الموت بالبرد.. كيف تتسبب موجات الصقيع في وفاة أطفال غزة؟

يشهد قطاع غزة منذ أيام موجة قطبية شديدة البرودة، صاحبها انخفاض حاد في درجات الحرارة مع رياح عاصفة، أدت لاقتلاع مئات الخيام وغرق عشرات المخيمات جراء كميات الأمطار التي لم تستطع الخيام تحملها ما أدى لغرقها وتشرد أصحابها الذين باتوا في العراء جراء هذا الوضع.

وسط ذلك، تفاجأت عائلة البطران صباح اليوم الاثنين بفقدان طفلها جمعة ذو العشرين يوما الذي فارق الحياة، نتيجة تجمده جراء انخفاض درجات الحرارة، فيما لا يزال شقيقه التوأم في وضع صحي حرج بعد أن كاد على وشك أن يفارق الحياة جراء انخفاض درجات الحرارة.

وأفادت وزارة الصحة بغزة في بيان تلقت "قدس برس" نسخة منه بارتفاع عدد الوفيات بسبب البرد القارس وموجات الصقيع لسبع وفيات خلال أسبوع منهم ست من الأطفال الرضع، والممرض أحمد الزهارنة الذي عثر عليه متجمدا في خيمته بمواصي مدينة خان يونس جنوب القطاع.

لم يسبق أن شهد قطاع غزة في أي من محطاته السابقة تسجيل هذه النسبة من الوفيات نتيجة البرد، فطقس غزة معروف باعتداله، فهو ليس شديد البرودة بحكم قربه من شاطئ البحر، وهو طقس مداري دافئ صيفا ومعتدلا شتاء.

ويرجح أطباء ومختصون تحدث إليهم "قدس برس" عن وجود مجموعة من العوامل المجتمعة التي أدت لتفاقم الوضع ليصل لهذه الدرجة من السوء، تسعى السطور التالية لإجمالها.

 

خيام فقدت صلاحيتها

تسببت الحرب الإسرائيلية الجارية على القطاع في إجبار أكثر من تسعين بالمئة من سكانها على اللجوء للخيام كملاذ وحيد بعد أن دمر جيش الاحتلال أكثر من سبعين بالمئة من منازل القطاع، وما تبقى من منازل قائمة فهي لم تعد صالحة للسكن.

يزيد عمر هذه الخيام عن عام، وبعضها نصبها أصحابها منذ اليوم للحرب، ومع ظروف الطقس من أشعة الشمس الحارقة صيفا، ومرور فصلي شتاء، فقدت هذه الخيام صلاحيتها حيث تعرضت للاهتراء والتمزق.

وبالرغم المطالبات المتكررة من المكتب الإعلام الحكومي والمنظمات الدولية والإغاثية، بإدخال خيام جديدة للقطاع، إلا أن دولة الاحتلال ترفض بشكل مطلق الاستجابة لهذه المطالب، رغم تكدس عشرات الشاحنات التي تحمل مئات آلاف الخيام على الجانب الأخر من معبري رفح وكرم أبو سالم، حيث تستخدم دولة الاحتلال معاناة المواطنين في غزة كأحد أساليب الضغط على المفاوض الفلسطيني لإجباره على تقديم تنازلات.

تتحول الخيام في فصل الشتاء لما يشبه الثلاجة، حيث يتسلل الهواء البارد إلى الداخل، وعند نزول المطر تتسلل المياه لتغرق أمتعة المواطنين وتصيب أغطيتهم بالمياه.

ويفتقد المواطنون في غزة لأي أداة من أدوات التدفئة التقليدية للتخفيف من حدة الطقس البارد، إذ لا يمكن إشعال النار في الخيام خشية من حدوث حرائق أو حالات اختناق.

وقد شبه مدير عام وزارة الصحة بغزة، منير البرش، حال النازحين في الخيام في هذه الأيام بأنها "ثلاجات موت"

 

رأي الطب في تفسير حالات الموت

يشير أحد أطباء الأطفال من العاملين في مستشفى الهلال الأحمر الفلسطيني بخان يونس، أن "درجات الحرارة الحالية بغزة ليست سببا في وفاة الأطفال، ولكنها هي جزء من مجموعة عوامل منها ضعف المناعة الذي يعاني منه غالبية سكان القطاع، إذ تتزايد حالات الإصابة بالأمراض المعدية بنسبة خمسين بالمئة وترتفع هذه النسبة لتصل لتسعين بالمئة في فئة الأطفال دون سن الخامسة".

ويضيف الطبيب في حديث لـ"قدس برس" "يعزز هذا العامل سوء التغذية، فغالبية سكان القطاع يعتمد على الأغذية غير الصحية، وهي المعلبات المليئة بالمواد الحافظة التي تسبب آلاما حادة في المعدة ولا تفيد جهاز المناعة كالأغذية الصحية".

افتقار أسواق غزة لأطعمة صحية تسبب في فقدان نسب عالية من الدهون الصحية والبروتينات التي تساعد الجسم في توليد الطاقة عند الشعور بالبرد، وهذا لا يمكن أن يحدث في ظل شح الأسواق من الخضروات واللحوم والدواجن والأسماك.

وعن الحالات التي تصل المستشفى يشير الطبيب إلى "أن الأطفال عندما تنخفض درجات الحرارة في أجسادهم يحدث اضطراب في عمل القلب والجهاز العصبي والأعضاء الأخرى، وحدوث ذلك يعني دخول الإنسان في مرحلة قد لا يمكن السيطرة عليها بسهولة وبالتالي الدخول في مرحلة حرجة قد يفقد الإنسان فيها حياته".

وتابع هنالك أعراض تبدأ بالظهور منها "انخفاض درجات الحرارة بشكل متسارع، ويبدأ الجسم في الارتعاش كمحاولة للتدفئة والتلعثم وضعف النبض وفقدان الذاكرة وفقدان الوعي، وفي حالات الأطفال الرضع تظهر علامات احمرار على الجلد والإسهال الذي قد يؤدي إلى الجفاف".

وكانت الأمم المتحدة قد أكدت في بيان لها أن تسعين بالمئة من أطفال غزة دون سن الخامسة أصيب بأمراض معدية، ويعاني خمسة وعشرين بالمئة من النساء من الأمراض الجلدية، كما تم تسجيل أحد عشر ألف إصابة خطيرة بالتهابات حادة في الجهاز التنفسي.

كما حذرت الأمم المتحدة من أن الناس الذين يعيشون في ملاجئ مؤقتة قد لا يصمدون في الشتاء. وأن ما لا يقل عن 945 ألف شخص يحتاجون إلى إمدادات الشتاء، التي أصبحت باهظة الثمن في غزة.

وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
"صفوة الحفاظ" يختتم فعالياته بمدينة حيفا المحتلة بمشاركة 112 حافظا
يناير 13, 2025
اختتمت مدينة حيفا فعاليات مشروع "صفوة الحفاظ"، الذي شهد إقبالًا واسعًا من مختلف مناطق الداخل الفلسطيني، وتمكن المشاركون فيه من سرد أكثر من 1420 جزءا من القرآن الكريم خلال يوم واحد، ما يعادل أكثر من 47 ختمة. المشروع، الذي انطلق قبل أربعة أشهر، استهدف حفظة القرآن الكريم من مختلف الأعمار والمستويات، ابتداءً من خمسة أجزاء
الصحة بغزة: الاحتلال ارتكب مجزرتين خلال 24 ساعة أدت لارتقاء 19 شهيدا
يناير 13, 2025
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب مجزرتين ضد العائلات في قطاع غزة، وصل منها للمستشفيات 19 شهيدا و 71 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية. وقالت الوزارة في تصريح صحفي، تلقته "قدس برس" -اليوم الإثنين- إنه "لا يزال عددا من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم".
"حماس": ندعو المجتمع الدولي والأمم المتحدة لحماية الأسرى في سجون الاحتلال
يناير 13, 2025
دعت حركة المقاومة الإسلامية "حماس"، المجتمع الدولي والأمم المتحدة ومؤسساتها، للعمل لحماية الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، ووقف الانتهاكات الفظيعة التي يتعرّضون لها. وقالت الحركة في تصريح صحفي، تلقته "قدس برس" - اليوم الإثنين- إن "الجرائم المستمرة بحق أسرانا في سجون الاحتلال، وعمليات التنكيل والقتل الممنهج التي تنفّذها سلطات الاحتلال الإرهابي بحقهم، والتي كان آخرها
"شعبنا سيحاسبكم"…قياديان فلسطينيان سابقان يرفضان بيان "فتح" ضد المقاومة
يناير 13, 2025
قال الخبير في القانون الدولي، وأحد مؤسسي منظمة التحرير الفلسطينية أنيس القاسم، إن الذي أصدر بيان باسم حركة "فتح" -الأسبوع الماضي- وأدان فيه المقاومة الفلسطينية، يجب أن يكون حذراً لأن فتح المتهم الأول عن توقيع اتفاقية "أوسلو"، التي تعتبر اتفاقية استسلام، ونكبة ثانية بعد نكبة احتلال فلسطين عام 1948. وقال قاسم في تصريحٍ لـ "قدس
أبو عبيدة: مجاهدونا يكبدون العدو خسائر فادحة وسيندحر من غزة خائبا
يناير 13, 2025
أكد أبو عبيدة، الناطق باسم "كتائب القسام" الجناح العسكري لحركة "حماس" أن الاحتلال مني بخسائر فادحة بفعل ضربات المقاومين، وأنه سيندحر عن شمال قطاع غزة خائبا يجر أذيال الخزي. وقال أبو عبيدة في تصريح صحفي، تلقته "قدس برس"، اليوم الإثنين، "بعد أكثر من 100 يوم على عملية التدمير الشامل والإبادة الجماعية التي ينفذها جيش العدو
عائلة الأسير القيادي زاهر الششتري تناشد من أجل علاجه
يناير 13, 2025
ناشدت عائلة الأسير الفلسطيني زاهر الششتري (60 عاما)، الجهات المعنية بشؤون الأسرى والمؤسسات الدولية الحقوقية والإنسانية بضرورة الضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي، لتقديم العلاج اللازم له خاصة بعد تدهور حالته الصحية بشكل كبير. وقالت عائلته، في بيان صحفي، اليوم الاثنين، إن معلومات وصلتها تفيد بأنه يعاني جدا بفعل إصابته من مرض "التصلب اللويحي" و"العصب السابع"،