خبراء: "ديناميكية" حماس لم تسمح بترك فراغ في قيادة الحركة
عمان - علي سعادة - قدس برس
|
ديسمبر 10, 2024 6:06 م
شهدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، وجناحها العسكري "كتائب القسام"، خلال العقدين الماضيين، اغتيالات عديدة لقادتها وغالبيتهم من مؤسسيها سياسيا وعسكريا، ومن بينهم قادة عسكريون وسياسيون كبار.
ارتقوا في عالم وفضاء الشهادة، لكن الفكرة بقيت وتجذرت واشتد عودها، وقامت بعمل بطولي ألحق هزيمة إستراتيجية بدولة الاحتلال بفعل ما قامت به "حماس" والمقاومة في صباح يوم السابع من تشرين الأول/ أكتوبر ضمن "طوفان الأقصى".
وهو ما نقلته هيئة البث الإسرائيلية، في وقت سابق من هذا العام، نقلا عن رئيس الأركان الأسبق غادي آيزنكوت قوله إن "حماس فكرة ستقاتلها إسرائيل لسنوات عديدة قادمة". وهو ما ذهب إليه المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي، دانيال هاغاري حين قال في مقابلة تلفزيونية سابقة بأن "الاعتقاد أن بالإمكان تدمير حركة حماس وإخفائها هو ذر للرماد في عيون الإسرائيليين".
ويعلق الوزير الأردني الأسبق والمفكر والأكاديمي د. محمد أبو رمان حول استشهاد وغياب بعض قادة "حماس" بأن "البنية التنظيمية للحركة، سواء على صعيد التماسك والصلابة الداخلية، أو السرعة في التعافي والإمساك بزمام المبادرة، فلا مؤشرات أو إشارات على أن ثمة إمكانية لانشقاقات من بنية الحركة، بل إنها تمكنت من المحافظة على التماسك، بالرغم من الظروف الاستثنائية القاسية منذ عام".
ويتابع في حديث مع "قدس برس" أنه "ضمن هذه المعايير، لن تكون عملية قتل القادة بمثابة تغيير في اتجاهات الصراع ومساراته، فالمشكلة لا تكمن عند الأطراف الفلسطينية ولا الإقليمية اليوم، هي تحديدا في وجود حكومة يمينية إسرائيلية لا ترى مستقبلا لإسرائيل إلّا من خلال توسيع مساحة الدولة وتغيير الجغرافيا السياسية الفلسطينية، وتعديل موازين القوى الإقليمية، وهو سيناريو يبالغ كثيرا في إمكانات التفوق والهيمنة الإسرائيلية، في الحقيقة معادلة الصراع أكثر تعقيدا بكثير من ذلك" وفق ما يرى.
ويوضح الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية الكاتب، حسن أبو هنية أن "حماس سبق أن شهدت العديد من حوادث قتل واغتيال القادة الكبار، ولم يؤثر ذلك على هيكلها العام الداخلي والخارجي".
ويؤكد أنه "من الصعب القضاء عليها بشكل تام، لأنها إيديولوجيا وفكرة وهيكل تنظيمي له جناح سياسي اقتصادي مدني وعسكري، ومتجذرة في النسيج الاجتماعي بغزة".
وكان نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين الأردني، أيمن الصفدي، أول مسؤول عربي رفيع يصف "حماس" بأنها "فكرة"، حيث أكد في أكثر من تصريح صحافي ومقابلة تلفزيونية وندوة، أن "حماس لم توجد الصراع، بل الصراع هو الذي أوجد حماس".
ومنذ السابع من تشرين الأول /أكتوبر العام الماضي اغتال الاحتلال عدد من قادة المقاومة وحركة "حماس" في مقدمتهم رئيس المكتب السياسي للحركة الشهيد إسماعيل هنية الذي ارتقى شهيدا، وسبقه القادة، نائب رئيس الحركة صالح العاروري، واستشهد باستهداف مكتب في الضاحية الجنوبية ببيروت، وأيمن نوفل عضو المجلس العسكري لـ "كتائب القسام" وقائد لواء المنطقة الوسطى، وأحمد الغندور عضو المجلس العسكري وقائد لواء الشمال في غزة، وأحمد بحر رئيس المجلس التشريعي بالإنابة والرئيس السابق لمجلس شورى الحركة.
وأيضا جميلة الشنطي أول امرأة تشغل عضوية المكتب السياسي ونائب في التشريعي، وأسامة المزيني قيادي في الحركة، وشغل منصب رئيس مجلس الشورى فيها، وزكريا أبو معمر وجواد أبو شمالة عضوي المكتب السياسي، وغيرهم.
ولم تتوقف عند اغتيال قائد الحركة يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بعد اغتيال إسماعيل هنية.
ويؤكد أستاذ الدراسات العربية الحديثة في جامعة "كولومبيا" الأمريكية، رشيد الخالدي، في مقابلة مع صحيفة "إلباييس" الإسبانية أواخر تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي، إن إسرائيل "تود أن تقضي على حماس بوصفها مؤسسة وهيكلا سياسيا ودينيا وثقافيا وهيكلا عسكريا".
وأضاف "لا أعتقد أنهم قادرون على القيام بالأمرين الأولين، لأنه حتى في حالة قتل قادة حماس كافة أو قتل عناصرها المسلحة كافة، فإن حماس ستبقى قوة سياسية، سواء احتل الإسرائيليون غزة أو غادروها، لذا فإن تدمير حماس بوصفها مؤسسة سياسية وتدميرها بوصفها فكرة يعد ضربا من المستحيل".
قتل السنوار وهنية وغيرهم من قادة لم يؤثر كثيرا على البنية أو الهيكل التنظيمي لحركة حماس قياسا بالتجربة الطويلة للحركة مع مقتل قادتها التاريخيين، فالحركة لديها من المرونة الداخلية ما يجعلها تتغلب على الاغتيال، ومن ثم إيجاد بديل من داخلها، وهذا ما تكرر كثيرا بعد اغتيال مؤسس الحركة وقادتها.
ولدى حركة "حماس" عدد كبير من القادة والفنيين والمهنيين وأعضاء في المكتب السياسي والعسكري ولديها المقدرة على إنتاج القادة الذين واصلوا حمل راية المقاومة، وهم يعرفون بأنهم أمام خيارين: النصر أو الشهادة.