حزب الله يصعّد استهدافاته لمواقع إسرائيلية "حسّاسة".. ما هي الرسائل؟

تتواصل وتتصاعد وتيرة العمليات العسكرية المتبادلة بين "حزب الله" اللبناني و جيش الاحتلال الإسرائيلي على طول الحدود، الأمر الذي يحمل دلالات عديدة، خاصةً مع ارتفاع تأثير أداء المقاومة في لبنان وتطور عملياتها العسكرية داخل كيان الاحتلال، بالتزامن مع توسيع ضربات قوات الاحتلال في لبنان.
حيث هاجم الحزب، على مدار يومين، عدة أهداف "حساسة" للاحتلال، من بينها "ثكنة يردن" في الجولان السوري المحتل، ومقر قيادة فرقة الجولان 210 في "ثكنة نفح"، و مقر "فرقة الجليل" شرق ديشون، إلى جانب عشرات المواقع والأهداف على طول الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة.
وفي هذا الإطار، قال الأكاديمي والخبير الاستراتيجي اللبناني، علي دربج، إنّ "التصعيد المتعمّد من المقاومة في لبنان، والذي تخطّى الحدود الجنوبية إلى عمق الشمال الصهيوني يحمل في طيّاته توجيه رسائل ردعيّة للاحتلال الإسرائيلي، وهي تتفوق على العدو بردّات الفعل عقب كل عملية تقوم بها".
وأضاف دربج، في تصريح خاص لـ"قدس برس"، اليوم الإثنين، أن "الرسائل النارية والنوعية التي توجّهها المقاومة في لبنان إلى الإحتلال الصهيوني، تزامنت مع انتقاء أهداف استراتيجية نوعاً ما، وقامت بضربها، الأمر الذي أفقد جيش الاحتلال الصهيوني صوابه، ودفعته إلى ضرب الأهداف المدنية والسكنية".
وأشار إلى أن "كل محاولة للاحتلال للتحلّل من قواعد الاشتباك أو فرض معادلات جديدة؛ تقابلها المقاومة في لبنان بـ ردّ صاعق يمنع العدو الصهيوني من تحقيق أهدافه".
ولفت الخبير الإستراتيجي إلى أن"الرد (الإسرائيلي) مضبوط ومدروس تحت سقف المعادلة التي رسمتها المقاومة، علماً أن المقاومة لم تكشف بعد عن كل ما لديها من إمكانيات أو مفاجآت".
بدوره، أكد الكاتب والمحلل السياسي، إبراهيم المدهون، على أن "الرسائل التي تودّ المقاومة في لبنان إيصالها بعد رفع منسوب استهدافاتها لمواقع قوات الاحتلال الصهيوني هي رسائل ردعيّة".
وقال المدهون في تصريح خاص لـ"قدس برس" إن "الرسالة الأولى هي رسالة إسناد للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، ومن أجل الضغط لوقف إطلاق النار ووقف العدوان المستمر على القطاع".
وأضاف أن "الرسالة الثانية هي كبح جماح الاحتلال الإسرائيلي وردعه من التهوّر نحو حرب واسعة وشاملة مع لبنان".
وأشار إلى أن"الرسالة الثالثة هي استغلال فرصة التصعيد من أجل ضرب أهداف دقيقة لقوات الاحتلال الإسرائيلي وإيلامه بها".
واعتبر أن "الاحتلال الإسرائيلي بات اليوم أمام خيارات صعبة ومعقّدة، وخاصّةً أن جيش الاحتلال الإسرائيلي مُنهَك في حربه مع قطاع غزة، فهل يستطيع أن ينقل المعركة إلى الجبهة الشمالية ومواجهة مقاومة قوية وأكثر تفوّقاً من الناحية التكنولوجية عمّا شاهده في قطاع غزة!؟".
من جهته، أكد الكاتب والباحث في الشأن السياسي، محمد أبو ليلى، على أن "المقاومة في لبنان تهدف من رفع منسوب استهدافاتها لمواقع قوات الاحتلال الإسرائيلي إلى زيادة الضغط على الجبهة الداخلية، وبالتالي الضغط لأجل التحرك باتجاه الزام حكومة الاحتلال بوقف إطلاق النار في قطاع غزة".
وأضاف أبو ليلى في تصريح خاص لـ"قدس برس" أن "المقاومة تفرض معادلة استراتيجية مفادها أن لديها القدرة العسكرية الكافية في ضرب أيّ هدف لم يكن يتوقّعه العدو الصهيوني، إن كان لناحِية أهميته أو حساسيّته".
ورأى أن "الحزب يحمل رسالة إلى قادة الكيان الصهيوني بأن المقاومة في لبنان لا تخاف الحرب، وهي مستعدة لها، وأن ما في جعبتها هو خارج نطاق تصور الإحتلال في حال اقدم على أيّ حرب كبيرة مع لبنان".
كما أشار إلى أن "الحزب يريد أن يضغط باتجاه الدول الفاعلة في المنطقة، وخاصةً الولايات المتحدة الأميركية التي لا تريد توسيع نطاق الحرب في المنطقة، وبالتالي الضغط على قادة الكيان الصهيوني للقبول بالصفقة ووقف العدوان".
ويشهد جنوب لبنان منذ الـ8 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تبادلا شبه يومي لإطلاق النيران، بين "حزب الله" اللبناني، بالتعاون مع "كتائب القسام - لبنان" الجناح العسكري لحركة "حماس"، و"سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي"، و"قوات الفجر" الجناح العسكري لـ "الجماعة الإسلامية" في لبنان (الإخوان المسلمين)، ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي، ردا على عدوان الأخير على قطاع غزة.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أمريكية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة، إلى ارتقاء 36 ألفا و479 شهيدا، وإصابة 82 ألفا و777 آخرين، إلى جانب نزوح نحو 1.7 مليون شخص من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.