سوريا... فلسطينيو مخيم "دير بلوط" منسيون على قارعة الخذلان

دمشق - محمد صفية - قدس برس
|
يناير 5, 2025 12:30 م
يبدو المشهد في مخيم "دير بلوط" للاجئين الفلسطينيين بريف مدينة "عفرين" شمال غرب سوريا، مليء باليأس والوجوه الشاحبة، فسكان هذا المخيم هُجِّرُوا من مخيم "اليرموك" في العاصمة دمشق، ليعيشوا لجوءا آخر بعد لجوء.
فبعد أن نجحت الثورة السورية في خلع نظام الأسد، تزايد شعور اللاجئين الفلسطينيين في المخيم بالخذلان والنسيان. فبينما توجهت أضواء الإعلام واهتمامات المنظمات الإنسانية إلى مخيمات اللجوء الفلسطيني في دمشق وحلب وحمص وحماة، بقي سكان مخيم "دير بلوط" يعانون بصمت، يواجهون ظروفاً إنسانية قاسية، وسط غياب أي أفق للعودة أو الدعم.
تعذر العودة إلى مخيم اليرموك
وتحدث جمال المدني أحد سكان المخيم عن الصعوبات التي تواجه الفلسطينيين الراغبين في العودة إلى مخيم اليرموك في دمشق، موضحا أن "معظم منازلنا دُمّرت بالكامل، أو أصبحت غير صالحة للسكن".
وأضاف "تكلفة الانتقال إلى دمشق مرتفعة جداً بالنسبة لنا، فضلاً عن تكاليف إعادة الإعمار التي تفوق قدراتنا بكثير. مشيرا أن أعداداً قليلة فقط، تعد على أصابع اليدين تمكنت من العودة، أما الباقون، فنحن عالقون هنا، محاصرين بين العجز وقلة الحيلة وغياب الداعم" على حد تعبيره
وشدد مدني متحدثا لمراسل "قدس برس" على أن "الأوضاع في المخيم الحالي (دير بلوط) تزداد سوءاً، خاصة مع دخول فصل الشتاء، حيث يفتقر المخيم إلى الخدمات الأساسية التي تجعل الحياة فيه ممكنة".
وعلى الصعيد ذاته، أكدت اللاجئة الفلسطينية في "دير بلوط"، أم وليد، كما فضلت أن تعرّف نفسها، وهي أم لخمسة أطفال أنه منذ سبعة أشهر "لم تصلنا أي مساعدات إنسانية. نعيش على القروض التي لم نعد قادرين على سدادها".
وأضافت، بينما كانت تجلس أمام منزلها، الذي شُيِّد من خليط من بقايا خيام وأخشاب وقطع بلاستيك "ديوني تراكمت، حتى أصبح صاحب البقالة في المخيم يرفض أن يبيعني بالدين. أشعر بالعجز وأنا أعجز أمام أطفالي عن توفير احتياجاتهم".
وشددت أم وليد على أن "بقايا الخيام التي نعيش فيها لا تقي من البرد أو المطر. في كل شتاء نغرق في الطين، ونعاني البرد القارس... أطفالي بحاجة إلى ملابس شتاء وأغطية، لكنني لا أملك المال لشرائها".
وناشدت "المنظمات والمؤسسات المحلية والعربية والدولية مساعدتنا على العودة إلى منازلنا في مخيم اليرموك".
وعبّر أحمد أبو زيد، وهو أحد سكان المخيم، عن إحساسه العميق بالمرارة؛ بسبب التهميش المستمر الذي عاناه الفلسطينيون في مخيم "دير بلوط" طوال فترة تهجيرهم من مخيم "اليرموك" منذ عام 2018.
وأضاف "طوال السنوات الماضية، كنا نعيش وكأننا غير موجودين، (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين) الأونروا لم تقدم لنا أي خدمات، والمؤسسات الفلسطينية الرسمية تجاهلتنا تماماً. وحتى بعد تحرير سوريا (خلع نظام الأسد يوم 8 كانون أول/ديسمبر 2024)، زاد التهميش، وكأننا لم نعد جزءاً من قضية اللاجئين".
وطالب اللاجئ أبو زيد "الأونروا بتعويضنا عن سنوات الحرمان... كنا محرومين من أبسط حقوقنا كلاجئين، واليوم نريد أن تعود هذه الحقوق، يجب أن يكون هناك برنامج واضح لإعادة إعمار منازلنا في مخيم اليرموك وتأمين عودتنا إليه".
وأضاف "نحن الذين دفعنا الثمن الأكبر نتيجة اصطفافنا إلى جانب الثورة وانخراطنا فيها فلا ينبغي أن نترك وحدنا بعد أن تخلصنا ممن كان سبب معاناتنا".
وفي الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى المناطق المحررة حديثا بما فيها من مخيمات فلسطينية خاصة في دمشق، يبقى اللاجئون الفلسطينيون في مخيم "دير بلوط" يواجهون مصيرهم وحدهم، معزولين عن أي جهود دولية أو محلية.
وبين تراكم الديون وانقطاع المساعدات ومعاناة الشتاء، يأمل سكان المخيم أن تتجه الأنظار إليهم، وأن تتحمل الجهات المسؤولة، وعلى رأسها وكالة "أونروا"، مسؤولياتها تجاههم.
تصنيفات : أخبار فلسطين فلسطينيو الخارج