"الابتزاز الطبي".. أحدث ما ابتكرته آلة الحرب الإسرائيلية

استخدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، خلال عام كامل، الحاجات الطبية والمتطلبات الصحية لسكان قطاع غزة، كأداة ضغط وابتزاز، فقصفت المشافي والمراكز الطبية، ومنعت دخول الدواء، وخروج المرضى لتلقي العلاج بالخارج، مُشَكلة بذلك حالة غير مسبوقة، في تاريخ الحروب.
وبعد عام كامل من حرب الإبادة، تحوّلت مشافي القطاع إما إلى أثر بعد عين، أو إلى مبان تعمل بجزء بسيط من طاقتها الإنتاجية، فيما تشير أرقام إلى أن حالات الوفاة الطبيعية، تضاعفت خلال الحرب نحو 6 مرات، بسبب انهيار المنظومة الصحية بالقطاع.
وعلى مدار السنة الماضية، كان عشرات الألوف من الجرحى والمرضى بلا مستشفيات ولا علاج، بعد تعمد جيش الاحتلال استهداف المستشفيات والمراكز الصحية دون الأخذ بأي اعتبار للقوانين الدولية والإنسانية، وفي مقدمها اتفاقية جنيف الرابعة التي تقر بشكل واضح احترام وحماية الأفراد العاملين في الحقلين الطبي والصحي.
وحتى بداية عام 2023 بلغ عدد المستشفيات في قطاع غزة 35 مستشفى بسعة سريرية تبلغ 3412 سريرا، إلا أن آلة الدمار "الإسرائيلي" أحالت تلك المشافي إلى جزء من الدمار الذي لحق في القطاع. وكانت مجزرة مستشفى الشفاء من أكبر المجازر التي ارتكبها جيش الاحتلال، حيث قتل وأصيب فيها 1500 شخص، نصفهم من الأطفال والنساء.
أما مجزرة مستشفى "المعمداني" يوم 17 تشرين أول/أكتوبر 2023، فقد صدمت العالم بوحشيتها، حيث استهدف سلاح الجو الإسرائيلي، تلك المستشفى التي كانت تضم المئات من المرضى والنازحين، ما أسفر عن استشهاد نحو 500 مدني كانوا بداخلها.
وفي انتهاك غير مسبوق لأخلاقيات الطب والمبادئ الإنسانية والقوانين الدولية، دعى العشرات من الحاخامات في رسالة إلى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو (بتاريخ 2 تشرين ثاني/نوفمبر 2023)، وكذلك المئاتُ من الأطباء الإسرائيليين، إلى قصف المستشفيات، بدعوى أن المقاومة تستخدمها.
وظل ما تبقى من أفراد الطواقم يعملون تحت القصف والمجاعة، ويفتقدون الحماية والإمكانيات، بل نفذت دولة الاحتلال الإسرائيلي سلسلة اعتقالات وقتل في صفوفهم، كما اعتقلت مرضى من أسرتهم، في إجراءات صدمت العالم.
المنظومة الصحية والطبية في قطاع غزة، حقائق وأرقام:
- ارتكب جيش الاحتلال خلال عام الطوفان، 3 آلاف و 629 مجزرة، وهذه المجازر أنهكت الطواقم الطبية، حيث وصل الحال بالفريق الطبي الواحد أن يجري في يوميا 33 عملية جراحية متلاحقة.
- استشهد 36 شخصا، أغلبهم من الأطفال بسبب المجاعة في غزة، حيث اضطرت وزارة الصحة افتتاح أقسام تحت اسم (قسم سوء التغذية)، وهذا يضاف إلى كاهل الطواقم الطبية المنهكة أصلا، والتي لا تستطيع أن تلاحق تطبيب الجرحى الذين يصلون بالمئات يومياً لما تبقى من المستشفيات أو المراكز الطبية.
- استشهد (986) من الطواقم الطبية وفقاً للإحصائيات الرسمية الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، واستشهاد هذا الكم الكبير من الطواقم أنهك زملاءهم الذين حملوا عنهم العبء الطبي بالكامل.
- 26 ألفا و 251 جريحاً ومُصاباً وفقاً لإحصائيات وزارة الصحة، وهذا العدد من الجرحى يحتاجون إلى 500 ألف عملية جراحية مختلفة، حتى يأخذ كل جريح حقه كاملاً في العلاج والتطبيب، وهذا غير متوفر بطبيعة الحال، لذلك يستشهد يومياً العديد من الجرحى والمرضى.
- ارتفعت معدلات الوفاة الطبيعية في غزة، خلال عام "الطوفان" 6 أضعاف ونصف مرة، عن عدد الوفيات الطبيعية ما قبل الحرب (1 قبل الحرب مقابل 6,5 خلال الحرب)، وذلك بسبب نقص العلاجات والأدوية والمستلزمات الطبية وإنهاك الطواقم والازدحام الكبير فيما تبقى من المستشفيات.
- قدرت مصادر طبية في غزة، أن هناك 3 آلاف و 500 طفل، معرضين للموت؛ بسبب سوء التغذية ونقص الغذاء، وهذا العدد الكبير من الأطفال موزعين على بضعة مستشفيات ومراكز طبية، ولا يوجد أي قدرة على إنقاذهم مما هم فيه، بسبب انعدام العلاجات والأدوية وحليب الأطفال والمكملات الغذائية.
- إغلاق المعابر في قطاع غزة أثر سلبيا على 3 مسارات، المسار الأول: هذا الإغلاق منع دخول المتطوعين لمساندة الطواقم الطبية في قطاع غزة، المسار الثاني: هذا الإغلاق منع إدخال العلاجات والأدوية والمستلزمات الطبية، وأصبحت الطواقم الطبية تجري عملياتها الجراحية بدون تخدير وبدون أدوات ومواد تعقيم وهو ما يشكل خطورة على المريض، وعلى الأطباء أنفسهم، المسار الثالث: هذا الإغلاق منع من سفر 25 ألف جريح ومريض، حتى يتلقوا علاجهم في الخارج، واجتماع هذه المسارات الثلاثة أدى إلى ارتفاع نسبة وأعداد الشهداء والوفيات إلى حد بعيد وملحوظ، وأحيانا كثيرا وصل الأطباء إلى نظام المفاضلة بين الجرحى والمرضى، من يموت ومن نحاول إنعاشه ومحاولة إعادته للحياة.
- يوجد في غزة حاليا 10 آلاف مريض سرطان يواجهون الموت وبحاجة إلى العلاج، فجيش الاحتلال سيطر على المستشفى الوحيد المتخصص بمرض السرطان وهو مستشفى الصداقة التركي، وحوله إلى ثكنة عسكرية ومنامة لعناصره، وأصبح مركزاً للقتل وإدارة العمليات الإجرامية، بحسب مصادر طبية في غزة.
- انتشرت الأمراض المعدية والبكتيرية بين سكان القطاع، وقدرت مصادر إصابة 1 مليون و 737 ألفا و 524 غزي بهذا النوع من العدوى، وهذا العدد الكبير عجزت المنظومة الصحية المنهارة عن تقديم العلاجات والأدوية لهم، ما أدى إلى وفاة عدد كبير منهم.
- يوجد في قطاع غزة حاليا 350 ألف مريض مزمن يعيشون في خطر بسبب منع إدخال الأدوية، وبالفعل توفي منهم العشرات بسبب منع الاحتلال إدخال العلاجات والأدوية من المعابر المغلقة أصلاً، والتي كان آخرها إغلاق معبر رفح منذ 147 يوماً.
- اعتقل الاحتلال (310) من الكوادر الصحية في القطاع، وهؤلاء تعرضوا للتعذيب النفسي والجسدي الشديد، مما أدى إلى استشهاد العديد منهم، مثل: استشهاد الطبيب/ د. عدنان البرش، والطبيب/ د. إياد الرنتيسي، والطبيب/ د. زياد الدلو تحت التعذيب داخل السجون.
- أخرج الاحتلال (34) مستشفى من الخدمة تماما، عبر تدميرها أو حرقها، مثل مستشفيات "الشفاء" و"القدس" و"السلام"، أو عبر احتلالها وتحويلها إلى مقر عسكري، مثل مستشفى "الصداقة التركي".
- أخرج الاحتلال (80) مركزاً صحياً عن الخدمة تماماً، إما بالتدمير أو الحرق أو الاستهداف.
- دمر جيش الاحتلال (131) سيارة إسعاف، وخرجت عن الخدمة، والآن يعمل في قطاع غزة قرابة 22 سيارة إسعاف فقط، منها 13 جنوب وادي غزة، وهذه تعد كارثة حقيقية، حيث لم تتمكن سيارات الإسعاف من الوصول لعشرات الإصابات الأمر الذي أدى إلى وفاتها.
- قدر مكتب الإعلام الحكومي في غزة، خسائر القطاع الطبي بسبب العدوان الإسرائيلي، بـ (575) مليون دولار، وهذه الخسائر تشمل تدمير المستشفيات والمراكز الصحية ومراكز الأشعة ومستودعات الأدوية والصيدليات وخسائر غرف العمليات الجراحية في القطاع الخاص والعام وغيرها.