غانتس يهدد وبن غفير يرد.. ما مصير حكومة الحرب "الإسرائيلية"؟

يشتد التجاذب السياسي يوما بعد يوم داخل حكومة الحرب "الإسرائيلية"، فبعد تهديد الوزير في حكومة الحرب بيني غانتس مساء أمس السبت بالاستقالة إذا لم يوافق نتنياهو بحلول الثامن من حزيران/يونيو على خطة بشأن الوضع في غزة، تتضمن كيفية حكم القطاع بعد انتهاء الحرب مع حماس، هاجم وزير الأمن القومي للاحتلال إيتمار بن غفير غانتس متهما إياه بالتآمر لتفكيك الحكومة.
دوافع بيني غانتس
واستبعد سليمان بشارات الباحث في مركز "يبوس للاستشارات والدراسات الاستراتيجية"، أن تكون دوافع بيني غانتس للحديث الآن هي إيمانه المطلق بحالة الفشل لهذه الحرب وإمكانية إعادة الأسرى الإسرائيليين أو حتى إيمانه المطلق بدعم الولايات المتحدة الأمريكية أو بمواقفها.
ونوه في حديثه لـ"قدس برس"، بأنه "على مدار سبعة شهور الماضية كان بإمكان غانتس أن يخرج ويتحدث بالصوت العالي ويرفض كل السياسات التي يقوم بها مجلس الحرب، بل أنه في بعض الأوقات انخرط وانغمس في ذات الخطاب الذي كان يقدمه بنيامين نتنياهو".
ولفت إلى أن المرحلة الماضية كانت جميع استطلاعات الرأي تمنح غانتس تقدماً على معسكر نتنياهو وكانت تعطيه أفضلية ولكن في الأسابيع القليلة الماضية بدأ يتراجع شيئاً فشيئا حتى أن نتنياهو بدأ يستعيد قوته في استطلاعات الرأي بمقابل تراجع غانتس
ويعتقد بشارات أن الولايات المتحدة الأمريكية هي من أعطته الشجاعة لهذه الخطوة ليتحدث بهذا الشكل وبهذه الطريقة ويضع هذه المحددات وليس بالضرورة من قناعته الذاتية والداخلية.
وأشار إلى أن سكوته في الفترة الماضية فيما يتعلق بالأسرى كان هو سكوت بحثا عن مصالح ولم يكن خشية على حياة الأسرى الإسرائيليين أو قناعة بأن يكون لهم ضرورة أولوية في العودة.
ويرى بشارات أن الدوافع التي دفعت بني غانتس للخروج بهذا الحديث هو تراجع شعبيته الواضح جداً وتصاعد الحراك الإسرائيلي المجتمعي والشارع الإسرائيلي الداخلي المطالب بضرورة أن يكون هناك موقف وبدأت أصابع الاتهام توجه لغانتس بالتواطؤ.
وأضاف أن موقف الجيش وموقف غالانت وزير الجيش في المؤتمر الصحفي الأخير الذي أظهر أن هناك تململاً داخل المؤسسة الأمنية والعسكرية الإسرائيلية باتجاه المستوى السياسي وبنيامين نتنياهو وبالتالي كأن بني غانتس ضمن أن هناك قاعدة أوسع بدأت تتحرك في الخطاب المنتقد لبنيامين نتنياهو والمطالب بان يكون هناك عودة عن هذه الحرب وهذه من القضايا المهمة في هذا الإطار".
فرضية الانقسام الاسرائيلي
ويعتقد بشارات أن "هذا الأمر سابق لأوانه، ويحتاج إلى مزيد من الوقت ومزيد من المفاعيل والعوامل لكن في المنظور البعيد وكنتيجة لهذه الحرب ومتغيراتها قد نصل إلى هذه النتيجة لأن هذه الحرب بدأت تكشف أكثر من صراع وأكثر من خطاب وأكثر من فجوة داخل المجتمع الإسرائيلي ابتداء من صراع الهوية وتعريف اسرائيل نفسها وتقديم نفسها للعالم وصراع الثقة ما بين المستويات الإسرائيلية وما بين التيارات الفكرية والدينية والعلمانية وكذلك الأمر المستوطنين وسيطرة الأحزاب اليمينية المتطرفة وصراع ما بين المؤسسة الأمنية والمؤسسة العسكرية والسياسية إضافة إلى ذلك صراع الرواية والسردية الإسرائيلية للعالم ككل التي كانت هي رواية وسردية مقبولة وبل كانت مسموعة، والتي تلاشت الآن وهذا كله قد ينعكس بشكل أو بآخر على مفهوم التماسك السياسي والتماسك المجتمعي داخل المجتمع الإسرائيلي".
وأشار إلى "حجم الخسائر الميدانية وعدم قدرة الجيش الإسرائيلي على الحسم بعد سبعة شهور وعدم قدرة على تحقيق الأهداف الرئيسية التي انطلقت منها، هذه كلها عوامل مهمة جداً وحاضرة في حالة الصراع الموجودة في اسرائيل
إضافة إلى ذلك اهتزاز صورة إسرائيل أمام العالم وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية وصعوبة إعادة تسويق إسرائيل كالدولة المرتكز والدولة التي يمكن أن تشكل مظلة أمنية في منطقة الشرق الأوسط كما كان عليه في السابق ما قبل السابع من أكتوبر".
من جهته يرى الخبير في الشأن "الاسرائيلي" عصمت منصور، أن "بيني غانتس لم يستطع التعايش أكثر مع تجربة تجاهل نتنياهو له والسياسة التي يقودها، وأيضاً مطالبات الشارع له بالاستقالة، وكذلك خروج غالانت بمؤتمر ضد نتنياهو وسبق غانتس بخطوة".
وأوضح أن "غانتس يعول على استطلاعات الرأي وعلى قوته في الشارع والدعم الأمريكي له وأنه يستطيع من خلال هذا الضغط أن يعدل سياسة نتنياهو أن يذهب للانتخابات وأن يستبدل نتنياهو عبر مسار سياسي وطويل وقد يستغرق وقت لكن هو المسار الوحيد الذي يحفظ له قوته".
واستبعد منصور مسألة التفكك في المشهد الإسرائيلي حاليا، معتبرا أنها ليست مسألة أزمة سياسية وصراع عن الحكم بين أطراف تتبنى نفس السياسة حتى فيما يتعلق بغزة.
ويرى منصور أن "الحرب الآن عند مفترق طرق وكل طرف له سياسة محددة فغانتس يريد سيطرة أمنية إسرائيلية، ونتنياهو يريد حكم عسكري وبقاء في غزة واستيطان فيها".
وفيما يتعلق بمعركة رفح أشار إلى أن "هذه المعركة لها تداعيات مهمة لأن العالم كله ضدها ويقف بوجهها ولها خصوصية وتؤثر على مصر وعلى الولايات المتحدة كونها ترفضها ولذلك بالتأكيد هذا سيحدث هزة وخلخلة في إسرائيل ولكن ليس لدرجة أن تشكل هزيمة استراتيجية".
وأضاف أنه "من الممكن أن تتسبب الحرب بتفجير العلاقات أكثر مع الولايات المتحدة ومصر وتؤثر على مكانة إسرائيل ووضعها، إلا إذا قرر نتنياهو أن يتجاوب مع هذه المطالب وينسحب من المدينة أو يوقف العملية، اما لاستمرار فيها فهو يخاطر عملياً بعلاقاته مع حلفائه الإقليميين والدوليين، ويعرض حياة الجنود للخطر ويعرض نفسه لضغط الشارع الذي يرفض هذه العملية لما تنطوي عليها من مخاطر على حياة الأسرى".
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أميركية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة، إلى ارتقاء 35 ألفا و456 شهيدا، وإصابة 79 ألفا و476 آخرين، إلى جانب نزوح نحو 1.7 مليون شخص من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.