عام على "الطوفان".. هل تراجعت الرواية الإسرائيلية في الغرب؟

خلال سنة كاملة من حرب الإبادة والقتل والتجويع التي مارسها الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، ويوسعها اليوم باتجاه لبنان، خسر الكثير من رصيده، وتراجعت سرديته وتآكلت صورته، وتحديدا على مستوى الرأي العام الغربي ونخبه، إذ أصبح عنوانا للقتل والإبادة وانتهاكات حقوق الإنسان.

ويرى الخبير في الشؤون الأوروبية والمستشار الإعلامي، حسام شاكر، أن "انقساما عميقا حصل بين توجهات صانعي القرار والاستراتيجيات والنخب السياسية والإعلامية والثقافية المتصدرة في البلدان الغربية من جانب، وتوجهات الجماهير والشعوب والقوى المنادية بالقيم والمبادئ والعدالة من جهة أخرى".

وأضاف في حديث مع "قدس برس"، قائلا: إن "هذا الانقسام بنيوي في السياسات الخارجية، التي هي ليست معروضة أساساً للنقاش الجماهيري أو الاختيار الشعبي بطبيعة الحال، وهذه معضلة بنيوية أخرى في الواقع الغربي".

وأشار إلى أن "الاحتلال اليوم أضعف من أي وقت مضى في كسب التعاطف معه كمشروع احتلال واستيطان واستعمار، رغم محاولاته إظهار نفسه في موقع الضحية، لكن ممارساته على الأرض لم تسعفه".

وتابع: "الاحتلال لجأ إلى تكثيف أسلوب الترهيب والإسكات والتغييب والمنع من الكلام لكل ناقد، بمشاركة نخب وأوساط متنفذة في الدول الغربية بحق من تظاهروا ضد الاحتلال، وحصار الأصوات التي أكدت أن قضية فلسطين عادت إلى حد كبير إلى مربعها الأول بصفتها شعباً واقعاً تحت الاحتلال الجائر، كما أن السردية الفلسطينية اكتسبت زخماً كبيراً منذ طوفان الأقصى".

بالمقابل، يرى شاكر أن "الاحتلال دعم سرديته الذاتية بمساندة غربية عبر نخب ومؤسسات ومنصات دعمها للاحتلال، ومن ثم تقديم امتيازات معينة على مستوى الرواية كما شاهدنا ذلك في المناظرة الشهيرة التي حصلت بين كمالا هاريس ودونالد ترمب (مرشحا انتخابات الرئاسة الأمريكية) والقائمة على المزايدة في مدى الولاء للاحتلال الإسرائيلي، وهو ما حصل أيضا في مناظرة ترمب وجو بايدن (الرئيس الأمريكي)".

مؤكدا أن هذا يشير إلى أنه "ثمة معضلة متأصلة في النخب السياسية وصناعة القرار، وأن الأمر لا يتعلق فقط بنشاط قوى مؤيدة للاحتلال أو اللوبي كما يظن أنه يتعلق بتوجهات استراتيجية في عواصم القرار الغربي تحديداً، تعتبر أن الاحتلال ملحق بها".

وعلى هذا "الأساس كشفت هذه الحرب أن الاحتلال لا يعمل في فراغ، وإنما يعمل ضمن محفزات له من جانب أوساط سياسية وإعلامية واستراتيجية في دول القرار الغربي مما يخلق حالة من الانفصام بينها وبين أوساط أكاديمية وشعبية ناقدة للاحتلال"، وفق شاكر.

لافتا إلى أن "سياسات الدعم للاحتلال هي تعبير عن استمرارية ثقافة استعمارية وما بعد استعمارية في مراكز القرار الغربي الذي لم يراجع سياسته الاستعمارية حتى الآن وأن استمرار احتلال فلسطين هي تعبير عن معضلة متأصلة في هذا الصلب".

بدوره يرى الخبير الإعلامي الأردني، خالد طه، أن "الاحتكار الإعلامي الإسرائيلي، يزداد توغّلاً وهيمنةً بشكل غير مسبوق، وخصوصاً فيما يتعلّق بمنظومات وأدوات ومنهجيات الإعلام الجديد".

وتابع: "هنالك سيطرة شبه تامّة ليس فقط على نفاذيّة المحتوى على منصات التواصل وشروط السماح بتداوله ونشره باللغات الأجنبية فحسب، بل استطاع الكيان الإسرائيلي وخلال أكثر من عقدين من الإعداد والاستثمار وعقد شراكات استراتيجية متينة مع المنصات الرقمية، من التحكم والسيطرة على المحتوى حتى المنشور باللغة العربية في معظم المنصّات".

لافتا إلى أنّ "دولة الكيان لديها سفيرة في إمبراطورية ميتا/فيسبوك".

ونوه بأن "الرواية الصهيونية قد تكون تعرضت لهزّة وبعض الخروقات"، لكن في تقديري أنّ "الكيان مع شركائه يعمل على ترميم الخلل والتجهيز على طرح روايات مغايرة تحاكي المتغيرات وطبيعة الأجيال الرقمية".

ودعا طه إلى "عدم الغرور والشعور أن الرواية الفلسطينية حققت تقدما على السردية الصهيونية في الغرب"، مشيرا إلى أنه ما زال هناك الكثير من عمله "لفهم القواعد الجديدة لصناعة الرأي العام والتأثير فيه، والعمل على هندسة الجماهير" على حد تعبيره.

ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، مدعوما من الولايات المتحدة وأوروبا، منذ عام كامل، عدوانه على قطاع غزة، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.

وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة إلى استشهاد أكثر من 41 ألفا و965 شهيدا، وإصابة أكثر من 97 ألفا و590 آخرين، ونزوح 90% من سكان القطاع، بحسب بيانات منظمة الأمم المتحدة.

 

 

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
"العفو الدولية" بجانب 188 منظمة دولية: خطة توزيع الغذاء الإسرائيلية في غزة مميتة ويجب وقفها فورًا
يوليو 1, 2025
اتهمت منظمة العفو الدولية، السلطات الإسرائيلية باستخدام الغذاء كسلاح ضد المدنيين في قطاع غزة، محذرة من أن خطة توزيع الغذاء الإسرائيلية – بما فيها ما يُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" – قد تحولت إلى آلية قاتلة تُجبر أكثر من مليوني فلسطيني على الاختيار بين الموت جوعًا أو التعرض لإطلاق النار. وقالت العفو الدولية، في بيان مدعوم
"برلمانيون لأجل القدس": نداء عاجل للبرلمانات الدولية لإنقاذ أطفال غزة من الجوع والمرض
يوليو 1, 2025
وجهت رابطة برلمانيون لأجل القدس وفلسطين، نداءً عاجلًا إلى رؤساء البرلمانات والمنظمات البرلمانية الإقليمية والدولية، والمؤسسات الحقوقية، طالبت فيه بتحرك دولي فوري لإنقاذ أطفال غزة من كارثة إنسانية متصاعدة بفعل الحصار والإبادة الجماعية التي يتعرض لها القطاع. واستندت الرابطة في ندائها إلى تقارير ميدانية وإنسانية، من بينها نداء "منتدى العدالة الدولي ضد الإبادة الجماعية"، والتي
آيزنكوت يعلن انسحابه من حزب "معسكر الدولة" بزعامة غانتس ويستقيل من الـ"كنيست"
يوليو 1, 2025
أعلن رئيس الأركان الإسرائيلي الأسبق عضو برلمان الاحتلال "كنيست" غادي أيزنكوت، مساء الإثنين، الانسحاب من حزب “معسكر الدولة” بزعامة المعارض بيني غانتس والاستقالة من الكنيست، في خطوة وصفت بـ”الزلزال السياسي”. وقال “معسكر الدولة” في بيان إن أيزنكوت أبلغ غانتس بقراره الانسحاب من الحزب، والتخلي عن مقعده في الكنيست الذي كان قد فاز به ضمن قائمة
"أونروا": 82 % من مناطق قطاع غزة تخضع لأوامر إخلاء إسرائيلية
يوليو 1, 2025
قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، إن 82 بالمئة من مناطق قطاع غزة تخضع لأوامر إخلاء إسرائيلية، وإن الفلسطينيين لا يجدون مكانا يلجؤون إليه مع استمرار تدمير المنشآت ومراكز الإيواء. وأوضحت الوكالة الأممية، في منشور على منصة (إكس) اليوم الثلاثاء، أن الجيش الإسرائيلي قصف صباح أمس الاثنين مدرسة كانت مأوى لنازحين فلسطينيين
صحة غزة: 116 شهيدا و463 جريحا وصلوا المستشفيات خلال الـ24 ساعة الماضية
يوليو 1, 2025
أعلنت وزارة الصحة في غزة نقل 116 شهيدا فلسطينيا، (بينهم 4 شهداء انتشال)، و463 جريحا إلى مستشفيات قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية. وأضافت الوزارة، في تصريح صحفي، اليوم الثلاثاء، أن حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 آذار/مارس 2025، وصلت إلى 6,315 شهيدا و22,064 جريحا، مشيرة إلى أن هناك عددًا من الضحايا ما زالوا تحت الركام
لازاريني: "مؤسسة غزة الإنسانية" لا تقدم سوى التجويع والرصاص للفلسطينيين
يوليو 1, 2025
قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني، إن عشرات المنظمات الإنسانية دعت لإنهاء نشاط "مؤسسة غزة الإنسانية" كونها "لا تقدم سوى التجويع والرصاص" للمدنيين بالقطاع. وأوضح لازاريني، في تدوينة على منصة (إكس) اليوم الثلاثاء، أن "أكثر من 130 منظمة إنسانية غير حكومية دعت إلى استعادة آلية تنسيق وتوزيع موحدة