الظروف الاقتصادية الصعبة تجبر عمال الداخل المتعطلين على العمل بالزراعة في "بيت دجن"
لم يعدم العمال المتعطلون عن العمل في بلدة "بيت دجن" شرقي مدينة نابلس في الضفة الغربية، الوسيلة ولم يستسلموا للواقع الذي فرض عليهم من قبل الاحتلال بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وما آلت إليه الأوضاع ومنعهم من العمل في الأراضي المحتلة عام 1948، بل دفعتهم الظروف الاقتصادية الصعبة للبحث عن بديل يغنيهم عن الحاجة والفقر.
وتوجه العديد من العمال إلى عشرات الدونمات الزراعية غير المستغلة في القرية، واتفقوا على إحيائها من خلال تنفيذ مشاريع زراعية من شأنها أن تكون سببا في توفير مصادر مالية وأجور بعد أن سدت أمامهم الآفاق والآمال حتى اللحظة، بالعودة للعمل في الأراضي المحتلة.
وقال الشاب سامح أبو وردة، أحد المساهمين والمشتركين في المشروع، إن "ما دفعهم للعودة الى الأرض وزراعتها الظروف الاقتصادية وطول فترة تعطلهم عن العمل وإنعدام الآمال في الفترة الحالية بالعودة إلى الوضع السابق من حيث العمل في الأراضي المحتلة".
وأضاف أبو وردة لـ"قدس برس"، أن "الفكرة تبلورت وتعززت بعد اقتراح العديد من كبار السن المزارعين في القرية أمامنا، فكرة استصلاح الأراضي المهملة وإعمارها واستثمارها بمشاريع زراعية والوصول إلى حالة من الاكتفاء الذاتي وتوفير مصدر رزق يعوضنا عن تعطلنا عن العمل".
وتابع أنه "تم اختيار الأماكن وعمل دراسة مستعينين بالخبراء والمزارعين وتواصلنا مع المؤسسات التي تبنت الفكرة وساهمت ماديا ومعنويا ليتحول الناشط الشبابي محمد أبو ثابت بأن فكرة العمال تبلورت في ظل استمرار منعهم من الدخول الى أماكن عملهم وصعوبة الظروف الحياتية لديهم".
وقال الناشط الشبابي محمد أبو ثابت، إن "العديد من الأسباب تضافرت وأدت إلى نجاح الفكرة قبل البدء بتنفيذها، وفي مقدمتها وجود خط مياه، سبق أن قامت جمعية الإغاثة الزراعية بتوفيره يصل إلى المنطقة المستهدفة في المشروع".
ولفت أبو ثابت، إلى أنه "تم استغلال 150 دونما زراعية لإقامة 150 بيتا بلاستيكيا بمعدل بيت لكل دونم، تحوي العديد من المحاصيل الزراعية المختلفة بحسب حاجة السوق وبناء على دراسات واستشارات من أهل الخبرة في هذا المجال".
وأشار أيضا إلى أن "وفرة المياه والخبرة لدى العددي من سكان القرية الذين يمتلكون مشاريع زراعية في بلدة فروش بيت دجن الغورية والتابعة للقرية، ساهم أيضا في نجاح الفكرة بعد أن قاموا بنقل معداتهم وخبراتهم للمزارعين الجدد في القرية".
وذكر أبو ثابت، أن "الأراضي التي أقيمت فيها البيوت البلاستيكية هي مناطق (B) التي يتهددها الاستيطان، بمعنى أن هناك أيضا بعدا وطنيا للمشروع عدا عن البعد الاقتصادي التشغيلي".
ونبه أبو ثابت، إلى أنّ "المشروع من شأنه أن يستقطب المئات من العمال العاطلين عن العمل ليس فقط في بلدة بيت دجن، وإنما في بقية البلدات الأخرى كونه بحاجة إلى موارد بشرية للعمل في مراحل العملية الإنتاجية كافة، ابتداء بالتجهيز وانتهاء بالحصاد والتسويق".
وفي سبيل تطوير المشروع واستمراريته وديمومته، دعا أبو ثابت وزارة الزراعية والمؤسسات الشريكة كافة، إلى "دعم هذه الأفكار التي من شأنها أن تفتح آفاقا جديدة أمام المئات من العمال، بالإضافة إلى تعميمها على باقي القرى والبلدات الفلسطينية".
ولفت أبو ثابت، إلى أن "الطاقة الإنتاجية لكل بيت زراعي تزيد عن 2 طن من المحاصيل"، موضحا أن "المحاصيل التي سيتم زراعتها ستكون البندورة كمحصول مهم، بالإضافة الى الشمام والبطاطا والباذنجان".
تجدر الإشارة إلى أنه ومنذ بدء عدوان الاحتلال "الإسرائيلي" على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، منع الاحتلال عشرات الآلاف من العمال الفلسطينيين من دخول الأراضي المحتلة عام 1948، حيث أماكن عملهم، مما اضطرهم إلى التزام منازلهم في الضفة الغربية، في حين عادت شريحة منهم لتنشط في قطاعي الزراعة والغذاء.
ويعتمد الاحتلال على العمالة الفلسطينية من الضفة الغربية، وبدرجة أقل من قطاع غزة، في قطاعات البناء والتشييد والزراعة والغذاء والخدمات، بحسب بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (تابع للسلطة).