تقرير: المستوطنون يضعون عيونهم على قمة جبل عيبال في نابلس للسيطرة عليه

نابلس (فلسطين) - قدس برس
|
أكتوبر 23, 2024 4:47 م
يعد جبل عيبال في مدينة نابلس محط استهداف المجموعات الاستيطانية المتطرفة، التي تسعى للسيطرة عليه في ظل حماية جيش الاحتلال، بدعوى وجود مذبح "يوشع بن نون" فوق قمة الجبل.
ويتعرض الجبل لاقتحامات يومية من مئات المستوطنين وتحديدا موقع "برناط" الأثري على قمته، لإقامة احتفالات وأداء طقوس تلمودية قرب سلسلة حجرية مهدومة تشكل بقايا بناء قديم، فيما تفرض قوات الاحتلال إجراءات مشددة في المنطقة، وتمنع الفلسطينيين وحتى الصحفيين من الوصول إلى المكان أو المرور بقربه.
ويقع موقع "برناط" على مساحة تقدر بـ35 دونما (الدونم ألف متر مربع) على قمة الجبل، وتعود ملكيتها لفلسطينيين من مدينة نابلس وبلدة "عصيرة الشمالية" المجاورة لها، فيما يخطط المستوطنون منذ نحو عقد من الزمن للسيطرة على المنطقة بذريعة وجود المذبح هناك، مستغلين الأساطير في معركتهم للاستيلاء على مزيد من الأراضي الفلسطينية، كما يقول المختصون وخبراء الآثار.
وكان وزير الإسكان الإسرائيلي السابق أوري أرئيل قد تعهد للمستوطنين، عام 2015، بفتح الموقع أمامهم لتمكينهم من أداء طقوس تلمودية فيه، قبل بدء العمل على شق طريق إليه على حساب الأراضي الزراعية الخاصة بالفلسطينيين، وكان وجود معسكر لجيش الاحتلال على الجبل ذاته قد سهل على الجيش هذه المهمة.
ولعل ما أثار أطماع مستوطنين هو قيام عالم الآثار الإسرائيلي "آدم زرتال"، خلال ثمانينيات القرن الماضي، بأعمال تنقيب في الموقع وتاريخه في القرن الـ13 قبل الميلاد، وادعائه أن المذبح الذي أقامه يوشع بن نون موجود هناك.
وتتنافى الادعاءات مع الرواية الدينية اليهودية والسامرية (الطائفة السامرية أصغر طائفة دينية في العالم، وتقيم على قمة جبل جرزيم المقابل لجبل عيبال)، التي تقول إنه "لا يمكن لنبي أن يقيم مذبحا على جبل عيبال الذي يعرف في التوراة بجبل اللعنة".
مذبح كنعاني وثني
الرواية الإسرائيلية تتنافى مع نتائج التنقيب الذي نفذه العديد من العلماء في فلسطين، ومع حقيقة المسوح الضوئية للبقايا المعمارية التي عثر عليها، التي تؤكد أنه مذبح كنعاني وثني، كانت تقدم عليه القرابين للآلهة الكنعانية.
ويشير الباحثون إلى أن ديانة أرض كنعان في تلك الحقبة لم تكن ديانة موحِّدة، وإنما ديانة وثنية، ففكرة التوحيد ظهرت في القرن السابع قبل الميلاد، فيما تبلورت الديانة اليهودية في أثناء السبي البابلي، وأخذت صياغتها النهائية، ودُرّست بعد العودة في المدّة الفارسية عام 539 قبل الميلاد".
ويوضح الخبير في علم الآثارات ضرغام الفارس في حديث مع "قدس برس" أن شكل المذبح الخارجي المستطيل، وليس المربع، وعدم وجود أربعة حجارة بارزة على زوايا المذبح، ووقوع المذبح إلى الشمال من قمة عيبال بحيث لا يقابل جبل جرزيم، كلها أمور أفقدت ادعاءات زرتال مسوغاتها، حتى عند الغالبية العظمى من علماء الآثار الإسرائيليين.
ويشدد على أن الأطماع الاستيطانية في موقع برناط تعدّ توظيفا للرواية التوراتية لأغراض استيطانية وعسكرية بحتة ولتكريس الاحتلال، لا سيما أن المكان ذو طبيعة استراتيجية، ويطل على قرى نابلس الشرقية والأغوار ومحافظة طوباس، ويمكن من خلاله مشاهدة السفوح الغربية لجبال الأردن.
واستولى الاحتلال على قمة جبل عيبال عام 1979، وأقام عليها معسكرا على مساحة 500 دونم، بالإضافة إلى 1500 دونم في محيطه يمنع المزارعين من الوصول إليها.
ويؤكد محافظ نابلس غسان دغلس إن "المنطقة المستهدفة مصنفة ضمن المنطقة (ب) حسب اتفاق أوسلو، أي أنها تحت إدارة السلطة الفلسطينية، وليس للإسرائيليين الحق في السيطرة عليها أو التحكّم فيها، هذا بدلا من أن المساحات المهددة بالمصادرة مملوكة لفلسطينيين، ومسجلة بسندات رسمية لهم".
ويقلل دغلس من قيمة الادعاءات اليهودية، مشيرًا إلى أن أهالي بلدة عصيرة الشمالية يذكرون بالاسم أجدادهم الذين قاموا ببناء المبنى والسلاسل الحجرية حوله.
وأضاف: "كان المزارعون يستخدمونه ليكون مأوى لهم من مطر الشتاء وحر الصيف، حيث كانوا يضعون أدواتهم الزراعية ومواشيهم فيه لفترات زمنية طويلة".
وكان المستوطنون قد حاولوا، خلال السنوات الماضية، إقامة بؤرة استيطانية جديدة فوق جبل عيبال قرب الموقع الأثري، لكن الفلسطينيين أفشلوا ذلك، وفق دغلس.
ويشدد دغلس على ضرورة "التصدي لمثل هذه المحاولات من مصادرة الأرض البكر فوق جبل عيبال في قلب نابلس واعتبارها مزارا دينيا هم أنفسهم يختلفون فيه بين سامريين ويهود، وكل ما يزعمونه من اكتشافات ما هي إلا بدواع سياسية واقتصادية ودعائية لجلب السياحة وترسيخ مفهوم أرض الميعاد الذي يعود إلى الاتساع القومي الذي تنادي به إسرائيل دولة لليهود".
تصنيفات : أخبار فلسطين استيطان