المقاطعة في الكويت جبهة جديدة لدعم غزة.. هل تصمد؟
استطلاع: "مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل" الأولى على قائمة الطرق الأكثر تضامناً مع غزة بنسبة 83.6%
![](https://qudspress.com/wp-content/uploads/2024/06/المقاطعة-في-الكويت.jpg)
الكويت (خاص) - قدس برس
|
يونيو 26, 2024 10:53 ص
شكلت دولة الكويت حالة متقدمة من بين دول المنطقة في التضامن مع قطاع غزة منذ العدوان الإسرائيلي في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ولم تدخر أي وسيلة في سبيل دعم القطاع المنكوب.
ويشير مراقبون إلى أن دعوات مقاطعة الشركات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، كانت على رأس حملات الدعم الشعبي الكويتي لغزة.
وعي شعبي
من جانبه، اعتبر رئيس فريق "كويتيون دعماً لفلسطين" (فريق تطوعي) عبدالله الموسوي، أن "إحياء حالة المقاطعة الاقتصادية للمنتجات الداعمة للكيان الصهيوني في الوطن العربي من بركات معركة طوفان الأقصى".
وقال الموسوي لـ"قدس برس"، إن "المقاطعة الشعبية الكويتية للمنتجات الداعمة للاحتلال في حالة ارتفاع وانخفاض ولكنها مستمرة".
وأضاف أنه "عندما أذهب للمطاعم بمختلف مستوياتها أجد المواطن والمقيم على حد السواء يسأل عن بدائل المشروبات الغازية الداعمة للكيان الصهيوني، وفي حال عدم توافرها يطالبون المطعم بتوفير البديل أو الاكتفاء بالماء والعصائر مع الوجبة"، مشيراً إلى أنها "ثقافة فرضت نفسها في الكويت بصورة لافتة".
وأوضح الموسوي أن "حالة الوعي تجاه المقاطعة ترجمتها ردود فعل من أسألهم من مختلف الفئات العمرية"، مبيناً أن "خلاصة الإجابات تنتهي إلى أن السلاح الذي بيدنا هو المقاطعة الاقتصادية بالإضافة للدعاء لهم وتقديم الدعم المالي والاهتمام الإعلامي".
ويؤكد عضو "حركة مقاطعة إسرائيل" (بي دي إس) فرع الكويت مشاري الإبراهيم لـ"قدس برس"، أن "حالة الوعي الشعبي ازدادت من بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، خصوصا بمسألة المقاطعة من الدرجة الثانية، وهي مقاطعة المنتجات الداعمة، وليس بالضرورة أن تكون منتجات صهيونية المصدر".
وأشار الإبراهيم إلى أن فريق "حركة مقاطعة إسرائيل" في الكويت ينظم عدداً من المبادرات التوعوية من ندوات وورش عمل وحملات إعلامية لنشر الوعي حول أهمية المقاطعة والتعرف على كيفية رصد المنتجات الداعمة للكيان الصهيوني.
تعزيز المنتج المحلي
يرى المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز "ريكونسنس" للبحوث والدراسات (مستقل مقره الكويت)، عبدالعزيز العنجري، أنه منذ أحداث السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، "شهدت الكويت موجة مقاطعة عفوية ضد المنتجات الأمريكية، وخاصة الشركات الكبرى مثل بيبسي، كوكاكولا، مكدونالدز، وستاربكس".
وأضاف العنجري خلال حديثه لـ"قدس برس" أنه "بالرغم من أن الحملة لم تكن ممنهجة أو رسمية، إلا أنها خلقت تفاعلاً عفوياً كبيرًا ضد سياسات الولايات المتحدة".
وأشار إلى أن "هذه الحملات تركزت على تشجيع المواطنين (الكويتيين) على الابتعاد عن هذه المنتجات دعماً للقضية الفلسطينية، واعتمدت بشكل أساسي على الاعتصامات الشعبية، والندوات العامة، وحملات عبر وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الوعي حول البدائل المحلية، مثل شركات المشروبات الغازية المحلية وشركات الأغذية الكويتية".
وأوضح العنجري أن الكويت "لا تمتلك نظامًا محاسبيًا دقيقًا ومعلنًا يمكّن من قياس الإيرادات والمبيعات بشكل موثوق كما هو الحال في بعض الدول الأخرى، مما يجعل من الصعب الحصول على أرقام دقيقة تعكس تأثير المقاطعة. لذلك، يُعْتَمَد على الملاحظات الشخصية والاستقصاءات غير الرسمية لتقدير التأثير".
واستند إلى "تقارير متعددة وشهادات من داخل الكويت تفيد بأن المقاطعة أثرت بشكل واضح منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 وحتى كانون الثاني/يناير 2024 على حركة المبيعات".
وتابع أن "بعض التقارير تشير إلى أن العديد من المستهلكين في الكويت بدأوا في التحول نحو المنتجات المحلية كبديل عن المنتجات الأمريكية، وأن هذا التحول لم يكن فقط بسبب الدعم للقضية الفلسطينية، بل أيضًا لتعزيز الاقتصاد المحلي".
وقال العنجري: "من خلال استقصاءات وتحاور مع عينة من أصحاب المحلات، تبين أن هناك انخفاضًا ملحوظًا في مبيعات بعض المنتجات الأمريكية".
ولفت إلى أن "هناك وعياً متزايداً بعدم القدرة على مقاطعة كل المنتجات الأساسية مثل المنتجات التقنية، ولكن يمكن الاستغناء بسهولة عن المنتجات غير الأساسية كالأغذية والملبوسات". مضيفاً أن "هذا الوعي يعكس استراتيجية تهدف للتأثير دون التسبب بضرر على المقاطعين أنفسهم، وهو ما ميز موجة المقاطعة الحالية في الكويت والعالم".
انخفاض زخم المقاطعة
وأوضح العنجري "كما هو الحال في أغلب الأزمات، يصبح بعد مضي بعض الوقت نوعاً من التعايش أو التأقلم مع الوضع الجديد".
وقال إنه "وفقاً للنظريات النفسية، يتعرض الأفراد والمجتمعات لظاهرة تُعرف باسم “التعود على التهديد” (Habituation to Threat)، حيث يتناقص تأثير الأحداث الصادمة على المشاعر والسلوكيات مع مرور الوقت، مما يؤدي إلى انخفاض تدريجي في ردود الفعل العاطفية الشديدة".
وذكر أنه "رغم المناصرة الرسمية والشعبية الكويتية لفلسطين، استجدت موانع أمنية لا صلة لها بالموقف من غزة حدّت من إقامة الندوات العامة والتجمعات والمظاهرات في الشارع لمناصرة فلسطين".
مبيناً أن "كل هذه العوامل، بالتزامن مع دخول فترة الصيف وارتفاع درجات الحرارة وسفر الناس إلى الخارج، ساهمت في تخفيف زخم ما يُتَدَاوَل إعلاميًا حول ضرورة مناصرة فلسطين، وإحدى أدوات المناصرة السلمية لها وهي المقاطعة".
وقال الباحث الكويتي إن "مناصرة فلسطين ليست قضية دينية بحتة فقط، بل هي قضية تجمع القومي، والليبرالي، والإسلامي، والمحافظ، واليساري، وكل أطياف المجتمع. هي قضية ثقافية وإنسانية".
وتابع العنجري أنه "مع وجود نسبة لا يستهان بها من جيل الشباب الصغار الذين يفتقرون إلى الإلمام بالقضايا التاريخية والعربية وفهم تبعاتها، ينخفض زخم المقاطعة، حيث يجدون أن المقاطعة لا سبب منطقي لها، وهذا يؤدي إلى أن تبدو المقاطعة محصورة في جيل الآباء والأجداد وبعض الشباب الواعي، وليست قضية ذات صلة مباشرة بهم وبمستقبلهم، وهذا أمر محزن جدًا".
وأشار إلى أن من الأسباب التي أدت إلى انخفاض زخم المقاطعة "قيام الشركات التي تضررت كثيرًا من المقاطعة في الأشهر الثلاثة الأولى (أكتوبر، نوفمبر، ديسمبر من 2023) بحملات علاقات عامة وتسويق كبيرة جدًا، مما قربها أكثر إلى الشارع، وربطها بأنها شركات كويتية، وإن كانت تملك امتيازًا أجنبيًا، لكنها ليست داعمة لإسرائيل".
وختم العنجري: "من المؤسف أن لدينا شبابًا عربيًا لا ينجذب نحو القضايا التي كانت دائمًا همًا شاغلًا للعرب. قد يكون ذلك نتيجة للاستسلام أو نقص في المعلومات، لا أعلم، ولكنه أمر محزن بالفعل".
استطلاع "الباروميتر العربي"
وخلص استطلاع لـ"الباروميتر العربي" (شبكة بحثية مستقلة)، أُجري على عينة من 1210 كويتيين، خلال شهري شباط/فبراير وآذار/مارس الماضيين، بالتعاون بين جامعتي "برنستون"، و"هارفارد"، ومركز دراسات "الخليج والجزيرة العربية" في جامعة الكويت، ومركز "السلام"، إلى أن "مقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل" كانت أكثر طرق التضامن مع غزة بنسبة بلغت 83.6 بالمئة لتحل بعدها "متابعة أخبار الحرب باستمرار" 64.8 بالمئة، و"التبرع النقدي لإغاثة قطاع غزة" 62.6 بالمئة، و"بث رسائل تضامنية عبر وسائل التواصل الاجتماعي" 44.1 بالمئة، و"المشاركة في فعاليات تضامنية عامة" 21.5 بالمئة، بحسب الأكاديمي في جامعة "برنستون" الأمريكية سامر أبو رمان.
وقال أبو رمان لـ"قدس برس"، إنه "منذ العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، كانت الحالة الكويتية في التضامن مع القطاع المنكوب لافتة للأنظار؛ حيث تفاعل الكويتيون بمختلف أطيافهم مع الحدث، كما عبروا عن دعمهم لسكان غزة بصور شتى، كان من أبرزها حملات ودعوات لمقاطعة الشركات الداعمة لإسرائيل".