المقاطعة في الكويت جبهة جديدة لدعم غزة.. هل تصمد؟

استطلاع: "مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل" الأولى على قائمة الطرق الأكثر تضامناً مع غزة بنسبة 83.6%
شكلت دولة الكويت حالة متقدمة من بين دول المنطقة في التضامن مع قطاع غزة منذ العدوان الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ولم تدخر أي وسيلة في سبيل دعم القطاع المنكوب.
 
ويشير مراقبون إلى أن دعوات مقاطعة الشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، كانت على رأس حملات الدعم الشعبي الكويتي لغزة.
 
وعي شعبي
من جانبه، اعتبر رئيس فريق "كويتيون دعماً لفلسطين" (فريق تطوعي) عبدالله الموسوي، أن "إحياء حالة المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الداعمة للكيان الصهيوني في الوطن العربي من بركات معركة طوفان الأقصى".
 
وقال الموسوي لـ"قدس برس"، إن "المقاطعة الشعبية الكويتية للمنتجات الداعمة للاحتلال في حالة ارتفاع وانخفاض ولكنها مستمرة".
 
وأضاف أنه "عندما أذهب للمطاعم بمختلف مستوياتها أجد المواطن والمقيم على حد السواء يسأل عن بدائل المشروبات الغازية الداعمة للكيان الصهيوني، وفي حال عدم توافرها يطالبون المطعم بتوفير البديل أو الاكتفاء بالماء والعصائر مع الوجبة"، مشيراً إلى أنها "ثقافة فرضت نفسها في الكويت بصورة لافتة".
 
وأوضح الموسوي أن "حالة الوعي تجاه المقاطعة ترجمتها ردود فعل من أسألهم من مختلف الفئات العمرية"، مبيناً أن "خلاصة الإجابات تنتهي إلى أن السلاح الذي بيدنا هو المقاطعة الاقتصادية بالإضافة للدعاء لهم وتقديم الدعم المالي والاهتمام الإعلامي".
 
ويؤكد عضو "حركة مقاطعة إسرائيل" (بي دي إس) فرع الكويت مشاري الإبراهيم لـ"قدس برس"، أن "حالة الوعي الشعبي ازدادت من بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، خصوصا بمسألة المقاطعة من الدرجة الثانية، وهي مقاطعة المنتجات الداعمة، وليس بالضرورة أن تكون منتجات صهيونية المصدر".
 
وأشار الإبراهيم إلى أن فريق "حركة مقاطعة إسرائيل" في الكويت ينظم عدداً من المبادرات التوعوية من ندوات وورش عمل وحملات إعلامية لنشر الوعي حول أهمية المقاطعة والتعرف على كيفية رصد المنتجات الداعمة للكيان الصهيوني.
 
تعزيز المنتج المحلي
يرى المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز "ريكونسنس" للبحوث والدراسات (مستقل مقره الكويت)، عبدالعزيز العنجري، أنه منذ أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، "شهدت الكويت موجة مقاطعة عفوية ضد المنتجات الأمريكية، وخاصة الشركات الكبرى مثل بيبسي، كوكاكولا، مكدونالدز، وستاربكس".
 
وأضاف العنجري خلال حديثه لـ"قدس برس" أنه "بالرغم من أن الحملة لم تكن ممنهجة أو رسمية، إلا أنها خلقت تفاعلاً عفوياً كبيرًا ضد سياسات الولايات المتحدة".
 
وأشار إلى أن "هذه الحملات تركزت على تشجيع المواطنين (الكويتيين) على الابتعاد عن هذه المنتجات دعماً للقضية الفلسطينية، واعتمدت بشكل أساسي على الاعتصامات الشعبية، والندوات العامة، وحملات عبر وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الوعي حول البدائل المحلية، مثل شركات المشروبات الغازية المحلية وشركات الأغذية الكويتية".
 
وأوضح العنجري أن الكويت "لا تمتلك نظامًا محاسبيًا دقيقًا ومعلنًا يمكّن من قياس الإيرادات والمبيعات بشكل موثوق كما هو الحال في بعض الدول الأخرى، مما يجعل من الصعب الحصول على أرقام دقيقة تعكس تأثير المقاطعة. لذلك، يُعْتَمَد على الملاحظات الشخصية والاستقصاءات غير الرسمية لتقدير التأثير".
 
واستند إلى "تقارير متعددة وشهادات من داخل الكويت تفيد بأن المقاطعة أثرت بشكل واضح منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 وحتى كانون الثاني/يناير 2024 على حركة المبيعات".
 
وتابع أن "بعض التقارير تشير إلى أن العديد من المستهلكين في الكويت بدأوا في التحول نحو المنتجات المحلية كبديل عن المنتجات الأمريكية، وأن هذا التحول لم يكن فقط بسبب الدعم للقضية الفلسطينية، بل أيضًا لتعزيز الاقتصاد المحلي".
 
وقال العنجري: "من خلال استقصاءات وتحاور مع عينة من أصحاب المحلات، تبين أن هناك انخفاضًا ملحوظًا في مبيعات بعض المنتجات الأمريكية".
 
ولفت إلى أن "هناك وعياً متزايداً بعدم القدرة على مقاطعة كل المنتجات الأساسية مثل المنتجات التقنية، ولكن يمكن الاستغناء بسهولة عن المنتجات غير الأساسية كالأغذية والملبوسات". مضيفاً أن "هذا الوعي يعكس استراتيجية تهدف للتأثير دون التسبب بضرر على المقاطعين أنفسهم، وهو ما ميز موجة المقاطعة الحالية في الكويت والعالم".
 
انخفاض زخم المقاطعة
وأوضح العنجري "كما هو الحال في أغلب الأزمات، يصبح بعد مضي بعض الوقت نوعاً من التعايش أو التأقلم مع الوضع الجديد".
 
وقال إنه "وفقاً للنظريات النفسية، يتعرض الأفراد والمجتمعات لظاهرة تُعرف باسم “التعود على التهديد” (Habituation to Threat)، حيث يتناقص تأثير الأحداث الصادمة على المشاعر والسلوكيات مع مرور الوقت، مما يؤدي إلى انخفاض تدريجي في ردود الفعل العاطفية الشديدة".
 
وذكر أنه "رغم المناصرة الرسمية والشعبية الكويتية لفلسطين، استجدت موانع أمنية لا صلة لها بالموقف من غزة حدّت من إقامة الندوات العامة والتجمعات والمظاهرات في الشارع لمناصرة فلسطين".
 
مبيناً أن "كل هذه العوامل، بالتزامن مع دخول فترة الصيف وارتفاع درجات الحرارة وسفر الناس إلى الخارج، ساهمت في تخفيف زخم ما يُتَدَاوَل إعلاميًا حول ضرورة مناصرة فلسطين، وإحدى أدوات المناصرة السلمية لها وهي المقاطعة".
 
وقال الباحث الكويتي إن "مناصرة فلسطين ليست قضية دينية بحتة فقط، بل هي قضية تجمع القومي، والليبرالي، والإسلامي، والمحافظ، واليساري، وكل أطياف المجتمع. هي قضية ثقافية وإنسانية".
 
وتابع العنجري أنه "مع وجود نسبة لا يستهان بها من جيل الشباب الصغار الذين يفتقرون إلى الإلمام بالقضايا التاريخية والعربية وفهم تبعاتها، ينخفض زخم المقاطعة، حيث يجدون أن المقاطعة لا سبب منطقي لها، وهذا يؤدي إلى أن تبدو المقاطعة محصورة في جيل الآباء والأجداد وبعض الشباب الواعي، وليست قضية ذات صلة مباشرة بهم وبمستقبلهم، وهذا أمر محزن جدًا".
 
وأشار إلى أن من الأسباب التي أدت إلى انخفاض زخم المقاطعة "قيام الشركات التي تضررت كثيرًا من المقاطعة في الأشهر الثلاثة الأولى (أكتوبر، نوفمبر، ديسمبر من 2023) بحملات علاقات عامة وتسويق كبيرة جدًا، مما قربها أكثر إلى الشارع، وربطها بأنها شركات كويتية، وإن كانت تملك امتيازًا أجنبيًا، لكنها ليست داعمة لإسرائيل".
 
وختم العنجري: "من المؤسف أن لدينا شبابًا عربيًا لا ينجذب نحو القضايا التي كانت دائمًا همًا شاغلًا للعرب. قد يكون ذلك نتيجة للاستسلام أو نقص في المعلومات، لا أعلم، ولكنه أمر محزن بالفعل".
 
استطلاع "الباروميتر العربي"
وخلص استطلاع لـ"الباروميتر العربي" (شبكة بحثية مستقلة)، أُجري على عينة من 1210 كويتيين، خلال شهري شباط/فبراير وآذار/مارس الماضيين، بالتعاون بين جامعتي "برنستون"، و"هارفارد"، ومركز دراسات "الخليج والجزيرة العربية" في جامعة الكويت، ومركز "السلام"، إلى أن "مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل" كانت أكثر طرق التضامن مع غزة بنسبة بلغت 83.6 بالمئة لتحل بعدها "متابعة أخبار الحرب باستمرار" 64.8 بالمئة، و"التبرع النقدي لإغاثة قطاع غزة" 62.6 بالمئة، و"بث رسائل تضامنية عبر وسائل التواصل الاجتماعي" 44.1 بالمئة، و"المشاركة في فعاليات تضامنية عامة" 21.5 بالمئة، بحسب الأكاديمي في جامعة "برنستون" الأمريكية سامر أبو رمان.
 
وقال أبو رمان لـ"قدس برس"، إنه "منذ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كانت الحالة الكويتية في التضامن مع القطاع المنكوب لافتة للأنظار؛ حيث تفاعل الكويتيون بمختلف أطيافهم مع الحدث، كما عبروا عن دعمهم لسكان غزة بصور شتى، كان من أبرزها حملات ودعوات لمقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل".
 
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
"التعاون الإسلامي" تحذر من خطورة تصريحات قادة الاحتلال
يوليو 3, 2025
أعربت منظمة التعاون الإسلامي، الخميس، عن رفضها الشديد لتصريحات مسؤولين في حكومة الاحتلال "الإسرائيلي"، والتي دعت إلى ضم الضفة الغربية وفرض "السيادة الإسرائيلية" عليها. وأكدت المنظمة في بيان، أن "هذه التصريحات تشكّل انتهاكا صارخًا للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية، وتقوّض الجهود الرامية لتحقيق حل الدولتين". وحذّرت المنظمة من خطورة التصريحات والتحريض المتواصل من قبل قادة
لبنان.. منتدى المؤسسات الفلسطينية يناقش تداعيات تقليص خدمات "أونروا" ويقر تحركات احتجاجية
يوليو 3, 2025
عقد "منتدى المؤسسات والجمعيات العاملة في الوسط الفلسطيني في لبنان" اجتماعًا دوريًا في بيروت، اليوم الخميس، ناقش خلاله أبرز القضايا المتعلقة بأوضاع اللاجئين الفلسطينيين، إلى جانب تقييم الأداء العام للمنتدى خلال الفترة الماضية. وقال المنتدى في بيان تلقّته "قدس برس" إنه جرى التوقف أمام الأنشطة التضامنية التي نظمها، لا سيما فعالية إحياء الذكرى 77 للنكبة
"الحوثيون": الاحتلال يستخدم الحرب في غزة لاختبار أسلحة جديدة ضد المدنيين
يوليو 3, 2025
أكد المكتب السياسي لجماعة "أنصار الله" اليمنية (الحوثيون)، الخميس، أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل ارتكاب المجازر بحق المدنيين في قطاع غزة، وكان آخرها صباح اليوم، في ظل تصعيد دموي ممنهج يستهدف الشعب الفلسطيني منذ شهور. وأوضح المكتب الإعلامي في بيان، أن "آلية توزيع المساعدات في غزة تحوّلت إلى واحدة من أقذر وسائل القتل المتعمد، تمارسها
أمن المقاومة يحذر مجددا من التراخي الأمني وسط حديث عن هدنة
يوليو 3, 2025
وجّه أمن المقاومة في قطاع غزة، مساء الخميس، تحذيرا أمنيا دعا فيه المقاومين وعناصر الأجهزة الميدانية إلى ضرورة الالتزام التام بالإجراءات الأمنية، في ظل تزايد الحديث الإعلامي حول إمكانية التوصل إلى هدنة بين المقاومة والاحتلال "الإسرائيلي". وأوضح أمن المقاومة في بيان صحفي نشرته منصة "الحارس"، أن "التجارب السابقة أظهرت أن الاحتلال الإسرائيلي غالبا ما يستغل
"سرايا القدس": قصفنا مقر قيادة للاحتلال شمال خان يونس
يوليو 3, 2025
قالت "سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة "تالجهاد الإسلامي" إنها "قصفت مقر قيادة وسيطرة للعدو شمال مدينة خان يونس بصاروخ". وأضافت في بيان مقتضب اليوم الخميس "وحققنا إصابة مباشرة". ودأبت فصائل المقاومة في غزة على توثيق عملياتها ضد قوات جيش الاحتلال وآلياته في مختلف محاور القتال، وظهرت خلال المقاطع المصورة تفاصيل كثيرة عن العمليات التي نفذت
"فلسطينيو سوريا" بين الاندماج والتحذير من الذوبان
يوليو 3, 2025
في مرحلة انتقالية مفصلية تعيشها سوريا بعد سقوط النظام السابق، أعيد فتح ملف اللاجئين الفلسطينيين كمكون اجتماعي وقانوني وسياسي لا يمكن تجاهله. وبينما تطرح بعض النخب الفلسطينية رؤى لتحديث الوضع القانوني لفلسطينيي سوريا، تبرز مواقف ناقدة تحذر من خطر الذوبان السياسي وضياع الهوية. في هذا السياق، قدم كلّ من الحقوقي أيمن فهمي أبو هاشم والكاتب