشارلز دانس، روجر ووترز، أوليفيا كولمان، كيت بلانشيت، خواكين فينيكس، رامي يوسف، أندرو غارفيلد، وآخرون، كتبوا على حساباتهم الشخصية على منصات التواصل، ووقعوا على كثير من البيانات التي تدعو إلى وقف إطلاق النار ومحاسبة دولة الاحتلال وفرض عقوبات عليها.
 
رغم التهديد بعزلهم عن الشاشات، وإنهاء مسيرتهم الفنية، وخنقهم ماليا وإعلاميا، مشى عدد من ممثلي ومخرجي وفناني وكتاب "هوليوود" عكس رغبة القوى الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، وأيدوا الدعوى التي رفعتها دولة جنوب إفريقيا ضد الاحتلال في محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب إبادة جماعية في قطاع غزة.
 
ووقع أكثر من 1300 فنان وممثل، رسالة تتهم المؤسسات الثقافية الغربية بفرض رقابة على أولئك الذين يدعمون فلسطين.
 
ورفع ممثلون بارزون في "هوليوود" رسالة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن يحثونه فيها على الدعوة إلى "وقف فوري للتصعيد ووقف إطلاق نار في غزة تفاديا لخسارة مزيد من الأرواح".
 
 وأكدوا في رسالتهم أن "إنقاذ الأرواح واجب أخلاقي". وقالوا في رسائل عدة " نرفض أن نروي للأجيال القادمة قصة صمتنا، وأننا وقفنا مكتوفي الأيدي، ولم نفعل شيئا، فالتاريخ يراقب".
 
ولم تكن التهديدات بفقدانهم وظائفهم وتجميد حرفتهم ومهنتهم من قبل اللوبيات النافذة في أمريكا مجرد تهديد وكلام في الهواء، وإنما نفذ فعلا، فقد خسرت الممثلة الحائزة جائزة الأوسكار سوزان ساراندون دعم وكالة المواهب التي مثلتها، بسبب تصريحات لها خلال تظاهرة مؤيدة للفلسطينيين وقيادتها لأكثر من تظاهرة واعتصام، وبدت الأكثر نشاطا وشجاعة في دعم غزة، وتعج صفحاتها على منصات بكل ما يتعلق بغزة والجرائم التي ترتكب بحق أطفالها ونسائها.
 
أما الممثلة ميليسا باريرا، بطلة الجزأين 5 و6 من سلسلة أفلام "سكريم"، فقد قررت شركة الإنتاج استبدالها في الجزء السابع بحجة معاداة السامية، بعد ما نددت عبر منصة "إنستغرام" بحصول "تطهير عرقي في غزة". كما انسحبت الممثلة جينا أورتيغا من الفيلم بعد وقت قصير من تخلي شركة عن باريرا، نظرا لدعمها أيضا لفلسطين.
 
كما أجبرت مها دخيل (أمريكية من أصول ليبية) أحد كبار وكلاء "هوليوود" على التنحي من مجلس إدارة وكالة الفنانين المبدعين بعد تعرضها لانتقادات؛ بسبب وصفها الأحداث في غزة بأنها "إبادة جماعية".
 
يخاطر الكثير من المشاهير الذين يتخذون موقفا من الحرب الوحشية على قطاع غزة. لذا، من أجل الحصول على راحة البال، يختار غالبية المشاهير التزام الصمت. لكن، في هذا الصراع الذي بدأت ملامحه تتضح أكثر فأكثر يشعرون بأن عليهم التعبير عن مواقفهم، وهو ما يعرضهم للانتقاد، وحتى الصمت يعرضهم أيضا للنقد.
 
وتعرضت الممثلة والمغنية الأميركية سيلينا غوميز التي لديها 430 مليون متابع على "إنستغرام"، لانتقادات بسبب صمتها حول الموضوع.
 
ومثل مئات الأشخاص، بمن فيهم جينيفر لوبيز وخواكين فينيكس وجيجي حديد، اختارت غوميز الطريق الوسط توقيع عريضة "فنانون من أجل وقف إطلاق النار الآن".
 
يجد المشاهير ونجوم هوليوود أنفسهم وسط حقل إطلاق النار، فتأييد غزة أو الوقوف ضدها أو حتى الصمت لن يبقيهم في مأمن.
 
لكن من انحازوا إلى إنسانيتهم واستمعوا لأصوات ضمائرهم لم يتوقفوا وواصلوا الحديث وحتى التظاهر من أجل غزة غير آبهين بالتبعات التي قد تواجههم بسبب انحيازهم إلى صوت الضمير والإنسانية.
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
"الأورومتوسطي": منع الوقود عن مستشفيات غزة أداة قتل مباشر
يوليو 1, 2025
قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان (مستقل مقره جنيف)، الثلاثاء، إن منع "إسرائيل" إدخال الوقود إلى مستشفيات قطاع غزة يُمثّل أداة قتل مباشر ووسيلة تهجير قسري بحق السكان المدنيين، ويُحوّل المرافق الصحية إلى أماكن للموت بدلا من الرعاية. وأوضح المرصد في بيان صحفي، أن توقف المولدات الكهربائية وتعطل الأجهزة الطبية الحيوية يعرض حياة آلاف المرضى لخطر
كيف تستغل حكومة الاحتلال تصاعد اعتداءات المستوطنين في الضفة الغربية؟
يوليو 1, 2025
في الوقت الذي تتركّز فيه أنظار العالم على المجازر المتواصلة في غزة، تتسارع وتيرة الاستيطان والاعتداءات في الضفة الغربية بهدوء مريب، مستفيدة من حالة التعتيم والصمت الدولي. فالمشهد هناك لا يقل خطورة، حيث تحوّلت الضفة إلى مسرح لعمليات تهجير قسري وضم متسارع، في ظل رعاية مباشرة من حكومة الاحتلال، وغياب أي ردع أممي حقيقي. وسط
دفاع مدني غزة: يوم دامٍ في القطاع يسفر عن 70 شهيدا ومئات الجرحى
يوليو 1, 2025
قال المتحدث باسم المديرية العامة للدفاع المدني في قطاع غزة، محمود بصل، الثلاثاء، إن مدينة غزة شهدت منذ ساعات الفجر يوما داميا وصعبا بفعل عدوان الاحتلال "الإسرائيلي" المتواصل، حيث تم استهداف أكثر من 25 منزلا بشكل مباشر، بالإضافة إلى خمس تجمعات للمواطنين. وأوضح بصل أن الحصيلة الأولية للضحايا بلغت نحو 70 شهيدا، بينهم 11 شهيدا
تصعيد استيطاني في الضفة: حرق أراضٍ جنوب نابلس وبؤرة جديدة قرب أريحا
يوليو 1, 2025
شهدت الضفة الغربية، اليوم الثلاثاء، تصعيدًا خطيرًا في النشاطات الاستيطانية، تمثل بإحراق مستوطنين لعشرات الدونمات الزراعية في قرية مادما جنوب نابلس، شمالي الضفة الغربية، وإقامة بؤرة استيطانية جديدة في منطقة المعرجات شمال غرب أريحا،شرقي الضفة الغربية المحتلة. وقال رئيس مجلس مادما القروي، عبد الله زيادة في تصريح صحفي، إن "مستوطنين أضرموا النيران في أراضٍ زراعية
جيش الاحتلال يؤكد إطلاق صواريخ من قطاع غزة واليمن
يوليو 1, 2025
قال جيش الاحتلال الإسرائيلي إن "صاروخين أطلقا اليوم الثلاثاء، من قطاع غزة على الغلاف الجنوبي". وأشارت مصادر عبرية إلى أن "صفارات الإنذار دوت في عدد من المستوطنات المحاذية للقطاع". وفي سياق متصل قال جيش الاحتلال الإسرائيلي، في بيان، مساء اليوم  الثلاثاء، إن قواته رصدت إطلاق صاروخ قادم من اليمن وتقوم بالتعامل معه. وكانت جماعة "أنصار
 "الإغاثة التركية" تحذر من استمرار الإبادة في غزة وتدعو لعزل "إسرائيل"
يوليو 1, 2025
قالت هيئة الإغاثة الإنسانية التركية "IHH" (منظمة مجتمع مدني تُعنى بتقديم المساعدات الإنسانية في مناطق الأزمات حول العالم)، إن "المأساة الإنسانية في قطاع غزة مستمرة بفعل الهجمات (الإسرائيلية) المتواصلة"، متهمة المجتمع الدولي بالتقاعس في وقف الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين. وقال عضو مجلس الأمناء في الهيئة، عزت شاهين، خلال مؤتمر عقدته الهيئة في مدينة إسطنبول، اليوم