تقرير: "المستعربون" ...يد الاحتلال القذرة في تنفيذ عمليات الاغتيال بحق الفلسطينيين

أعاد مشهد اغتيال الشبان الفلسطينيين الأربعة، عصر أمس، في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، تسليط الضوء على القوات الخاصة الإسرائيلية التي تعرف بـ"المستعربين"، وعلى دورها في تنفيذ عمليات قتل واغتيال من نوع آخر مختلف عن أسلوب قوات الاحتلال بارتكاب جرائمها.

فخلال ثوان معدودة، كان أربعة من عناصر تلك القوة يرتدون ملابس مدنية ويخرجون من سيارة تحمل لوحات تسجيل فلسطينية، ليطلقوا عشرات الرصاصات تجاه سيارة مدنية كانت تقف وسط السوق الشرقي لنابلس، ويردون من بداخلها شهداء، ومن ثم يعودون لمركبتهم لتندمج بين بقية السيارات التي كانت تغص بهم المنطقة وينسحبوا إلى خارج المدينة.

يقول أحد شهود العيان لـ"قدس برس" وهو بائع خضار إن العملية برمتها لم يستغرق تنفيذها سوى دقائق قليلة، ولولو الأصوات التي صاحبت ارتكابهم للجريمة لما علم بهم أحد، إذ كانوا يستخدمون أسلحة متنوعة وجميعها كانت "كاتمة للصوت".

ويشير إلى أنه كان من الصعوبة بمكان تحديد هوية المنفذين من المستعربين، فلبساهم يشبه لباسنا تماما، حتى ان البعض قد يعتقد ان الحدث جنائي وأنها خلافات أو ثأر داخلي، لكنه نظرا لتكرار هذا الأمر مع شهداء سابقين، جزمنا أنهم محتلون.

وشهدت السنوات القليلة الماضية تعاظم دور هذه الوحدات في تنفيذ عمليات اغتيال واعتقال في الضفة الغربية المحتلة. ولعل من أشهر حوادث الاغتيال التي نفذتها تلك المجموعات، حين تسلل 12 من أفرادها إلى الطابق الثالث في مسستشفى ابن سينا في مدينة جنين، وقتلوا ثلاثة شبان، هم الشقيقان محمد وباسل أيمن الغزاوي، ومحمد وليد جلامنة، نهاية شهر يناير- كانون الثاني الماضي. يومها تنكر أعضاء وحدة المستعربين بالزي المدني، ولباس الأطباء والممرضين، واغتالت الشبان الثلاثة باستخدام مسدسات كاتمة للصوت.

وتُعرف هذه الوحدة بأنها وحدة أمنية سرية خاصة، وتطلق عليها ألقاب مختلفة، منها فرق الموت، ويزرع أعضاؤها بملامح تشبه الملامح العربية وسط المحتجين والمتظاهرين، إذ يلبسون لباسهم وكوفيتهم ويتحدثون بلسانهم.

وبدأت فكرة المستعربين في سنوات الثلاثينيات عندما شكلت عصابة "الهاجاناة" فريق من أعضائها للقيام بمهام استخبارية وتنفيذ عمليات قتل وتصفية ضد الفلسطينيين، وكان أول مستعرب هو "أهارون حاييم كوهين"، ومع الزمن حُوّلت فرقة المستعربين إلى دوائر الاستخبارات العامة. ونشطت تلك المجموعات في أواخر ثمانينات القرن الماضي، عند انطلاق الانتفاضة الأولى، كما أنهم يؤدون أدوارا حساسة داخل الأراضي المحتلة عام 48.

فقد أطلقت شرطة الاحتلال "وحدة مستعربين سرية جديدة" بين الفلسطينيين هناك، بهدف إنشاء بنية تحتية استخباراتية تمكن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية من التحري عن العرب.

ووفق شرطة الاحتلال فإن تشكيل هذه الوحدة بسبب معاناة الأجهزة استخباراتية الإسرائيلية من نقص في المعلومات، ومواجهتها الكثير من الصعوبات في العمل داخل المناطق العربية.

وتضم الوحدة في الغالب جنوداً أنهوا الخدمة العسكرية الكاملة في الوحدات القتالية والخاصة، ويستمر عدد كبير منهم في العمل في الوحدة حتى سن 45 عاماً.

وينخرط هؤلاء الأفراد قبل بدء مهامهم في تدريبات شاملة، وعليهم أن يكملوا دورات خاصة بشأن العادات الاجتماعية والدينية الفلسطينية، واللغة والثقافة العربية، كما يشاركون في تدريبات ميدانية وعملية.

وتستعين الوحدة بخبراء في المكياج والتنكر للعمل مع أفرادها على مدار الساعة، ويحرص أفرادها على التنكر في زي تجار خضار فلسطينيين فيرتدون اللباس الفلسطيني الشعبي، ويتنقلون في سيارات ذات صلة بالمكان، مثل سيارات نقل الخضار وغيرها.

وقد تستغرق فترة التدريب ما بين 12 إلى 15 شهراً، حتى لا يصدر عنهم أيّ شيء يثير الشكوك بشأن شخصياتهم بين المخالطين لهم من الفلسطينيين خلال أداء مهامهم، التي غالباً ما تكون أمنية، مثل الاختطاف أو الاغتيال.

وعادة ما يكون المستعربون ذوي ملامح شرقية، ويتخفَّون خلال المظاهرات أو العمليات الخاصة، بزي يشبه الزي المنتشر في المنطقة، ويقومون بأعمال تقنع المتظاهرين بأنهم منهم، مثل إلقاء الحجارة، وكأنها صوب جنود الاحتلال والشرطة، إلى أن يقتربوا من الأشخاص المستهدفين، فيختطفونهم تحت تهديد السلاح، أو يطلقون النار عليهم.

وتنشط حاليا عدة وحدات للمستعربين وهي، "دوفدفان" التابعة لجيش الاحتلال الإسرائيلي، وتنشط منذ عام 1986، وأساس عملها، تنفيذ عمليات اعتقال، واغتيالات.

وأيضا، وحدة "ي. م. س" التابعة لقوات "حرس الحدود"، وهي قوات تنضم إلى الجيش في زمن الحروب، وإلى الشرطة في زمن الهدوء، وهي ناشطة في الضفة المحتلة، وتعد واحدة من وحدات "النخبة"، وتنشط بعمليات كتلك التي تنشط بها الوحدات الشبيهة في التشكيلات العسكرية الأخرى، ولكنها بالذات تنشط بالتعاون مع جهاز "الشاباك".

وكذلك "وحدة متسادا" التابعة لإدارة سجون الاحتلال، وأقيمت منذ بداية القرن الحالي، وتُعد واحدة من وحدات النخبة التابعة لجيش الاحتلال، وإضافة إلى المهمات التي تقوم بها باقي وحدات المستعربين، فهذه الوحدة متخصصة أيضا بإنقاذ أسرى وتحريرهم، والسعي إلى إلقاء القبض على من يهربون من السجون.

ورغم أن هذه الوحدة تابعة لإدارة السجون، إلا أنه يتم استخدامها لقمع المظاهرات في الضفة المحتلة، وخاصة المسيرات الأسبوعية، إذ برز اسمها في قمع المسيرات الأسبوعية التي كانت تخرج ضد بناء الجدار الفاصل والاستيطان.

وهناك وحدة "غدعونيم" التابعة لشرطة الاحتلال، وأقيمت عام 1990 كوحدة مهمات خاصة، لكن أقامت داخلها فرقة مستعربين تعمل بشكل خاص في مدينة القدس المحتلة.

ومن المعلومات التي تتيح دولة الاحتلال الوصول إليها عبر مواقع رسمية، فإن وحدة "يمام" الخاصة في جهاز ما يسمى بـ"حرس الحدود" التابع لشرطة الاحتلال، أنشئت في عام 1974، وهي متخصصة في مجال "الاستجابة للحالات القصوى"، وتعمل بالتعاون مع جميع القوى العسكرية في جيش الاحتلال وجهاز "الشاباك".

وتعمل هذه الوحدة كما هو معلن، في إطار عمليات سرية، ويتميز أفرادها بمهارات القنص والقرصنة والتخريب باستخدام وسائل تكنولوجية مبتكرة ومتقدمة.

وتُشتهر لدى سلطات الاحتلال وحدة خاصة أخرى تسمى "يسام"، وتتبع لجهاز شرطة الاحتلال، وتم تأهيل أفرادها للتعامل مع الاضطرابات والاستجابة للحوادث الخطيرة والتعامل مع حاملي الأسلحة.

وهناك كذلك وحدة "سييرت متكال" التي تأسست في عام 1957 وتخضع مباشرة لهيئة أركان جيش الاحتلال، وتصنف مع دائرة المخابرات. هدفها الأساسي جمع معلومات استخبارية والتدخل في عمليات عسكرية محددة الأهداف في الخارج.

وعام 2020 صدر كتاب "سيريت ماتكال"، الذي ألفه ضابطان في جيش الاحتلال، هما أفنير شور، وأفيرام هاليفي، ويتحدث عن العمليات السرية التي نفذتها وحدة "أتيمار" التي كانا يعملان فيها سابقا.

ويتحدث الكتاب عن تفاصيل عمليات الاغتيال التي نفذها جيش الاحتلال منذ عام 1972، وفي سرد لتفاصيل أبرز عملية اغتيال نفذتها الوحدة، إذ تعد واحدة من أبرز عمليات الاغتيال منذ الاحتلال الإسرائيلي، وتحدث الكتاب بالتفصيل عن عملية اغتيال أبو جهاد "خليل الوزير" عام 1988 في منزله بتونس.

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
"أونروا": الجوع في غزة بلغ مستويات كارثية.. لا طعام ولا دواء
يوليو 4, 2025
حذرت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، من بلوغ الجوع في قطاع غزة مستويات كارثية غير مسبوقة، مؤكدة أن سكان القطاع ينهارون في الشوارع من شدة الجوع، في ظل غياب شبه كامل للطعام والدواء. وقالت الوكالة الأممية، اليوم الجمعة، أن الجوع في غزة بلغ مستويات كارثية، مشيرة إلى أن الناس يسقطون مغشيا عليهم
السعودية تدعو لوقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة كمقدمة لإقامة "الدولة الفلسطينية"
يوليو 4, 2025
دعا وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان لوقف فوري دائم ومستدام لإطلاق النار في قطاع غزة، كمقدمة لإقامة الدولة الفلسطينية. قال فرحان في تصريحات إعلامية اليوم الجمعة، إن الأولوية يجب أن تكون الآن لوقف إطلاق النار في غزة وإنهاء المعاناة الفظيعة في القطاع. واضاف: "نعول على قيادة الرئيس الأميركي للوصول إلى حل نهائي للصراع الفلسطيني
"حماس": الأقصى أولوية وطنية ولن نسمح بتمرير المخططات الخبيثة بحقه وبحق المدينة المقدسة
يوليو 4, 2025
قالت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" إن "المسجد الأقصى المبارك أولوية وطنية، ولن نسمح بتمرير المخططات الخبيثة بحقه وبحق المدينة المقدسة". وأكد عضو المكتب السياسي ومسؤول مكتب شؤون القدس في الحركة هارون ناصر الدين، في تصريح صحفي، تلقته "قدس برس"، اليوم الجمعة، أن "الاعتداءات المتصاعدة من قبل قوات الاحتلال والمستوطنين على المسجد الأقصى، ومنع وصول المصلين
منظمة حقوقية: 50 عائلة فلسطينية بدوية هجرت قسرا بفعل هجمات المستوطنين شرق الضفة
يوليو 4, 2025
أفادت منظمة "البيدر" للدفاع عن حقوق البدو (غير حكومية)، بأن 50 عائلة بدوية فلسطينية "هُجرت قسرا" من شرق الضفة الغربية المحتلة جراء اعتداءات مستوطنين إسرائيليين. وقال المشرف العام للمنظمة حسن مليحات، في بيان اليوم الجمعة، إن "50 عائلة من (تجمع عرب المليحات)، غادرت مضاربها قسرا جراء اعتداءات المستوطنين". وبين أن التهجير جاء "بعدما نصب مستوطنون
الدفاع المدني في غزة يناشد الوسطاء لإنجاز "هدنة إنسانية فورية"
يوليو 4, 2025
دعا الدفاع المدني بقطاع غزة، الجمعة، الوسطاء والمجتمع الدولي في نداء عاجل لإنجاز "هدنة إنسانية فورية وشاملة" إلى حين التوصل لاتفاق، وذلك بغية إنقاذ المدنيين الفلسطينيين الذي يعانون من الإبادة الإسرائيلية. وقال متحدث الدفاع المدني محمود بصل، في منشور على (تلغرام) اليوم الجمعة: "من قلب قطاع غزة الذي يتعرض للموت في كل لحظة، أوجه نداء
بوريل: مرتزقة أمريكيون قتلوا 550 فلسطينيًا في غزة خلال شهر
يوليو 4, 2025
قال جوزيب بوريل، الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية، إن "مرتزقة أمريكيين" قتلوا 550 فلسطينيا في غزة خلال شهر واحد، متهما "مجلس أوروبا" و"المفوضية الأوروبية" بالتزام الصمت إزاء هذه الأحداث. وأشار بوريل، في منشور عبر حسابه على منصة /إكس/ يوم الخميس، إن هؤلاء المدنيين، الذين يعانون من الجوع، قُتلوا أثناء محاولتهم الوصول إلى