ما مصير العلاقات الإيرانية الخليجية تحت رئاسة ترامب؟ (مقال رأي)

عودة دونالد ترامب إلى الساحة السياسية، وترشيحه لعدد من الشخصيات المعروفة بتشددها تجاه إيران قد تضع دول مجلس التعاون الخليجي أمام تحديات جديدة في علاقاتها مع إيران.
فبعد أربع سنوات من سياسات إدارة بايدن التي تميزت بمحاولات احتواء إيران دبلوماسيًا، قد تعيد إدارة ترامب المرتقبة فرض سياسة “الضغط الأقصى”، الأمر الذي سيؤثر بشكل كبير على المنطقة، لا سيما في ظل تداخل المصالح بين إيران ودول الخليج في مجالات التجارة والطاقة والسياحة.
بناءً على الشخصيات التي أعلن ترامب عن ترشيحها، كإليز ستيفانيك، والتي تعد من أشد الداعمين لإسرائيل وأبرز المعارضين للاتفاق النووي، يبدو أن إدارة ترامب المقبلة تسير في اتجاه تعيين “صقور” في المناصب التي تشكل سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران.
اختيار هؤلاء الأشخاص لا يترك مجالًا للشك في أن ترامب يسعى إلى تصعيد الضغوط على إيران، خاصةً من خلال التحالف مع إسرائيل وحلفاء آخرين في المنطقة لمواجهة ما يعتبره تهديدات إيرانية للأمن الإقليمي والدولي.
بناءً على ذلك، من المتوقع أن يلجأ ترامب إلى ممارسة ضغوط كبيرة على دول الخليج لتقليص تعاونها التجاري والسياحي مع إيران. هذه الضغوط قد تشمل تحذيرات أو تهديدات بفرض عقوبات على كيانات أو شركات خليجية تتعامل مع إيران بطرق تراها واشنطن داعمة لاقتصاد إيران.
قد تحاول الولايات المتحدة في هذا الإطار إقناع دول الخليج بتجميد بعض الاتفاقيات الاقتصادية أو تقليص الرحلات الجوية، خاصةً فيما يتعلق بالأنشطة التي قد تعتبرها إدارة ترامب داعمة لتمويل الأنشطة الإيرانية الإقليمية.
مع ذلك، يبدو أن ترامب يدرك أن دول الخليج لن تلبي جميع مطالبه، وأنها ستسعى للحفاظ على بعض الروابط الاقتصادية مع إيران لأسباب تتعلق بمصالحها الاستراتيجية.
في هذا السياق، قد يتبنى ترامب نهجًا يسمح لدول الخليج بهوامش من التعاون الاقتصادي المحدود مع إيران، بهدف تجنب دفع هذه الدول إلى التقارب مع منافسين آخرين مثل الصين أو روسيا، الذين يسعون لتعزيز وجودهم في المنطقة ويقدمون بدائل اقتصادية مغرية.
في النهاية، قد يكون هدف ترامب مزدوجًا؛ فهو يسعى لتقليص نفوذ إيران الإقليمي عبر الحد من علاقاتها الاقتصادية، وفي الوقت ذاته يبقي على أدوات ضغطه على دول الخليج للاستفادة منها في ملفات أخرى قد يطرحها مستقبلًا.
بعبارة أخرى، قد يستخدم ترامب “التهاون المدروس” كورقة مساومة تتيح له مطالبة دول الخليج بتنازلات إضافية في المستقبل، معتمدًا على خطاب “التقصير” في دعم توجهاته المعادية لإيران كورقة ضغط لتحقيق مصالحه الاستراتيجية في المنطقة.