التعاون التقني بين المغرب و"إسرائيل"... ما هي المخاطر المحتملة؟

ناقش تقرير أعده خبير الأمن السيبراني وتقنيات المعلومات، رائد سمور، التقارير التي تحدثت عن شراء المغرب قمر صناعي "إسرائيلي" بقيمة مليار دولار، في صفقة وُقِّع عليها صيف عام 2023، وأعلن عنها في حزيران/يوليو الماضي.
وتساءل سمور في تقريره، حاجة المغرب لقمر صناعي إسرائيلي، وكيف يمكن تحقيق التوازن بين الاستفادة من التقنية المتقدمة وتقليل المخاطر المحتملة لهذا الاستخدام؟.
وقال نحن نتحدث "عن التعاون التقني ما بين دولتين، من المفترض أنه كان بينهما عداء متأصل مبني على احتلال إحدى مقدسات الأمة العربية والإسلامية وجزء عزيز جدا على قلب كل إنسان حر، ألا وهي القدس الشريف، ولا بد من الإشارة هنا إلى أن الملك محمد الخامس يترأس لجنة القدس".
وأوضح أن دوافع المغرب لشراء القمر الصناعي، بحسب المبررات التي قدمها السياسيون المغاربة هي "أن الجزائر، استثمرت في شراء أسلحة بقيمة ثلاثة وعشرين مليار دولار، مما يشكل تهديدًا للأمن القومي المغربي".
وأضاف "ومن هنا جاءت خطوة المغرب لشراء القمر الصناعي مقابل مليار دولار، حسب تصريحاتهم، لو لم تسعَ الجزائر للتسلح وبناء ترسانة أسلحة ضخمة، لما كان المغرب ليقدم على مثل هذه الاتفاقيات".
وتحدث الخبير سمور عن خطورة مثل هذه الاتفاقيات مع "إسرائيل"، مركزا على المخاطر التقنية والانعكاسات الناتجة عن هذا النوع من الاتفاقيات مع دولة الاحتلال.
تأثير شراء قمر صناعي "إسرائيلي" على الأمن القومي المغربي:
وشدد سمور في تقريره على أن تجسس الحليف على الحليف، له سوابق تاريخية، حيث تحاول كل دولة الحفاظ على تفوقها الاستراتيجي، والتحقق من أن الحلفاء يلتزمون بالاتفاقيات ويمتثلون للمعاهدات.
وقال "من الناحية التقنية، لا يمكن الشك في قدرة الشركة المصنعة على التحكم بالقمر الصناعي عن بعد. هذه الشركات، التي تمتلك خبرة طويلة في صناعة البرمجيات والتقنيات الخاصة، غالبًا ما تُعرف بإدراجها لما يسمى (البوابات الخلفية) في البرمجيات، والتي تتيح لها الوصول إلى المعلومات الحساسة التي يجمعها القمر الصناعي".
وشدد على أنه "هنا يكون المغرب قد اشترى تقنيات، ودفع ثمنها ودفع ثمن صيانتها وإدارتها مقابل الحصول على معلومات حساسة وهامة جدا، وفي ذات الوقت يستطيع المُصنع والمُشغل أن يستحوذ على نسخة كاملة من هذه المعلومات مجانا لا، بل وقد تتقاضى مبالغ طائلة مقابل هذه الخدمة".
وأضاف "لا بد من الإشارة إلى خطورة أخرى لهذه العملية بحيث يمكن للشركة المصنعة التلاعب بالبيانات التي تُرْسَل إلى المغرب أو حتى إعاقة الوصول إلى هذه البيانات في أوقات حرجة" وفق تقديره.
وأكد أن "اعتماد المغرب الكبير على تقنية أجنبية يعرضها لمخاطر الضغوط السياسية أو الاقتصادية من قبل الدولة المصنعة، وقد يجد المغرب نفسه في موقف يفقد فيه السيطرة على البيانات أو العمليات الحرجة المرتبطة بالقمر الصناعي".
وأشار إلى أن "أي تغير في العلاقات السياسية بين المغرب وإسرائيل، قد يؤثر في تشغيل القمر الصناعي أو استمرارية الوصول إلى البيانات، ما لم يكن صانع القرار المغربي على يقين تام بأن هذه العلاقات ثابتة، ولا يمكن أن تتأثر، وأنها علاقات تكاملية واستراتيجية بالنسبة للمغرب".
ورأى الخبير سمور أنه من أجل أن يحافظ المغرب على أمنه القومي "من الضروري أن تكون هناك اتفاقيات صارمة تضمن حقوق المغرب في التحكم الكامل بالقمر الصناعي والبيانات التي يجمعها".
مشيرا إلى أن تلك الاتفاقيات "يجب أن تشمل تدريب كادر تقني مغربي قادر على التعامل مع القمر بمجرد إتمام عملية البناء والإطلاق".
وشدد على أنه "ينبغي اتخاذ تدابير أمنية قوية وتطبيق إجراءات سيبرانية محكمة لحماية القمر الصناعي من أي تدخل خارجي. رغم أن هذه التدابير قد تكون فعالة على نحو مؤقت ضد معظم الدول، إلا أنها قد لا تكون كافية لضمان عدم التدخل الإسرائيلي بشكل تام".
وقال "باختصار، يمكن للقمر الصناعي الإسرائيلي أن يوفر للمغرب قدرات متقدمة في المراقبة والرصد، مما يعزز من أمن الحدود، ويساهم في الاستجابة الفعالة للتحديات الأمنية".
واستدرك سمور قائلا "ومع ذلك، يسهل هذا القمر الصناعي أيضًا وصول الشركة المصنعة، ومن يديرها إلى كافة الأنظمة داخل المغرب، مما يفتح المجال لاختراق المؤسسات المختلفة. لذا، يمكن اعتبار أن الفائدة الأكبر تعود إلى المصنع والمشغل الإسرائيلي، وربما يسمح للمغرب باستخدام بعض الميزات لضمان استمرار عمل القمر الصناعي واستمرار التعاون الاستراتيجي بين الطرفين".