استلام أموال "المقاصة الفلسطينية" بين الحاجة الملحة وقرارات الاحتلال
أثار قرار حكومة الاحتلال الأخير القاضي بتحويل أموال "المقاصة الفلسطينية" المحتجزة لدى الاحتلال توازيا مع تنفيذ خطط استيطانية كبيرة في الضفة، ردود فعل حول طبيعة موقف السلطة الفلسطينية الرسمي المطلوب من هذا الطرح، وكيف ستتعامل معه في ظل لغة الابتزاز التي تُطرح، وهل ستجبرها الحاجة الملحة للقبول بها أم أنها ستصطدم بخطط وزير المالية في حكومة الاحتلال بتسلئيل سموتريش.
حيث قال نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، حسن خريشة، إن "الأصل بأن لا تخضع السلطة لأي ابتزاز متعلق بالمقاصة واستلامها، فهي حق للشعب الفلسطيني بناء على الاتفاقيات ويجب عدم ربطها بأي أثمان وفي مقدمتها السكوت عن الخطط الاستيطانية".
وطالب خريشة خلال حديثه لـ"قدس برس"، اليوم السبت، الفلسطينيين بـ"رفض أي إجراءات من شأنها مصادرة أرضهم وحقوقهم، والتوحد خلف خيار المقاومة وعدم السير وراء وهم الدولتين".
وتابع، "في الوقت الذي تطالب فيه السلطة وتطرح حل الدولتين، هناك إجماع في داخل الاحتلال بنفي هذا الخيار عند اليمين وعند اليسار".
وأردف، "الأمريكان يدعمون الاحتلال ويبيعوننا الوهم ويريدون أن يرسخوا واقع الاستيطان من خلال حلول اقتصادية آنية على حساب الأرض والمقدسات".
ولفت خريشة إلى أن "خطة سموترتش قائمة وليس جديدة وتنفذ بصمت في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بصراعاته ومشاريعه".
وأضاف، "الاستيطان يتصاعد واليوم يجري الحديث عن 5 بؤر جديدة بالإضافة إلى 3 أخرى سبق أن أُخليت، ويجري التمهيد لإعادة إقامتها، هذا بالإضافة إلى بناء الآلاف من الوحدات السكنية".
وبالتوازي مع ذلك أيضا، "هناك سحب صلاحيات من السلطة التي باتت تتآكل كما أن هناك حرب تجويع وتعطيش واضحة سنلمس آثارها في المستقبل القريب، كما أن هناك تهجيرا صامتا وخصوصا من المخيمات والأغوار".
بدروه قال الكاتب والمتابع للشأن الإسرائيلي عزام أبو العدس، "صحيح أن المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، قرر تحويل جزء من أموال المقاصة للسلطة، حيث قرر الاحتلال خصم مستحقات غزة ومستحقات الأسرى والشهداء والجرحى لكن في تقديري، سيماطل سموتريتش ولن يقوم بذلك وسيستغرق الأمر الكثير جدا من الوقت".
وبحسب أبو العدس فإن "هذه القرارات تهدف الى تفكيك السلطة وتحويل الضفة إلى كنتونات"، حسب وصفه.
وتابع، "السلطة أمام اختبار كبير وخطير ففي حال قبلت أخذ أموال المقاصة بشروط الاحتلال فهذا يعني أنها فرّطت بقطاع غزة وأخرجته من حساباتها، ومن جانب آخر فستكون قد وافقت أيضا ورضخت للإملاءات وسكتت على المخططات الاستيطانية مقابل المال".
وعن موقف السلطة قال "لا موقف للسلطة حتى الآن، وتقديري فإن السلطة يمكن أن ترفض كل الأطروحات وبالتالي الوصول إلى تصعيد في الضفة أو تراجع الاحتلال عن قراراته وهذا الاحتمال غير وارد".
وأضاف أن "المطلوب من السلطة الاجتماع بكل الفصائل بما فيها حماس والجهاد وإدخالهما إلى منظمة التحرير بما يحقق الاندماج، وفق إعادة صياغة الميثاق، وهذا من شانه أن ينفي صفة الإرهاب عنهما وتقوية السلطة".
ورأى أبو العدس بأن "السلطة يجب أن تتخذ قرارا بوقف التنسيق الأمني وأي علاقة مع الاحتلال، وجعل الاحتلال هو المسؤول عن كل شيء وهذا من شأنه أن يقلب الطاولة على الاحتلال".
وكان المجلس الوزاري للاحتلال الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية (الكابينت)، قد صادق على شرعنة 5 بؤر استيطانية في الضفة الغربية، والدفع بمخططات لبناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة في أنحاء الضفة.
وجاءت المُصادقة استجابةً لاقتراح سموتريتش، وذلك رداً على الدول الخمس التي اعترفت بدولة فلسطينية بعد الـ7 من تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
وحسب الإعلان الصادر عن مكتب الوزير سموتريش، فإنّ "إجراءات التصدي للسلطة الفلسطينية ستشمل إلغاء تصاريح ومزايا مختلفة لكبار المسؤولين في السلطة، وتقييد الحركة ومنع كبار المسؤولين من مغادرة البلاد، ومعاقبتهم بارتكاب مخالفات التحريض".
ويتزامن ذلك مع مواصلة جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 267 يوما، عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أمريكية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة، إلى ارتقاء 37 ألفا و834 شهيدا، وإصابة 86 ألفا و858 آخرين، إلى جانب نزوح نحو 1.7 مليون شخص من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.