"طوفان الأقصى".. كيف تغيرت شروط الاشتباك سياسيا وإعلاميا؟

لم تكن معركة "طوفان الأقصى" عند انطلاقها قبل عام، مجرد عملية للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال، بقدر ما أنها إعلان تغيرت فيه شروط الاشتباك على المستويات العسكرية والسياسية والإعلامية مع دولة الاحتلال، التي كانت حكومتها عشية الطوفان تتوسع في أنشطتها الاستيطانية في الضفة الغربية والتهويدية للمسجد الأقصى، وتزداد شراسة في التعامل مع الأسرى.
ويؤكد الكاتب والصحفي الفلسطيني، فرج شلهوب، على أن "معركة طوفان الأقصى، أحدثت تغييراً جذرياً في قواعد الاشتباك على المستويين الإعلامي والسياسي".
وأضاف في حديث مع "قدس برس": "ما كان في بداية المعركة من ظروف ومعطيات لم تعد قائمة اليوم، والأداء الإعلامي والسياسي بات وكأنه ينحت في الصخر".
وأوضح أن "حجم الهجمة والجريمة الإسرائيلية، والخذلان الذي أحاط بالشعب الفلسطيني في غزة، جعل من الأداء الإعلامي والسياسي الفلسطيني مهمة معقدة، لجهة العمل على اختراق كل هذه الحصون، في مواجهة الهجمة المنظمة الإسرائيلية والغربية".
جهد إعلامي استثنائي
وتابع "قواعد الاشتباك الإعلامي اليوم بحاجة إلى قدر أعلى لإيصال الرسالة، مع الإشارة إلى أن الأداء الإعلامي الفلسطيني لا تنقصه المهنية، لكن المطلوب اليوم أن تبقى المعركة حاضرة في أذهان الناس، كصورة حيوية كما كانت في البداية".
ويرى شلهوب أن "الرصيد الذي بنته المقاومة أسس لواقع إعلامي مستقر، ومن ثم المطلوب المراكمة على الأداء الناجح، وعرض عدالة القضية وبشاعة الجريمة التي يمارسها الاحتلال وأعوانه، والتي بالضرورة تخالف القوانين والأعراف الدولية".
وتابع: "خلال عام من طوفان الأقصى كان واضحاً أن هناك أداء إعلاميا متميزا للمقاومة، والأخيرة نجحت في إيصال رسالة إعلامية ذات تأثير في أكثر من مستوى سواء في تغطية الجانب العسكري أو الإنساني" وفق ما يرى.
وأكد أن "الأداء الإعلامي للمقاومة كان حاضراً بقوة في المجال العسكري، بل واستطاع أن يضرب الأداء الإعلامي الإسرائيلي والتعمية عليه، والناس كانت تعيش الحدث من خلال الصورة المؤثرة التي يظهرها الإعلام المقاوم".
إيجاد الحلول
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، علي البغدادي، إن "طوفان الأقصى أثّر كثيراً في المشهد الإعلامي والسياسي الفلسطيني، فقد كنا نعاني الإحباط ومحاولة إيجاد الحلول مذ ولجنا في المسار التفاوضي".
وأضاف في حوار مع "قدس برس" أنه "رغم قساوة المشهد الذي حدث بعد السابع من أكتوبر من العام الماضي (انطلاق طوفان الأقصى)، إلا أنه أعاد ترتيب الأوراق فلسطينياً، وأعاد إحياء الأمل في التحرير، كما أنه أعاد البوصلة إلى مكانها، وأعاد الشعب الفلسطيني والأمة العربية والإسلامية للتوحد خلف راية المقاومة الفلسطينية".
وعلى الصعيد العربي، يرى البغدادي، أن "طوفان الأقصى حرك مياهاً راكدة كثيرة، وبعث الأمل، بعد حالات الإحباط على المستويين السياسي والإعلامي، وعزز مفهوم الوحدة بعد عقد من الاقتتال الداخلي، وأعاد إحياء فلسطين كقضية جامعة".
وأشار إلى أن "طوفان الأقصى أدى دوراً في التأثير بالحالة الغربية إعلامياً من خلال التأثر بمشاهد الدم والذبح والجرائم الإسرائيلية ضد الإنسانية، ومن ثم استطاع الإعلام المقاوم ضرب السردية الإسرائيلية التي سيطرت على الغرب طويلاً" على حد تقديره.
وتابع: "في الخط الاستراتيجي، فإن الكيان الإسرائيلي تلقى العديد من الضربات العسكرية والأمنية والإعلامية والدبلوماسية، فمن جهة مستوطنات الشمال والجنوب أصبحت فارغة سكانياً، وتوقفت هجرة اليهود إلى فلسطين، وزادت الهجرة المعاكسة".
معتبرا أن "هذا عمق الشرخ في صفوف المجتمع الإسرائيلي، وزاد حالة اليمين المتطرف، ودمر هذا الشرخ صورة إسرائيل إعلامياً في العالم، وفقد الاحتلال زمام المبادرة الإعلامية، ولم يعد اللاعب الوحيد في هذا القطاع.
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، مدعوما من الولايات المتحدة وأوروبا، منذ 375 يوما، عدوانه على قطاع غزة، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.