عام على "طوفان الأقصى".. "إسرائيل" من واحة الديمقراطية والحريات إلى دولة "الإبادة الجماعية"

عام مضى على انطلاق معركة "طوفان الأقصى"، رأى المراقبون فيه أن تلك المعركة، أسست لتغيرات استراتيجية، ورسخت لمرحلة جديدة في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، وشكّلت تحوّلات عميقة لصالح الحق الفلسطيني، فيما كانت ارتداداتها، وما زالت مدوّية في "إسرائيل".
وفي قراءته لمسار المعركة ونتائجها، يرى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، سليمان بشارات، بأنه وعند الحديث عن إنجازات "طوفان الأقصى" فلا بد من استحضار مجموعة من المحددات الأساسية، أولها "الرؤية الإسرائيلية لمنطقة الشرق الأوسط، حيث قدم بنيامين نتنياهو (رئيس الحكومة الإسرائيلية) في أيلول/ سبتمبر عام 2023، (قبل شهر من طوفان الأقصى)، أمام الأمم المتحدة رؤيته، بحيث تكون إسرائيل هي الدولة المركزية، والتي يمكن أن يعول عليها بالتحالفات في المنطقة".
ويقول بشارات لـ"قدس برس"، إن "الاحتلال الإسرائيلي كان يضع بالحسبان، هندسة الشرق الأوسط، وفقا للمصالح الإسرائيلية الأمريكية، ووفقا لرؤية اليمين الإسرائيلي المتطرف في هذا الإطار، بحيث تنهى القضية الفلسطينية، ويعزز الوجود الإسرائيلي في الشرق الأوسط وفرض الهيمنة الاقتصادية، قبل أن يأتي الطوفان، ليعطل تلك الخطط، ويضع أمامها مزيدا من التحديات".
وتحدث بشارات عن عرقلة الـ "طوفان" لخطط التطبيع بين "إسرائيل" ودول المنطقة، قائلا "واضح وجلي أن إسرائيل في منظورها للشرق الأوسط، كانت تحاول بشكل أو بآخر تعزيز مكانتها السياسية من خلال اتفاقيات التطبيع، فجاء الطوفان ليعرقل الرؤية الإسرائيلية، وطموحات بعض الأنظمة العربية بالتقرب إلى أمريكا من خلال دولة الاحتلال".
ويتابع: "كما حطم الطوفان السردية الإسرائيلية التي كانت تقدم نفسها للعالم على أنها الدولة الديمقراطية، ذات القيم، والتي تحارب من أجل حماية الإنسانية في العالم، وبان زيف تلك المزاعم في ظل عمليات الإبادة الجماعية في قطاع غزة".
وكان لـ"الطوفان" أيضا كما يقول بشارات "ارتداداته على الحالة الإسرائيلية، وهذا كان واضحا من خلال طبيعة وحجم التأثيرات والتداعيات التي أحدثها في الداخل الإسرائيلي، وتحديدا فيما يتعلق بمكانة إسرائيل الردعية، والمتمثلة بقدرتها على الحسم والمنظومة الاستخباراتية والتفوق التقني والتفوق العسكري".
وعلى الصعيد ذاته، يؤكد نائب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني، حسن خريشة، على أن "طوفان الأقصى" كان له عدة إنجازات أولها، "تعطيل مشاريع تهويد القدس بشكل عام والإجراءات الإسرائيلية المحتملة بالتقسيم الزماني والمكاني والسيطرة على المسجد الأقصى، ومن ثم ردع الاحتلال كما حصل في معركة سيف القدس (معركة بدأتها المقاومة في العام 2021 نصرة للمسجد الأقصى)".
واعتبر خريشة في حديث مع "قدس برس" أن "طوفان الأقصى شكّل نقطة مفصلية تاريخية في المنطقة، وباتت هناك تغيرات في العالم كله".
وتابع "نجح بعض المقاتلين من إحداث معجزة، بعد أن استطاعوا تحرير بعض الأراضي بقوة السلاح ولو لبضع ساعات، وصنعوا تجربة ستبقى ملهمة للأجيال القادمة".
كما يرى خريشة أن "الطوفان" عزز لدى الشعب الفلسطيني نظرية، أن "أمريكا عدو، وكل أطروحاتها وحلولها ومعاهداتها السلمية، ما هي إلا أوهام، وأنه لا ثقة إلا بالمقاومة".
وشدد نائب رئيس "التشريعي الفلسطيني" على أن طوفان الأقصى "أبطل مشاريع الترانسفير ومحاولات إلغاء دور وكالة الغوث اللاجئين (أونروا) تمهيدا لإلغاء حق العودة".
ولفت خريشة إلى أن "القضية الفلسطينية تعرضت لمحاولات شطب ممنهجة ومبرمجة عبر أدوات تطبيعية كثيرة، من خلال التحاق العديد من الدول بقطار التطبيع (...) وجاء طوفان الأقصى ليؤكد بأن الاحتلال غير قادر على حماية نفسه فكيف يحمي المطبعين".
ويسهب خريشة بالحديث مفصلا: "عندما نتحدث عن التطبيع، فقد حاول الغرب وإسرائيل، إيجاد عدو بديل عن الاحتلال وتحديدا إيران، عبر استغلال البعد الطائفي، ولكن الطوفان أبطل كل هذه الأفكار المشوهة".
ويختم "خريشة" حديثه عن إنجازات "الطوفان"، بالقول: "لقد حمل الأمل للأسرى الفلسطينيين... بأن مسألة التحرير باتت قريبة".
ومنذ 23 أيلول/ سبتمبر الماضي، وسعت دولة الاحتلال نطاق الإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة منذ 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، لتشمل جل مناطق لبنان، بما فيها العاصمة بيروت، عبر غارات جوية غير مسبوقة عنفا وكثافة، كما بدأت توغلا بريا في جنوبه ضاربة عرض الحائط بالتحذيرات الدولية والقرارات الأممية.