تدمير مصانع "الباطون" في غزة.. سياسة الاحتلال لتأخير إعادة الإعمار
تسعى دولة الاحتلال عبر حرب الإبادة التي تشنها على قطاع غزة، لطمس أي مظهر من مظاهر الحياة الاقتصادية بالنسبة للفلسطينيين، فكان الاستهداف المباشر لكل القطاعات الاقتصادية والتشغيلية ومنها التدمير الممنهج لمصانع الباطون في القطاع.
ودمرت طائرات الاحتلال بشكل مباشر، 38 مصنعا لصناعة الباطون الجاهز في القطاع، وعاثت في محتوياته فسادا حتى يجد أصحابها صعوبة في إعادة الحياة إليها من جديد، فكان التجريف والحرق أسلوبا انتهجه جنود جيش الاحتلال لهذه المهمة.
تتشكل مصانع الباطون من سلسلة أقسام، وهي متصلة في حيز جغرافي واحد لتسهيل عملها، ولا يمكن فصلها عن بعضها البعض، يطلق عليها باسم التجهيزات والمعدات وهي على النحو التالي: عربات نقل الخرسانة، ومركبات ضخ الخرسانة "المشفاة" والخلاطات، وغرف التحكم وأبار وبرك المياه، والجرافات والمواد الخام.
يشير أحد أصحاب شركات الباطون في حديث لـ"قدس برس" إلى أن "كل تجهيز من تجهيزات مصنع الباطون يمثل تحديا بالنسبة لنا، فقد واجهنا سابقا تحديات إسرائيلية في عملية إدخال المدخلات اللازمة لإنشاء هذه المصانع، وكانت عملية الاستجابة تتم ببطء شديد لذلك كانت عملية تجهيز تستغرق فترة تزيد عن عامين أو ثلاثة في كثير من الأحيان".
وأضاف، "تقديراتنا تشير أن تكلفة إنشاء مصنع واحد يتراوح ما بين واحد لثلاثة مليون دولار، وهي تعتمد على القدرة التشغيلية في توليد كميات الخرسانة، بالإضافة للتكاليف المتعلقة بشراء التجهيزات الخاصة بالمصنع".
لا تتوقف الخسائر عند هذا الحد، فكل مصنع للباطون الجاهز يساهم بتشغيل ما يزيد عن 100 عامل وفني، وبالتالي سيزيد هذا الضرر من العبء الواقع على الكثير من العائلات التي فقدت مصدر رزقها.
وفي سياق متصل- تمثل مصانع الباطون اللبنة الأولى في عملية إعادة الإعمار، فمن خلالها تلجأ شركات المقاولات والبناء لتوريد الخرسانة والحجارة لرفع الأسقف والمنازل خلال عملية البناء، وعدم توفر هذه المصانع سينعكس سلبا على عملية الإعمار المتوقع أن يبدأ العمل بها فور دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ.
يأتي ذلك في وقت تواصل فيه قوات الاحتلال الإسرائيلي، ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، لليوم الـ 278 تواليًا، عبر شن عشرات الغارات الجوية والقصف المدفعي، مع ارتكاب مجازر ضد المدنيين، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار ونزوح أكثر من 95 بالمئة من السكان.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أمريكية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.