اغتيال هنية.. دلالات الزمان والمكان

إسماعيل هنية شهيدا بغارة للاحتلال "الإسرائيلي"، والمكان مقر إقامته في طهران، دلالات مكانية وزمانية، تلقي بظلالها على عملية الاغتيال، والتي تشكل فتيل البارود الذي يشعل المنطقة، والتي يسعى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو لها بكل قوته، من خلال جر المنطقة إلى حرب مفتوحة، في محاولة للهروب إلى الإمام، وكابوس السابع من أكتوبر يطارده، تماما كما تطارده ملفات فساد وإخفاقات أمنية وعسكرية.
ويرى المحلل السياسي مأمون أبو عامر أن "نتنياهو يحاول تعويض عما حدث في السابع من اكتوبر والفشل الإسرائيلي الذريع أمنيا وعسكريا لذلك يحاول استعادة زمام المبادرة وبأنه يستطيع أن يصل إلى رأس قيادة حركة حماس التي قامت في السابع من أكتوبر. وباعتقاده أنه يستطيع حسم المعركة من خلال تصفية قيادات حركة حماس واستهدافهم في اي مكان".
وعن الدلالات الزمنية لجريمة الاغتيال أوضح أبو عامر في حديثه لـ"قدس برس"، أنها "جاءت بعد زيارة نتنياهو إلى الولايات المتحدة الأمريكية وهذا مؤشر أنها ضليعة في الحدث"، مؤكدا أن "نتنياهو لم يكن ليجرؤ بضرب أي هدف داخل طهران إلا بموافقة أمريكية ضمنية".
وأوضح أن نتنياهو يريد أن "يحول المعركة ويجر إيران ليؤكد ادعاءاته في خطابه في الكونغرس الأمريكي أن المعركة هي أصلاً مع إيران وبالتالي هو يواجه إيران بنفسه، وأن على الولايات المتحدة الأمريكية أن تأخذ زمام المبادرة".
وأشار إلى أن "نتنياهو وفقا لا يريد حربا إقليمية تكون اسرائيل هي فقط في هذه الحرب، هو يريد أن تكون حرب إقليمية تكون فيها الولايات المتحدة الأمريكية لأنه يعتقد أن القوة ستحسم لصالح الولايات المتحدة الأميركية لأن فارق القوة بين الأطراف واضح جداً لا يمكن مقارنته".
واستدرك بأن "الأحداث قد تنقلب وتكون غير متوقعة بالنسبة إلى القوى الإقليمية. والخيارات مازالت مفتوحة ولا يمكن التنبؤ بالضبط في هذه المرحلة".
ورجح أن "إمكانيات الرد ستكون ضمن الموازين ولن يكون هناك حرب مفتوحة من قبل إیران وحزب الله".
وأضاف أن "إسرائيل تحاول الضغط على حركه حماس في الداخل لتضعف قدرتها وبالتالي تجبرها على تقديم التنازلات في مفاوضات غزه لوقف القتال وهذا طبعاً هو المسعى الإسرائيلي الظاهر في هذا الأمر".
ويعتقد أبو عامر أن "هذا الأمر سيؤثر ميدانياً بشكل أو بآخر، لكن التأثير قد يكون تأثير لحظي معنوي ولن يكون تأثيرًا ميكانيكيًا أو تأثيرًا على إدارة العمليات وإدارة الحرب وبالتالي لن يؤثر لا من قريب أو من بعيد في حسم المشهد لصالح الاحتلال وستبقى المشكلة معلقة وستبقى مسألة المواجهة في غزه مستمرة ما لم يتم التوصل الى وقف لإطلاق النار متفق عليه بين الأطراف".
بدوره لفت توفيق طعمة الباحث والخبير في الشأن الأمريكي إلى أن "جريمة اغتيال هنية جاءت بعد ساعات من اغتيال قيادي بارز في حزب الله".
وأشار إلى حالة الخذلان الرسمي العربي والاسلامي تجاه غزة وغياب مواقف غربية جادة شجع الاحتلال على التمادي أكثر بالرغم من أنه لم يحقق أي هدف من أهدافه وبالتالي يريد أن يصدر أزمته الداخلية المتعلقة بالأسرى والمظاهرات والمطالبة بإسقاطه وفي نفس الوقت يريد أن يسجل صورة انتصار باستهداف قيادات حماس.
وعن مكان الجريمة يرى موسى أن "إيران باتت ساحة مستباحة بالنسبة للاحتلال، ونفذ غير مرة عمليات اغتيال لقيادات وعلماء إيرانيين في قلب إيران، وهي رسالة لإيران أنه قد يتم استهدافها في المستقبل".
ورجح أن "الادارة الأمريكية على علم مسبق وأن الاحتلال حصل على ضوء أخضر أمريكي ونفذت العملية بتنسيق أمريكي هي شريكة في العدوان ليس فقط كانت شريكة في العدوان على قطاع غزة منذ اليوم الأول وحتى الآن".
ونعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، فجر اليوم الأربعاء، رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية إثر غارة إسرائيلية على مقر إقامته طهران، بعد مشاركته في احتفال تنصيب الرئيس الإيراني المنتخب مسعود بزشكيان.
وكشفت الحركة في بيان صحفي، عن أنه ستجري "للقائد الشهيد المجاهد إسماعيل هنية مراسم تشييع رسمي وشعبي في العاصمة الإيرانية طهران، يوم غد الخميس، وسينقل جثمانه الطاهر إلى العاصمة القطرية الدوحة عصر يوم غد الخميس".
وأضافت أنه "ستقام صلاة الجنازة على روح الشهيد القائد في مسجد الإمام محمد بن عبد الوهاب في الدوحة بعد صلاة الجمعة ٢ آب/أغسطس، وبعد ذلك سينقل جثمانه الطاهر إلى مثواه الأخير ليدفن في مقبرة الإمام المؤسس في لوسيل".