العنجري يكتب "عالم ما بعد 2023 ليس كما كان قبل"

عبد العزيز العنجري، المؤسس والرئيس التنفيذي لمركز "ريكونسنس" للبحوث والدراسات
إدانات دولية غير مسبوقة ضد ⁧‫إسرائيل‬⁩، وتغيرات جذرية في وعي الشعوب، بينما الأنظمة العربية مُنهكة بتعقيدات الماضي، وتقف عاجزة أمام الحاضر. أوضح في هذا المقال ما يحدث، وكيف يمكن استثمار هذا الزخم لنصرة ⁧‫فلسطين‬⁩.
 
‏بداية التغير في مواقف العالم:
‏منذ بداية الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين، لم يشهد العالم تحولات في مواقفه تجاه القضية بحجم ما شهده هذا العام. تحولت الإدانات من مجرد عبارات شجب وتعاطف صفراء إلى خطوات قانونية غير مسبوقة.
 
‏وصفت محكمة العدل الدولية (ICJ) إسرائيل بأنها دولة فصل عنصري، في إدانة صريحة للسياسات التمييزية والممنهجة ضد الفلسطينيين.
 
‏وخلصت الأمم المتحدة (UN) إلى أن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني، وهو اتهام خطير يعكس فداحة الجرائم المرتكبة.
 
‏أما المحكمة الجنائية الدولية (ICC) فقد أصدرت مذكرات اعتقال بحق قادة إسرائيليين، مما يضعهم تحت طائلة العدالة الدولية، ويجعلهم ملاحقين بتهم جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
 
‏اعتراف تاريخي بجرائم الاحتلال
‏منذ اجتماع كل من رينيه كاسان وإليانور روزفلت وأعضاء لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في عام 1949 لوضع الأسس القانونية للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، استجابة لأزمة اللاجئين الفلسطينيين والنزاعات الناتجة عن الحرب العربية الإسرائيلية، لم يشهد العالم موقفًا دوليًا أكثر وضوحًا وحزمًا في إدانة إسرائيل كما نراه اليوم.
 
‏هذا التحول يمثل نقطة فاصلة في التعاطي الدولي مع جرائم الاحتلال، ويعكس تزايد القناعة بسقوط الرواية الإسرائيلية أمام العالم، مما يعزز الزخم نحو المزيد من الضغط الدولي لتحقيق العدالة للشعب الفلسطيني.
 
‏الأنظمة العربية في موقف العجز
‏هذا الواقع يتطلب إدراكًا جديدًا: لم يعد عالمنا العربي هو العالم الذي كنا نظنه قادرًا على حمل راية قضايانا الكبرى.
 
‏في الوقت الذي لا تزال فيه الشعوب العربية تتمسك بتاريخها في نصرة القضية الفلسطينية ومعاداة الاحتلال الإسرائيلي كتمسك الأرض بجبالها، باعتباره جزءًا من هويتها وواجبها الأخلاقي، نجد أن عددًا كبيرًا من الأنظمة العربية قد تخلت عن هذا الالتزام.
 
‏بعض هذه الأنظمة يبحث عن تحالفات سياسية واقتصادية جديدة، بينما أرهقت الحروب والصراعات البعض الآخر. هذه الفجوة المتزايدة بين التزام الشعوب وتمسكها بقضايا الأمة، وبين عجز الأنظمة وانشغالها بأزماتها، تثير موجات من الغضب والاحتجاج الشعبي الذي يظهر بأشكال مختلفة.
 
‏الرهان الحقيقي اليوم هو على الشعوب الحرة في الدول الديمقراطية التي تمتلك القدرة على تغيير حكوماتها عبر التصويت.
 
‏رغم التعتيم المشدد من وسائل الإعلام الغربية، والتضييق من الحكومات على مظاهر دعم فلسطين، والتغاضي عن السياسات الإسرائيلية المتغطرسة، يقف ملايين الأفراد في العالم الحر إلى جانب القضية الفلسطينية.
 
‏والحقيقة تظهر بجلاء أكبر يومًا بعد يوم، رغم كل محاولات التعتيم والإخفاء، وهي مدعومة بوعي شعبي يتزايد باستمرار، ويكشف زيف الروايات التي تحاول تبرير جرائم الاحتلال.
 
‏وقد أصبح جليًا، من خطابات نتنياهو الأخيرة وأتباعه ومناصريه، أنهم بينما كانوا في الماضي ينكرون الجرائم التي يرتكبونها، تخلوا اليوم عن هذا الإنكار، وأصبحوا يبررون جرائمهم تحت ذرائع واهية، لم تعد تنطلي حتى على الجهات الدولية التي كانت تغطي سوءتهم لعقود.
 
‏فقدان السيطرة على الرواية وتغير موازين التأثير
‏لم يعد الإعلام الغربي الموالي والسياسيون قادرين على كبح جماح الحقيقة أو إخفاء الجرائم الإسرائيلية عن الشعوب الحرة، ما سمح للحقيقة بالظهور وتحدي الروايات المضللة.
 
‏ما يحدث الآن مع إسرائيل وحلفائها، خصوصًا في الولايات المتحدة وبعض الدول الأوروبية، يشبه ظاهرة الإفراط في استخدام المضاد الحيوي؛ حيث فقد تأثيره بسبب كثرة الاستخدام.
 
‏رغم امتلاك الولايات المتحدة حق ‘الفيتو’ في الأمم المتحدة، إلا أنها لا تملك القدرة على منع سقوط حليف لها من رئاسة حكومة في دولة أوروبية داعمة لإسرائيل. لقد تغير العالم، وأصبح التدخل المباشر في الانتخابات لحماية إسرائيل مكلفًا جدًا، ولم يعد احتكار الإعلام أو إسكات الأصوات ممكنًا مع تنامي وعي الشعوب وظهور منصات غير تقليدية تكشف الحقيقة.
 
‏ما هو رهان العرب والمسلمين الباقي؟
‏الرهان الأخير هو على من تبقى من العرب والمسلمين، أفرادًا كانوا أو حكومات، أن يتجهوا بوعيهم نحو دعم ونصرة فلسطين عبر تقوية الأصوات المؤثرة في الحكومات الغربية والرأي العام العالمي.
 
‏ما نحتاجه الآن ليس فقط منصة يرتدي فيها الجميع الكوفية ليعلنوا دعمهم لفلسطين أمام الكاميرات؛ فالشعارات والخطابات لها دورها في إيصال الرسالة وإبقاء القضية حية، لكن المطلوب اليوم هو الانتقال إلى عمل استراتيجي منظم.
 
‏علينا استغلال القوانين في الدول الديمقراطية التي تتيح لجهات خارجية دعم أنشطة مدنية والتأثير في صناعة القرار، تمامًا كما يفعل اللوبي الصهيوني. هذا هو الطريق الحقيقي لنصرة فلسطين، بالعمل القانوني المدروس الذي يوظف إمكانيات الديمقراطيات لصالحنا.
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
بلدية دير البلح: شلل شبه تام في خدمات البلديات بالقطاع بسبب نفاد الوقود
يوليو 4, 2025
حذّرت بلدية دير البلح في قطاع غزة، الجمعة، من انهيار شامل في الخدمات الأساسية التي تقدمها البلديات في القطاع، نتيجة انقطاع السولار والوقود منذ أكثر من أربعة أشهر، الأمر الذي أدى إلى شلل شبه تام في تشغيل آبار المياه ومرافق النظافة والصرف الصحي. وقالت البلدية، في بيان صحفي، إن قوات الاحتلال "الإسرائيلي" دمّرت نحو 50%
"حماس" تعلن تسليم الوسطاء ردا إيجابيا حول مقترح وقف العدوان على غزة
يوليو 4, 2025
أعلنت حركة  المقاومة الإسلامية (حماس)، الجمعة، إكمال مشاوراتها الداخلية ومع الفصائل والقوى الفلسطينية حول مقترح الوسطاء الأخير لوقف العدوان على شعبنا في غزة. وقالت الحركة في بيان، إنها سلمت الرد للإخوة الوسطاء والذي اتسم بالإيجابية، والحركة جاهزة بكل جدية للدخول فوراً في جولة مفاوضات حول آلية تنفيذ هذا الإطار. وتواصل قوات الاحتلال وبدعم أمريكي مطلق،
البرلمان العربي يدعو المجتمع الدولي لفتح تحقيق مستقل في جرائم الاحتلال
يوليو 4, 2025
قال البرلمان العربي، الجمعة، إن العالم يواجه مرحلة خطيرة تعيد تعريف مفهوم الإرهاب، خاصة حين يمارس بشكل رسمي ومنظم، كما يفعل الاحتلال "الإسرائيلي" في الأرض الفلسطينية، ولا سيما في قطاع غزة. جاء ذلك خلال مداخلة للنائب ناصر أبو بكر، عضو البرلمان العربي، في اجتماع نظمه مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب افتراضيا، بعنوان: "الاتجاهات والتحديات والتهديدات
"هآرتس": الحرب على غزة عبثية ووحشية ويجب وقفها مهما كان الثمن
يوليو 4, 2025
وصفت صحيفة /هآرتس/ "الإسرائيلية"، الحرب "الإسرائيلية" المتواصلة على قطاع غزة بأنها "عبثية، بلا أهداف، ووحشية للغاية"، داعية إلى وقفها الفوري "مهما كان الثمن". وقالت الصحيفة في افتتاحيتها، إن "الدماء تُسفك من الجانبين دون طائل"، مضيفة أن "الغالبية الساحقة من الضحايا في غزة هم من المدنيين الأبرياء، في وقت بات من المستحيل تبرير استمرار القتل الجماعي
الأمم المتحدة: هجمات "إسرائيلية" تستهدف نازحين ومدارس في غزة
يوليو 4, 2025
حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، الجمعة، من استمرار الهجمات "الإسرائيلية" التي تستهدف بشكل مباشر الخيام والمدارس التي تأوي النازحين في قطاع غزة، إلى جانب المدنيين الذين يحاولون الوصول إلى المساعدات الغذائية، ما أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا. وأوضح المكتب، في تقريره الجديد، أن أكثر من 714 ألف شخص (ثلث سكان
138 شهيدا في غزة خلال 24 ساعة.. وارتفاع حصيلة الشهداء إلى أكثر من 57 ألفا
يوليو 4, 2025
أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، الجمعة، عن استشهاد 138 مواطنا، وإصابة 452 آخرين، خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، جراء استمرار عدوان الاحتلال "الإسرائيلي" على القطاع. وأشارت الوزارة، في تقريرها الإحصائي اليومي، إلى أن طواقم الإسعاف والدفاع المدني ما زالت غير قادرة على الوصول إلى عدد من الضحايا العالقين تحت الركام وفي الطرقات، بسبب كثافة