كيف سيرمّم "حزب الله" خروقات الاحتلال وهل تتراجع "إسرائيل" عن عدوانها؟

نعت "المقاومة الإسلامية" في لبنان، اليوم السبت، كوكبة من قادتها، على إثر عدوان الاحتلال الإسرائيلي الذي استهدف مبنىً سكنياً في منطقة الجاموس في الضاحية الجنوبية لبيروت، أمس الجمعة، وأسفر عن عشرات الشهداء والجرحى المدنيين.
وفي هذا السّياق، أكّد المراقب والخبير الأردني، حاتم الهرش، على أن "جيش الاحتلال الإسرائيلي سيواصل عملياته الأمنية في لبنان، ولا يمكن له أن يتوقّف الآن وخاصةً بعدما كشف عن أهم سلاح في مواجهة حزب الله، وهو الاختراق الأمني بمجهودات استخبارية من الواضح أنها نِتاج عمل سنوات طويلة".
وأضاف الهرش أن "إسرائيل" تدرك أن "أيّ تراجع يعني أن حزب الله سيعاود بناء قدراته الاستخبارية، بتفكيك شبكات الاختراق والعمالة، واكتشاف الثغرات، وإعادة إنتاج منظومة أمنيّة مختلفة تماماً عن المرحلة السابقة".
وتابع بالقول إنه "من غير المتوقّع أن يضيع (الإسرائيليون) هذا السلاح قبل استنفاذ أغراضه، وهو ما يعني تواصل المفاجآت الأمنية بكثافة، وعدم إتاحة أي فاصل زمني مهما بدا قصيراً، لتجنّب إعطاء الحزب فرصة إعادة النظر في سياساته الأمنية، أو إعادة ترتيب صفوفه".
ورأى أن"هذا المسار العملياتي للاحتلال سيُتوّج بحرب على لبنان، وهذا يعني أنّ الاستراتيجية (الإسرائيلية) تنبني حاليّاً على تهيئة أرضية الحرب، من خلال تفكيك بنى الحزب عسكريّاً وأمنيّاً، وإنهاك جبهته الداخلية، وتأزيمه سياسيّا، وصولاً إلى لحظة إعلان الحرب التي لم تعد متعلقة بردّ المقاومة في لبنان من عدمه".
بدوره، قال الأكاديمي والخبير الاستراتيجي اللبناني، علي دربج، إن "فاعليّة الهيكل العسكري للمقاومة في لبنان ليس مرتبطة بشخص، وبالتالي فإنه ومنذ الأيام الأولى لإنشاء هذا الهيكل جرى تركيبه ليكون قادراً على امتصاص الضربات وتجديد نفسه تلقائيّاً".
وأضاف دربج، في تصريح خاص لـ"قدس برس"، اليوم السبت، أن "ضربة أمس في الضاحية الجنوبية لبيروت، لن تؤثّر على فاعليّة الهيكل العسكري للحزب، وهو ما أكدته عدة مراحل مرّ بها الحزب في لبنان منذ ارتقاء الأمين العام السابق الشهيد القائد الشيخ عباس الموسوي، مروراً بالشهداء القادة؛ عماد مغنية، ومصطفى بدر الدين، والسيد محسن، وغيرهم من القادة الكبار والذين كان آخرهم السيد عبدالقادر".
وشدّد على أن "هذه الضربة التي تلقّاها حزب الله أمس هي موجعة وأليمة، ولكن بطبيعة الحال فإن مواجهة عدو متمثّل بالكيان الصهيوني فإن التضحيات ستكون كبيرة وعظيمة نظراً لوحشية الكيان وما يمتلكه".
ولفت إلى أن"الأيام المقبلة ستحمل معها ردود فعل لا أحد يعرف طبيعتها ولا توقيتها ولا مكانها، وهي مرحلة أمنية بإمتياز، وستحمل معها عمليات نوعية كعمليات التسلل وتفجير مراكز على طول جغرافية الشمال الفلسطيني المحتل".
من جهة أُخرى، أكد الكاتب والمحلل شوقي اليوسف، على أنّ "حزب الله تنظيم مؤسساتي يعي تمامًا حجم التحديات التي يواجهها أو سيواجهها في المستقبل، وعليه فإن أي ضربة مركّزة تستهدف قيادته الميدانية أو العسكرية فهي بالنسبة له محل (الإرباك التكتيكي) وليس الإستراتيجي، وحزب الله بتقديري قادر على تجاوز هذا الاستهداف بقوّة وتماسك أكبر".
وأضاف اليوسف، في تصريح خاص لـ"قدس برس" أن "حزب الله تلقّى ضربة قاسمة وصعبة ومزلزلة إن صحّ التعبير، ولكن بتقديري فهو قادر على ترميم ما خسره ويعيد ترتيب صفوفه بسرعة كبيرة".
وتابع بالقول إن"حزب الله تنظيم دخل في هذا الصراع مع العدو الصهيوني منذ أربعة عقود، ومما لا شك فيه أن لدى قيادة الحزب الخطط التي يستطيع من خلالها التعامل بمرونة مع أي استهداف للعنصر البشري إن كان في بعده الميداني أو المركزي".
ونعى "حزب الله" اللبناني اليوم السبت، 15 ناشطا، من بينهم القيادي أحمد محمود وهبي، من مواليد عام 1964، الذي تولى مسؤوليّة وحدة التدريب المركزي في الحزب، والذين ارتقوا في قصف نفذته طائرات الاحتلال أمس على ضاحية بيروت الجنوبية.
وكانت الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت تعرضت، أمس الجمعة، لاستهدافٍ من قبل الاحتلال أدّى إلى إصابة العشرات بين شهيد وجريح، بعد يومين من تفجير أجهزة الاتصال اللاسلكية الذي شنه الاحتلال، في أكثر من منطقة لبنانية.
وتستمر اليوم السبت، أعمال رفع الأنقاض من المبنى المستهدف، بحثاً عن مفقودين في غارة الاحتلال التي أدت لانهيار بناية من سبع طبقات بعد استهدافها بعدد من الصواريخ الثقيلة.
ويشهد جنوب لبنان منذ الـ8 من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، تبادلا شبه يومي لإطلاق النيران، بين "حزب الله" اللبناني، بالتعاون مع "كتائب القسام - لبنان" الجناح العسكري لحركة "حماس"، و"سرايا القدس" الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي"، و"قوات الفجر" الجناح العسكري لـ "الجماعة الإسلامية" في لبنان (الإخوان المسلمين)، ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي، ردا على عدوان الأخير على قطاع غزة.
وبالتزامن مع ذلك، يواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عدوانه على قطاع غزة، بمساندة أمريكية وأوروبية، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة إلى استشهاد أكثر من 41 ألفا و391 شهيدا، وإصابة 95 ألفا و760 آخرين، ونزوح 90% من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.