"كتائب القسام" و"سرايا القدس" تتبنيان عملية "تل أبيب"... ما الذي يعنيه ذلك؟
رام الله (فلسطين) - قدس برس
|
أغسطس 19, 2024 6:55 م
قلب الإعلان المشترك لـ "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس"، و"سرايا القدس" الجناح المسلح لحركة "الجهاد الإسلامي"، عن تبنيهما التفجير الذي وقع ليلة أمس الأحد، في "تل أبيب"، الطاولة على الاحتلال، ووجه ضربة لأجهزته الأمنية، وفتح الباب للتحدي مجددا بعد توعده بالعودة إلى تنفيذ العمليات الاستشهادية في الداخل المحتل.
وتخشى سلطات الاحتلال الإسرائيلي من عودة مثل هذه العمليات. وبحسب صحيفة /هآرتس/ العبرية، فقد أمرت شرطة الاحتلال، اليوم الاثنين، برفع مستوى التأهب في منطقة "تل أبيب" الكبرى، وأجرت عمليات بحث عن مشتبه بهم إضافيين.
كما دعت شرطة الاحتلال سكان المدينة إلى اليقظة والحذر، لا سيما أن "القسام" تحاول منذ سنوات فتح جبهة قتال مع الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية، على الرغم من السيطرة الأمنية الإسرائيلية الشاملة في جميع مدنها وضعف الإمكانيات بيد المقاومين الفلسطينيين.
ويقول الخبير في الشأن الإسرائيلي، أحمد الطناني لـ "قدس برس" إن العمليات الاستشهادية في الداخل المحتل تطل مجددا بعد انقطاع دام لأكثر من 18 سنة، بالرغم من كل الإمكانيات العالية لجيش الاحتلال في الضفة من التشديد على الحواجز وسياسة الاعتقالات المستمرة بحق قيادات وكوادر حركتي حماس والجهاد الإسلامي".
ويستدرك "إلا أن قوى المقاومة تنجح في اصطياد العدو من خلال المكامن التي اعتبرها الأمان له"، مشيرا لتصريحات الاحتلال بأن المنفذ من سكان الضفة المحتلة، "ما يدلل على اختراق أمني قد تعرض له الاحتلال، الذي يفرض إجراءات مشددة على الضفة وسكانها، ويلاحق محاولات دخولهم إلى داخل فلسطين المحتلة".
ويضيف الطناني "هذه خطوة جريئة للعودة إلى تلك العمليات والأكثر جرأة الإعلان عن بداية تلك العمليات، وأن الباب فتح على مصراعيه مجددا"، وتؤكد أن حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي": "متجددتين ومستمرتان في الإعداد والتجهيز، وأن سياسة الاحتلال لم تنجح في إضعاف الحركتين في الضفة الغربية" وفق تقديره.
واعتبر الخبير الفلسطيني أن عملية "تل أبيب" تأتي "لتزيد حالة الاستنزاف داخل الكيان سواء معنويا أو اقتصاديا أو عسكريا".
وأعرب عن اعتقاده أن "الذي يشكل فارقة في هذه الحرب وجبهة ضغط حقيقة هو الضرب داخل العمق الصهيوني، ما يشكل ذعرا حقيقيا وحالة هستيريا لمجتمع المستوطنين، وتؤكد أن خيارات المقاومة مفتوحة ومتجددة ما دام هذا الاحتلال يمعن في الجرائم ستكون المقاومة حاضرة في كل الساحات والميادين وبكافة الوسائل والأدوات المتاحة وفق المتغيرات والمحددات في ذلك".
أسئلة مشروعة
وطرح ناشطون أسئلة عبر منصات التواصل الاجتماعي حول العملية والتبني الرسمي، وكيف استطاع منفذ العملية الاستشهادية الوصول إلى "تل أبيب" متجاوزا كل الإجراءات الأمنية الإسرائيلية! وكيف هُرِّبَت العبوة الناسفة أيضًا؟! وكذلك تساءلوا كيف لم يكن هناك إشارات ساخنة حول وجود نوايا تنفيذ عمليات استشهادية، وهو ما يؤشر إلى وجود وعي أمني لدى المجموعة المسؤولة عن العملية.
وأوضحوا أن الإعلان الرسمي والمشترك يؤشر إلى وجود تنسيق على أعلى المستويات بين حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" حول التصعيد الميداني في الضفة الغربية.
ويعلق على ذلك المختص في الشؤون الإسرائيلية عزام أبو العدس لـ"قدس برس"، بقوله إن "مجرد الوصول لتل أبيب بعبوة ناسفة وتخطي كل الحواجز الأمنية والاستخباراتية، يعد أكبر فشل أمني للاحتلال وأذرعه الأمنية".
ويتابع "صحيح أن العملية لم تكتمل ولم توقع خسائر كبيرة، ولكن خطورتها أنها أشعلت الضوء الأحمر، وسيتعامل معها الاحتلال كما لو أنها خلفت عشرات القتلى؛ لأنها نجحت في الإعداد والتخطيط والوصول لداخل عمق الاحتلال".
وأضاف "بالمحصلة نجاح وصول منفذ العملية ولربما نجاح عمليات أخرى في المستقبل سيُدخل الاحتلال في حالة من الإرباك الأمني الكبير، ويخلط كل الأوراق الداخلية، وقد يمس بشكل مباشر التحسن الذي طرأ على الأسهم الانتخابية لنتنياهو".
وأكمل "كما هو أيضًا فشل ذريع لوزير الأمن القومي إيتمار بن غفير الذي يركز على زيادة الانتهاكات بحق الأسرى والمسجد الأقصى في الوقت الذي ترفع فيه المقاومة من وتيرة المواجهة في عمق الأراضي المحتلة".
رسائل عميقة
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي محمد القيق، أن عملية "تل أبيب" أمس الأحد، "جاءت فيها ثلاث معان جوهرية أولها العودة إلى فكرة التفجير، التي كانت في مخيمات الضفة؛ ومن ثم انتقلت إلى الشوارع الرئيسية ومداخل المستوطنات ثم الداخل المحتل، وفي قلب تل أبيب".
وقال القيق في تصريحات صحفية إن "عودة العمليات الاستشهادية يعني أن قواعد الاشتباك التي كانت مبنية على مدار أعوام سابقة بضمانات دولية أو بتوقف المقاومة عن العمليات الاستشهادية يبدو أنها أزيلت من قاموس المقاومة ما يعني أننا أمام موجة واسعة من التصعيد لا تقتصر على العمليات الاستشهادية فقط، وإنما على عمليات الضفة الغربية والمستوطنات".
وأضاف، أن "إعلان القسام والسرايا المشترك، يعطي إشارة إلى أن هناك غرفة عمليات مشتركة للمقاومة في الضفة الغربية وبهذه الحكمة والحنكة والصيغة من الإعلان والتفجير في ظل حالة من التسلسل في التفجيرات وصولا إلى تل أبيب ما يشير إلى أن هناك غرفة عمليات مشتركة تدار من الخارج، وترتب في الداخل ولديها لوجستيات" على حد تقديره.