بعد مقتل عنصر أمن.. الأحداث في جنين تدخل انعطافة حادة
في ظل الاعلان عن وفاة أحد عناصر الأمن الفلسطيني وإصابة اثنين آخرين في مخيم جنين، بعد إصابتهم باشتباكات مع مقاومين، تكون الأحداث دخلت انعطافة جديدة وهي على مشارف أسبوعها الثالث على التوالي، في ظل كشف صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية في تقرير لها صباح اليوم أن طائرة إسرائيلية دون طيار تحلق في سماء مخيم جنين بالتزامن مع عملية السلطة.
ونقلت الصحيفة الأمريكية، عن مسؤول فلسطيني مقرب من رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، طلب عدم الكشف عن هويته، أن عباس قرر أن السلطة الفلسطينية "ستفرض سلطتها ولا عودة إلى الوراء".
وبحسب صحيفة واشنطن بوست، فإن الغضب الشعبي تجاه أجهزة أمن السلطة في الضفة الغربية مرتفع للغاية، وتعمل هذه الأجهزة في ظل الاحتلال الإسرائيلي، مما يحد من قدرتها على التدخل لوقف عنف المستوطنين أو الغارات العسكرية القاتلة.
وأشارت إلى أن العديد من الفلسطينيين يرون أن أجهزة أمن السلطة تعمل لصالح "إسرائيل"، وتُستخدم كأداة للرئيس محمود عباس في قمع المعارضة الداخلية وتعزيز الفساد.
وأوضحت أن أجهزة أمن السلطة تعتبر من بين آخر الخيوط التي تربط اتفاقات أوسلو، الموقعة في تسعينيات القرن الماضي لإنشاء دولة فلسطينية تشمل الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة والقدس الشرقية. لكن مع مرور العقود، وسّعت "إسرائيل" سيطرتها على الضفة الغربية، مما أدى إلى تآكل اختصاص السلطة الفلسطينية.
وتفرض أجهزة أمن السلطة حصارا خانقا على المخيم، ويعاني السكان من انقطاع الكهرباء والمياه بعد استهداف مولدات الكهرباء وخزانات المياه من الأجهزة الأمنية، وفق شهادات الأهالي.
وتشهد مدينة جنين ومخيمها إضرابًا شاملًا لليوم التاسع على التوالي، حيث أغلقت المحال التجارية أبوابها وتحولت المدارس إلى التعليم الإلكتروني. جاء الإضراب استجابة لدعوة كتيبة جنين التي طالبت بالنفير العام ودعت أهالي القرى المجاورة للمخيم للتوجه إليه لفك الحصار.
في هذا الوقت، أصدر قادة المقاومة في مخيم جنين بيانًا هامًا للرأي العام، اليوم الأحد، عبروا فيه عن إدانتهم الشديدة للحملة الأمنية التي تشنها السلطة الفلسطينية على المخيم وأهله، واصفين إياها بـ"الهمجية الأمنية" التي تستهدف الشعب الفلسطيني ومقاومته.
وأكد البيان أن هذه الحملة، التي تزامنت مع تصاعد الضغوط على سكان المخيم، لا تخدم سوى الاحتلال الإسرائيلي، مشددين على أن المقاومة ستظل صامدة في وجه كافة المحاولات لنزع سلاحها أو تقويض دورها.
وأوضح البيان أن الحملة الأمنية تضمنت ممارسات وصفها بالقمعية وغير الإنسانية، من بينها إطلاق النار على منازل المدنيين واستخدام السكان كدروع بشرية، بالإضافة إلى استهداف البنية التحتية للمخيم، مثل خزانات المياه ومحولات الكهرباء، مما أدى إلى تفاقم معاناة السكان.
كما أشار إلى اقتحام مستشفى الشهيد الدكتور خليل سليمان، وطرد المرضى منه، واستخدام أسطح المستشفى لإطلاق النار على المدنيين، الأمر الذي أثار استياءً واسعًا بين أهالي المخيم.
وتطرق قادة المقاومة في بيانهم إلى الوضع الإنساني المتدهور داخل المخيم، حيث يعاني السكان من نقص في الخدمات الأساسية، بما في ذلك التعليم، والرعاية الصحية، وإزالة النفايات، مما حول المخيم إلى بيئة غير قابلة للعيش.
كما نددوا باستخدام الغاز المسيل للدموع في المساجد لمنع الصلاة، وفض المظاهرات السلمية التي طالبت بإنهاء الفتنة بالتهديد والقوة.
ودعا البيان الفلسطينيين في الضفة الغربية إلى الوقوف بجانب أهالي المخيم ومقاتليه، مطالبًا بوحدة الصف في مواجهة هذه الحملة التي تهدف إلى فتح المجال أمام جيش الاحتلال للتحرك بحرية داخل جنين دون مقاومة.
وأكد أن المقاومة في جنين تحملت مسؤوليتها التاريخية بالدفاع عن الضفة الغربية وحرائر القدس، وقدمت العديد من الشهداء والعمليات النوعية في مواجهة الاحتلال.
وأدت العملية الأمنية إلى استشهاد ثلاثة فلسطينيين، بينهم طفل والقيادي في كتيبة جنين يزيد جعايصة، الذي أكدت صحيفة "يسرائيل هيوم" أن اغتياله تم بالتنسيق مع الاحتلال الإسرائيلي، ليرتفع عدد الشهداء برصاص السلطة منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى 13 شهيدًا بين مقاومين وأطفال ومشاركين في مظاهرات مساندة لغزة.
يأتي الحصار والعملية الأمنية في سياق خطة أشرف عليها المنسق الأمني الأميركي الجنرال مايك فينزل، وبمشاركة إقليمية من دول عربية مثل السعودية ومصر والأردن. ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها محاولة من السلطة الفلسطينية لتقديم أوراق اعتمادها للإدارة الأميركية المقبلة بقيادة دونالد ترامب.
وتأتي الأحداث على خلفية اعتقالات نفّذتها الأجهزة الأمنية بحقّ نشطاء من المخيم ينتمون إلى حركة الجهاد الإسلامي، تبعها استيلاء أفراد الكتيبة في الخامس من الشهر الجاري على مركبتين، إحداهما تعود للارتباط العسكري الفلسطيني، والأخرى لوزارة الزراعة، أعقبتها عودة اعتقال نشطاء وذوي شهداء من المخيم ثمّ حصاره وإغلاق مداخله.