تقرير: المستوطنون يضعون عيونهم على قمة جبل عيبال في نابلس للسيطرة عليه

يعد جبل عيبال في مدينة نابلس محط استهداف المجموعات الاستيطانية المتطرفة، التي تسعى للسيطرة عليه في ظل حماية جيش الاحتلال، بدعوى وجود مذبح "يوشع بن نون" فوق قمة الجبل.

ويتعرض الجبل لاقتحامات يومية من مئات المستوطنين وتحديدا موقع "برناط" الأثري على قمته، لإقامة احتفالات وأداء طقوس تلمودية قرب سلسلة حجرية مهدومة تشكل بقايا بناء قديم، فيما تفرض قوات الاحتلال إجراءات مشددة في المنطقة، وتمنع الفلسطينيين وحتى الصحفيين من الوصول إلى المكان أو المرور بقربه.
 
ويقع موقع "برناط" على مساحة تقدر بـ35 دونما (الدونم ألف متر مربع) على قمة الجبل، وتعود ملكيتها لفلسطينيين من مدينة نابلس وبلدة "عصيرة الشمالية" المجاورة لها، فيما يخطط المستوطنون منذ نحو عقد من الزمن للسيطرة على المنطقة بذريعة وجود المذبح هناك، مستغلين الأساطير في معركتهم للاستيلاء على مزيد من الأراضي الفلسطينية، كما يقول المختصون وخبراء الآثار.
 
وكان وزير الإسكان الإسرائيلي السابق أوري أرئيل قد تعهد للمستوطنين، عام 2015، بفتح الموقع أمامهم لتمكينهم من أداء طقوس تلمودية فيه، قبل بدء العمل على شق طريق إليه على حساب الأراضي الزراعية الخاصة بالفلسطينيين، وكان وجود معسكر لجيش الاحتلال على الجبل ذاته قد سهل على الجيش هذه المهمة.
 
ولعل ما أثار أطماع مستوطنين هو قيام عالم الآثار الإسرائيلي "آدم زرتال"، خلال ثمانينيات القرن الماضي، بأعمال تنقيب في الموقع وتاريخه في القرن الـ13 قبل الميلاد، وادعائه أن المذبح الذي أقامه يوشع بن نون موجود هناك.
 
وتتنافى الادعاءات مع الرواية الدينية اليهودية والسامرية (الطائفة السامرية أصغر طائفة دينية في العالم، وتقيم على قمة جبل جرزيم المقابل لجبل عيبال)، التي تقول إنه "لا يمكن لنبي أن يقيم مذبحا على جبل عيبال الذي يعرف في التوراة بجبل اللعنة".
 
مذبح كنعاني وثني
الرواية الإسرائيلية تتنافى مع نتائج التنقيب الذي نفذه العديد من العلماء في فلسطين، ومع حقيقة المسوح الضوئية للبقايا المعمارية التي عثر عليها، التي تؤكد أنه مذبح كنعاني وثني، كانت تقدم عليه القرابين للآلهة الكنعانية.
 
ويشير الباحثون إلى أن ديانة أرض كنعان في تلك الحقبة لم تكن ديانة موحِّدة، وإنما ديانة وثنية، ففكرة التوحيد ظهرت في القرن السابع قبل الميلاد، فيما تبلورت الديانة اليهودية في أثناء السبي البابلي، وأخذت صياغتها النهائية، ودُرّست بعد العودة في المدّة الفارسية عام 539 قبل الميلاد".
 
ويوضح الخبير في علم الآثارات ضرغام الفارس في حديث مع "قدس برس" أن شكل المذبح الخارجي المستطيل، وليس المربع، وعدم وجود أربعة حجارة بارزة على زوايا المذبح، ووقوع المذبح إلى الشمال من قمة عيبال بحيث لا يقابل جبل جرزيم، كلها أمور أفقدت ادعاءات زرتال مسوغاتها، حتى عند الغالبية العظمى من علماء الآثار الإسرائيليين.
 
ويشدد على أن الأطماع الاستيطانية في موقع برناط تعدّ توظيفا للرواية التوراتية لأغراض استيطانية وعسكرية بحتة ولتكريس الاحتلال، لا سيما أن المكان ذو طبيعة استراتيجية، ويطل على قرى نابلس الشرقية والأغوار ومحافظة طوباس، ويمكن من خلاله مشاهدة السفوح الغربية لجبال الأردن.
 
واستولى الاحتلال على قمة جبل عيبال عام 1979، وأقام عليها معسكرا على مساحة 500 دونم، بالإضافة إلى 1500 دونم في محيطه يمنع المزارعين من الوصول إليها.
 
ويؤكد محافظ نابلس غسان دغلس إن "المنطقة المستهدفة مصنفة ضمن المنطقة (ب) حسب اتفاق أوسلو، أي أنها تحت إدارة السلطة الفلسطينية، وليس للإسرائيليين الحق في السيطرة عليها أو التحكّم فيها، هذا بدلا من أن المساحات المهددة بالمصادرة مملوكة لفلسطينيين، ومسجلة بسندات رسمية لهم".
 
ويقلل دغلس من قيمة الادعاءات اليهودية، مشيرًا إلى أن أهالي بلدة عصيرة الشمالية يذكرون بالاسم أجدادهم الذين قاموا ببناء المبنى والسلاسل الحجرية حوله.
 
وأضاف: "كان المزارعون يستخدمونه ليكون مأوى لهم من مطر الشتاء وحر الصيف، حيث كانوا يضعون أدواتهم الزراعية ومواشيهم فيه لفترات زمنية طويلة".
 
وكان المستوطنون قد حاولوا، خلال السنوات الماضية، إقامة بؤرة استيطانية جديدة فوق جبل عيبال قرب الموقع الأثري، لكن الفلسطينيين أفشلوا ذلك، وفق دغلس.
 
ويشدد دغلس على ضرورة "التصدي لمثل هذه المحاولات من مصادرة الأرض البكر فوق جبل عيبال في قلب نابلس واعتبارها مزارا دينيا هم أنفسهم يختلفون فيه بين سامريين ويهود، وكل ما يزعمونه من اكتشافات ما هي إلا بدواع سياسية واقتصادية ودعائية لجلب السياحة وترسيخ مفهوم أرض الميعاد الذي يعود إلى الاتساع القومي الذي تنادي به إسرائيل دولة لليهود".
 
 
 
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
لازاريني: "مؤسسة غزة الإنسانية" لا تقدم سوى التجويع والرصاص للفلسطينيين
يوليو 1, 2025
قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني، إن عشرات المنظمات الإنسانية دعت لإنهاء نشاط "مؤسسة غزة الإنسانية" كونها "لا تقدم سوى التجويع والرصاص" للمدنيين بالقطاع. وأوضح لازاريني، في تدوينة على منصة /إكس/ اليوم الثلاثاء، أن "أكثر من 130 منظمة إنسانية غير حكومية دعت إلى استعادة آلية تنسيق وتوزيع موحدة
سلطات الاحتلال تجبر عائلة مقدسية على هدم منزلها قسريًا
يوليو 1, 2025
أجبرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، عائلة مقدسية على هدم منزلها في بلدة "سلوان" جنوب المسجد الأقصى المبارك. وأفادت محافظة القدس، في تصريح إعلامي، بأن بلدية الاحتلال في القدس أجبرت المواطن المقدسي محمود برقان على هدم منزل عائلته قسريًا، في حي "وادي ياصول" ببلدة "سلوان". وأشارت إلى أن مساحة المنزل تبلغ 100 متر مربع، ويقطن
صحيفة عبرية: حكومة نتنياهو مسؤولة عن تصاعد عنف المستوطنين ضد الفلسطينيين
يوليو 1, 2025
قالت صحيفة عبرية، إن الحكومة الإسرائيلية اليمينية، تغاضت خلال الأشهر العشرين الماضية، عن الاعتداءات التي يشنها مستوطنون متطرفون ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة. وقالت صحيفة/جروزاليم بوست/ العبرية: إن أرقام وزارة الجيش تشير إلى أن الهجمات القومية اليهودية في الضفة الغربية ارتفعت بنسبة 30% هذا العام، من 318 في النصف الأول من عام 2024 إلى
"الإعلام الحكومي في غزة": وفاة شاب بسوء التغذية منعطف خطير بمسار كارثة التجويع
يوليو 1, 2025
اعتبر "المكتب الإعلامي الحكومي بقطاع غزة"، وفاة شاب فلسطيني نتيجة إصابته بسوء تغذية حاد "منعطفا خطيرا في مسار الكارثة الإنسانية بما يشير إلى بدء مرحلة أكثر قسوة"، جراء سياسة التجويع الإسرائيلية منذ آذار/مارس الماضي. وأمس الإثنين توفي الشاب أيوب أبو الحصين بمدينة خانيونس جنوب القطاع، متأثرا بإصابته بـ"سوء تغذية حاد" جراء التجويع الإسرائيلي بمنع دخول
الاحتلال يناقش خطة لبناء وحدات استيطانية خلف جدار "الفصل العنصري" في الضفة الغربية
يوليو 1, 2025
كشفت مصادر عبرية النقاب عن أن ما يسمى المجلس الأعلى للتخطيط التابع لجيش الاحتلال، سيناقش غدا الأربعاء مخططا استيطانيا لبناء 267 وحدة استيطانية في مستوطنتي معاليه عاموس جنوب شرق بيت لحم جنوب الضفة الغربية المحتلة، وغاني موديعين المحاذية لجدار الفصل العنصري قرب رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، وقالت حركة "السلام" الإسرائيلية المتخصصة بمراقبة النشاطات
أبو محفوظ: فصل موظفين في أونروا لبنان يخدم الاحتلال ويستهدف تصفية الوكالة
يوليو 1, 2025
دعا القائم بأعمال الأمين العام لـ "المؤتمر الشعبي لفلسطينيي الخارج" هشام أبو محفوظ، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في لبنان إلى التراجع عن قرار فصل عدد من موظفيها، مشددًا على أن الخطوة تمثل "خدمة مجانية للاحتلال الإسرائيلي" وتتماهى مع محاولاته لتصفية الوكالة. واستنكر أبو محفوظ، في تصريح صحفي مكتوب تلقته "قدس برس" اليوم الثلاثاء،