تدشين "المنطقة العازلة" في غزة.. الاحتلال يدفع غزة نحو "خطر المجاعة"

مرت الأشهر التسعة من الحرب الإسرائيلية على القطاع، لم يستطع خلالها المزارع سمير أبو دقة الوصول لأرضه الواقعة على الشريط الحدودي في منطقة "الزنة" شرقي مدينة خان يونس جنوب القطاع، بعد أن أعلن الاحتلال ضم الشريط الشرقي للقطاع ضمن ما يعرف بـ "المنطقة العازلة".

يقول أبو دقة لـ"قدس برس": "ورثت أرضي من أبي وهي مصدر رزقي الوحيد الذي أعيش عليه أنا وأسرتي المكونة من ثمانية أفراد منذ ما يزيد عن عشرين عاما، إلا أن هذه الحرب أفقدتني مصدر رزقي بعد أن صادرها الاحتلال، وضمها للمنطقة العازلة شرق القطاع".

تقع أرض أبو دقة على بعد 600 متر من الشريط الحدودي الشرقي للقطاع، وكان جيش الاحتلال قد صنف المنطقة الحدودية للقطاع بعمق ألف متر داخل القطاع كمنطقة عازلة يحظر وُجود أي عنصر بشري فيها، أو القيام بأي نشاط زراعي أو عمراني.

ووفقا لتقديرات أممية، فإن المنطقة العازلة تحرم القطاع من نحو 16 بالمئة من مساحته، بإجمالي سبعة وخمسين كيلو مترا مربعا، من أصل ثلاثمئة وستين كيلو مترا هي إجمالي مساحة قطاع غزة.

وتصنف المنطقة الحدودية للقطاع على أنها المنطقة الأكثر وفرة من ناحية الإنتاج الزراعي، نظرا لخصوبة التربة ووفرة المياه الجوفية، إذ تنتشر الدفيئات الزراعية بصورة كثيرة في تلك المناطق، كما تنتشر العديد من المحاصيل وأكثرها شهرة البطاطا والطماطم والزيتون والذرة والفراولة.

ولطالما ساهمت هذه الأراضي في توفير احتياجات القطاع من الاستهلاك المحلي من الخضروات والفواكه، حتى في أوقات الحروب والحصار الإسرائيلي للقطاع.

ومن جهته يشير الخبير الاقتصادي أحمد أبو قمر، في حديث لـ"قدس برس" أنه "على صعيد الحرب الإسرائيلية على القطاع، شكل المحصول الزراعي المحلي الذي تم جنيه من أراضي المنطقة الشرقية للقطاع، عنصرا رئيسيا في تأمين الجبهة الداخلية وتعزيز صمود الفلسطينيين طيلة أشهر الحرب، بالرغم من إغلاق الاحتلال للمعابر منذ اليوم الأول لبدء عدوانه على القطاع".

وأضاف أبو قمر: "يعود الفضل في ذلك إلى الاستراتيجية التي سعت لبنائها حكومة حماس في غزة، من خلال بناء ما يعرف بالاقتصاد المقاوم، بتطوير القطاع الزراعي وتحويل غزة ضمن المناطق المكتفية ذاتيا".

وتابع: "كان الهدف من ذلك هو التغلب على هدف الحصار الذي فرضته دولة الاحتلال على القطاع منذ العام 2006، وقد نجحت حكومة حماس نسبيا في ذلك عبر تأمين اكتفاء ذاتي من الخضروات بنسبة تجاوزت 55 - 80 بالمئة".

كما يؤكد "أبو قمر"، "لقد تجاوزت غزة في مرحلة من المراحل وتحديدا في العام 2022 مرحلة الاكتفاء ذاتياً، وسجلت نجاحا في تصدير شحنات من الطماطم والفراولة للأسواق العربية والأوروبية".

إذ يشير تقرير جهاز الإحصاء الفلسطيني الصادر في العام 2022، أن القطاع الزراعي في غزة يعد رافعة رئيسية بالنسبة للاقتصاد المحلي، حيث يساهم في توفير 20 ألف فرصة عمل، كما تشكل الصادرات الزراعية نحو 50 بالمئة من إجمالي الصادرات بنحو 32 مليون دولار سنويا.

ومنذ أن بدأ الاحتلال عمليته في مدينة رفح في الـ6 من أيار/مايو الماضي، فرض الجيش سيطرة على طول الشريط الحدودي مع قطاع غزة بطول 40 كيلو مترا.

تسببت هذه العملية بنقص في الإنتاج الزراعي، بعد أن سيطر الاحتلال على آخر ما تبقى من الأراضي الزراعية، وبدأ مواطنو القطاع يلاحظون تراجعا في الإنتاج الزراعي من الأسواق، وارتفاعا كبيرا في أسعار ما هو متوفر من الخضروات.

وقد حذر كل من وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، مارتن غريفيث، ومدير منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة "فاو"، أوليغ كوبياكوف، من "شبح المجاعة" الذي بدأ يظهر في غزة بعد أن دمر الاحتلال آخر ما تبقى من الغطاء النباتي في رفح.

ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أمريكية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.

وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة، إلى ارتقاء 37 ألفا و 84 شهيدا، وإصابة 84 ألفا و 494 آخرين، إلى جانب نزوح نحو 1.7 مليون شخص من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
الاحتلال يناقش خطة لبناء وحدات استيطانية خلف جدار "الفصل العنصري" في الضفة الغربية
يوليو 1, 2025
كشفت مصادر عبرية النقاب عن أن ما يسمى المجلس الأعلى للتخطيط التابع لجيش الاحتلال، سيناقش غدا الأربعاء مخططا استيطانيا لبناء 267 وحدة استيطانية في مستوطنتي معاليه عاموس جنوب شرق بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة، وغاني موديعين المحاذية لجدار الفصل العنصري قرب رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، وقالت حركة "السلام" الإسرائيلية المتخصصة بمراقبة النشاطات
إدارة ترامب توافق على صفقة أسلحة بقيمة 510 ملايين دولار لصالح دولة الاحتلال
يوليو 1, 2025
وافقت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على صفقة أسلحة لصالح دولة الاحتلال الإسرائيلي بقيمة 510 ملايين دولار. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان لها، إن الصفقة التي تمت الموافقة عليها تشمل أكثر من سبعة آلاف مجموعة توجيه للقنابل من نوع “ذخائر الهجوم المباشر المشترك” بنوعين مختلفين. وجاء في بيان الوزارة: “الولايات المتحدة ملتزمة بأمن إسرائيل،
أبو محفوظ: فصل موظفين في أونروا لبنان يخدم الاحتلال ويستهدف تصفية الوكالة
يوليو 1, 2025
دعا القائم بأعمال الأمين العام لـ "المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج" هشام أبو محفوظ، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في لبنان إلى التراجع عن قرار فصل عدد من موظفيها، مشددًا على أن الخطوة تمثل "خدمة مجانية للاحتلال الإسرائيلي" وتتماهى مع محاولاته لتصفية الوكالة. واستنكر أبو محفوظ، في تصريح صحفي مكتوب تلقته "قدس برس" اليوم الثلاثاء،
طفل في الكويت شهيد في غزة: كيف طوّر حكم العيسى قدرات المقاومة؟
يوليو 1, 2025
أبو عمر السوري، أو "الصحابي" كما يسميه أهل غزة الذين عاش بينهم طويلًا، هما كنيتان لرجل واحد: حكم العيسى، القيادي في "كتائب القسام"، وأحد من ساهموا في تطوير تجربتها العسكرية. تنحدر عائلته من بلدة "رامين" قضاء طولكرم في شمال الضفة الغربية، وقد نعت العائلة ابنها بفخر واعتزاز. وُلد العيسى في دولة الكويت عام 1967، وأكمل
استشهاد 27 فلسطينيا بنيران الاحتلال في غزة بينهم 12 من منتظري المساعدات
يوليو 1, 2025
أعلنت مصادر طبية فلسطينية في قطاع غزة استشهاد 27 فلسطينيا منذ فجر اليوم الثلاثاء، بنيران قوات الاحتلال، بينهم 12 من منتظري المساعدات. وأكدت مصادر في مجمع ناصر الطبي استشهاد 8 فلسطينيين في عدوان الاحتلال على جنوبي قطاع غزة منذ فجر اليوم بينهم 3 شهداء من منتظري المساعدات. كما ارتقى شهيد بنيران جيش الاحتلال أثناء انتظاره
صحة غزة: تسجيل 337 إصابة بمرض السحايا بينها 259 حالة فيروسية والأعداد في ارتفاع سريع
يوليو 1, 2025
أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة تسجيل 337 إصابة بمرض السحايا، من بينها 259 حالة فيروسية، محذّرة من ارتفاع مقلق في عدد الإصابات اليومية في ظل تدهور الأوضاع الصحية والمعيشية في القطاع المحاصر. وأوضحت الوزارة أن هذا التفشي الخطير يأتي في وقت يعاني فيه القطاع من اكتظاظ شديد في مراكز الإيواء، ونقص حاد في المياه