مبعدو صفقة "وفاء الأحرار" في عين الاستهدافات في غزة

يندرج اغتيال الاحتلال الإسرائيلي نهاية الأسبوع الماضي للقيادي في كتائب "القسام"، الأسير المحرر المبعد إلى قطاع غزة نائل السخل، في إطار ما يصفه الاحتلال بتصفية الحسابات واغلاق الملف، لمن تورطوا حسب زعمه في عمليات "قتل اسرائيليين"، قبل اعتقالهم في سجونه والحكم عليهم بالسجن لمؤبدات عدة.
يقول المختص في الشؤون "الإسرائيلية" محمد أبو العُلا، إن "الاحتلال باستهدافه الأسرى المحررين في صفقة وفاء الأحرار "شاليط" يسعى لتقديم رسالة بأنه لا ينسى ثأره مع من نفذوا ضده عمليات عسكرية، وقتلوا من جنوده ومستوطنيه، ولو بعد حين".
ويشير إلى أن الغالبية العظمى من المحررين لم يتوقفوا عن العمل المقاوم، فمنهم من انخرط فعليا في كتائب القسام التابعة الذراع العسكري لحركة حماس، ومنهم من كان يشرف على تجنيد الشبان وضمهم إلى المقاومة وتمويل المجموعات العسكرية التي تعمل في الضفة الغربية، وفق سجلات الاتهام التي كانت توجه إلى عدد من المعتقلين.
ووفق مصدر خاص، فالشهيد نائل السخل على سبيل المثال كان يعمل ضمن الإطار القيادي لإقليم الضفة الغربية في حماس، وكان أحد أبرز الداعمين والممولين لمجموعة "عرين الأسود" التي ظهرت في البلدة القديمة في مدينة نابلس خلال العامين الماضيين، إضافة إلى كونه أحد المؤسسين لجمعية "النور" في غزة، التي كانت تشرف على متابعة شؤون الأسرى والمحررين المحسوبين على حركة حماس في الضفة الغربية، ومثلهم الشهيد فراس خليفة من طولكرم، وخويلد رمضان من قرية "تل" غرب نابلس.
وينشط إقليم الضفة في الحركة، منذ أكثر من 10 سنوات بشكلٍ عملي، لكن بدأ العمل به رسمياً بعد انتخابات الحركة الداخلية في عام 2021، وذلك ضمن إجراء تنفيذي، لتسهيل عمل الإقليم ولأسباب أمنية حتى تكون دوائر العمل أضيق، فيما تتبع دائرة القدس إلى إقليم الضفة بالإضافة إلى دوائر أخرى.
قبل 7 أكتوبر
بدوره، يقول أحد المحررين في الصفقة من مدينة رام الله لـ"قدس برس"، -طلب عدم كشف هويته-إن "الاحتلال كان يستهدف الأسرى المحررين في صفقة شاليط، حتى قبل السابع من أكتوبر لأسباب عديدة، منها أن "الإسرائيلي يقول إنه حتى لو اضطر لتقديم تنازلات في صفقة تبادل، فإن تنازله يعتبر تكتيكيًا وليس استراتيجيًا، ولذا يعود إلى دائرة الاستهداف، ومن جانب آخر يعطي الاحتلال رسالة بأنه لا ينسى ثأره مع من نفذوا ضده عمليات عسكرية".
ويضيف "بعض الاستهدافات قبل السابع من أكتوبر جاءت بحجة الظرف الآني، كما جرى في اغتيال المحرر مازن فقهاء في الرابع والعشرين من آذار/مارس 2017 أمام منزله في منطقة تل الهوى بغزة، حين زعم الاحتلال أن فقهاء مسؤول عن عمليات وتشكيلات عسكريّة في الضفة الغربية".
لا ضمانات
ووفق الأسير المحرر، فلا يوجد ضامن على الاحتلال في عدم استهدافه للأسرى المحررين، لا سيما أنه اعتقل عددًا كبيرا منهم في الضفة، وأعاد أحكامهم السابقة دون أي تهم حول نشاطات جديدة، وحينها كان الوسيط المصري، هو الضامن لاتفاق "شاليط" ولم يفعل شيئًا حيال ذلك، لأن الأمان الحقيقي بدرجة أولى كان للمحررين المبعدين إلى الخارج، ثم المبعدين إلى غزة حتى اندلعت معركة طوفان الأقصى وباتوا في دائرة الاستهداف أكثر، ولذا كانت الضفة المكان الأسهل لمراقبة المحررين واعتقالهم لإيصال رسائل توحي بوجود ثأر بين الاحتلال والأسرى.
وحتى اللحظة لا يعلم العدد الحقيقي للشهداء والأسرى من محرري صفقة وفاء الأحرار، لكن الإحصائيات المتوفرة تشير إلى استشهاد 13، آخرهم السخل، واعتقال الاحتلال لـ 8 أسرى محررين مبعدين من الضفة إلى غزة. وكانت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية قد أفادت في يونيو/ حزيران الماضي بأن 27 شخصاً من قادة مكتب الضفة التابع لحركة حماس قد استشهدوا أو أسروا منذ بدء الحرب في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
وعرف ممن استشهدوا من إقليم الضفة "ياسين ربيع"، مسؤول مكتب الضفة في حركة حماس بغزة، ومعه القيادي خالد النجار مسؤول دائرة الإسناد في إقليم الضفة، وكلاهما أعضاء في الإطار القيادي للإقليم، وذلك خلال قصف إسرائيليّ على منطقة تل السلطان غرب رفح في أواخر مايو/ أيار الماضي.
وقبلهم استشهد فادي دويك، القيادي في استخبارات كتائب القسّام، خلال اقتحام مستشفى الشفاء نهاية مارس/ آذار الماضي، ومعه مسؤول قسم الإسناد في ملف القدس عن إقليم الضفة زكريا نجيب، فيما استشهد قادة آخرون سابقاً، وهم مسؤول الإعلام المركزي والناطق باسم حماس عن القدس محمد حمادة، وعبد الله أبو سيف في دائرة الإسناد عن الخليل، وسالم ذويب عن بيت لحم، وطارق حليسي عن منطقة القدس، والذي يعمل في دوائر الإعلام الموجّه ضد الاحتلال، وفرسان خليفة مسؤول ملف الشهداء في إقليم الضفة، بالإضافة إلى القادة جبريل جبريل وخويلد رمضان ونضال أبو شخيدم.
وفي وقت سابق، أعلن الاحتلال أن ثلاثة أسرى محررين من صفقة "وفاء الأحرار" أعيد اعتقالهم من غزّة، لكن مجمل من اعتقلهم فعلياً هو 8، هم "محمود القواسمة، وعمر عصيدة، وسعيد بشارات، ولؤي قفيشة، وعصمت مطاوع، ونادر أبو تركي، وطارق حساين، وحمد الله الحاج علي".