سوريا... فلسطينيو مخيم "دير بلوط" منسيون على قارعة الخذلان

يبدو المشهد في مخيم "دير بلوط" للاجئين الفلسطينيين بريف مدينة "عفرين" شمال غرب سوريا، مليء باليأس والوجوه الشاحبة، فسكان هذا المخيم هُجِّرُوا من مخيم "اليرموك" في العاصمة دمشق، ليعيشوا لجوءا آخر بعد لجوء.
 
فبعد أن نجحت الثورة السورية في خلع نظام الأسد، تزايد شعور اللاجئين الفلسطينيين في المخيم بالخذلان والنسيان. فبينما توجهت أضواء الإعلام واهتمامات المنظمات الإنسانية إلى مخيمات اللجوء الفلسطيني في دمشق وحلب وحمص وحماة، بقي سكان مخيم "دير بلوط" يعانون بصمت، يواجهون ظروفاً إنسانية قاسية، وسط غياب أي أفق للعودة أو الدعم.
 
تعذر العودة إلى مخيم اليرموك
وتحدث جمال المدني أحد سكان المخيم عن الصعوبات التي تواجه الفلسطينيين الراغبين في العودة إلى مخيم اليرموك في دمشق، موضحا أن "معظم منازلنا دُمّرت بالكامل، أو أصبحت غير صالحة للسكن".
 
وأضاف "تكلفة الانتقال إلى دمشق مرتفعة جداً بالنسبة لنا، فضلاً عن تكاليف إعادة الإعمار التي تفوق قدراتنا بكثير. مشيرا أن أعداداً قليلة فقط، تعد على أصابع اليدين تمكنت من العودة، أما الباقون، فنحن عالقون هنا، محاصرين بين العجز وقلة الحيلة وغياب الداعم" على حد تعبيره
 
وشدد مدني متحدثا لمراسل "قدس برس" على أن "الأوضاع في المخيم الحالي (دير بلوط) تزداد سوءاً، خاصة مع دخول فصل الشتاء، حيث يفتقر المخيم إلى الخدمات الأساسية التي تجعل الحياة فيه ممكنة".
 
وعلى الصعيد ذاته، أكدت اللاجئة الفلسطينية في "دير بلوط"، أم وليد، كما فضلت أن تعرّف نفسها، وهي أم لخمسة أطفال أنه منذ سبعة أشهر "لم تصلنا أي مساعدات إنسانية. نعيش على القروض التي لم نعد قادرين على سدادها".
 
وأضافت، بينما كانت تجلس أمام منزلها، الذي شُيِّد من خليط من بقايا خيام وأخشاب وقطع بلاستيك "ديوني تراكمت، حتى أصبح صاحب البقالة في المخيم يرفض أن يبيعني بالدين. أشعر بالعجز وأنا أعجز أمام أطفالي عن توفير احتياجاتهم".
 
وشددت أم وليد على أن "بقايا الخيام التي نعيش فيها لا تقي من البرد أو المطر. في كل شتاء نغرق في الطين، ونعاني البرد القارس... أطفالي بحاجة إلى ملابس شتاء وأغطية، لكنني لا أملك المال لشرائها".
 وناشدت "المنظمات والمؤسسات المحلية والعربية والدولية مساعدتنا على العودة إلى منازلنا في مخيم اليرموك".
 
وعبّر أحمد أبو زيد، وهو أحد سكان المخيم، عن إحساسه العميق بالمرارة؛ بسبب التهميش المستمر الذي عاناه الفلسطينيون في مخيم "دير بلوط" طوال فترة تهجيرهم من مخيم "اليرموك" منذ عام 2018. 
 
وأضاف "طوال السنوات الماضية، كنا نعيش وكأننا غير موجودين، (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين) الأونروا لم تقدم لنا أي خدمات، والمؤسسات الفلسطينية الرسمية تجاهلتنا تماماً. وحتى بعد تحرير سوريا (خلع نظام الأسد يوم 8 كانون أول/ديسمبر 2024)، زاد التهميش، وكأننا لم نعد جزءاً من قضية اللاجئين".
 
وطالب اللاجئ أبو زيد "الأونروا بتعويضنا عن سنوات الحرمان... كنا محرومين من أبسط حقوقنا كلاجئين، واليوم نريد أن تعود هذه الحقوق، يجب أن يكون هناك برنامج واضح لإعادة إعمار منازلنا في مخيم اليرموك وتأمين عودتنا إليه".
 
وأضاف "نحن الذين دفعنا الثمن الأكبر نتيجة اصطفافنا إلى جانب الثورة وانخراطنا فيها فلا ينبغي أن نترك وحدنا بعد أن تخلصنا ممن كان سبب معاناتنا".
 
وفي الوقت الذي تتجه فيه الأنظار إلى المناطق المحررة حديثا بما فيها من مخيمات فلسطينية خاصة في دمشق، يبقى اللاجئون الفلسطينيون في مخيم "دير بلوط" يواجهون مصيرهم وحدهم، معزولين عن أي جهود دولية أو محلية. 
 
وبين تراكم الديون وانقطاع المساعدات ومعاناة الشتاء، يأمل سكان المخيم أن تتجه الأنظار إليهم، وأن تتحمل الجهات المسؤولة، وعلى رأسها وكالة "أونروا"، مسؤولياتها تجاههم.
وسوم :
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
في غزة.. الموت يفيض وبيوت العزاء تبهت
يوليو 4, 2025
637 يوماً، وما يزال الموت يطرق أبواب الغزيين دون رأفةٍ بقلوب أنهكها الفقد، وذابت أرواحها من لوعة الفراق. هنا، في كل زاوية احتضنت شهيداً، لم يعد هناك متّسع في المقابر لتضم المزيد، في ظل استمرار آلة الاستهداف وتفنّن جيش الاحتلال في طرق قتل الغزيين. لا وقت هنا لتقبّل العزاء، فما إن تُستكمَل إجراءات دفن الشهيد
الأمم المتحدة: القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة يتعرضان للانتهاك
يوليو 4, 2025
أكدت الأمم المتحدة، أن ميثاقها والقانون الدولي، يتعرضان للانتهاك مرارا وتكرارا من قبل بعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة في الحرب الإسرائيلية على غزة وغيرها. وقال الناطق الرسمي باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك في تصريح صحفي، الليلة الماضية، إنه "يجب على الدول الإيمان وتنفيذ الالتزامات التي وقعت عليها بنفسها". وحول التصور السائد في الشرق الأوسط
إصابة عدد من الفلسطينيين في اعتداءات نفّذها مستوطنون وقوات الاحتلال على بلدة "بيتا" جنوب نابلس
يوليو 4, 2025
أصيب ثلاثة مواطنين فلسطينيين، فجر اليوم الجمعة، إثر الاعتداء عليهم بالضرب من قبل المستوطنين، و8 آخرين جراء استنشاقهم الغاز السام الذي أطلقه جنود الاحتلال خلال هجوم على قرية "بيتا" جنوب نابلس. وأفادت مصادر محلية، بأن عددا من المستوطنين هاجموا منزل المواطن سامر أبو زيتون في منطقة "قماص" القريب من "جبل صبيح"، وحاولوا إحراق المنزل، واعتدوا
"يونيسف": أزمة سوء تغذية تهدد آلاف الأطفال في غزة
يوليو 3, 2025
قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، الخميس، إن آلاف الأطفال في قطاع غزة يعانون من سوء التغذية الحاد نتيجة استمرار الحصار "الإسرائيلي" ونقص الإمدادات الأساسية. وأوضحت المنظمة أن النقص الحاد في الوقود والمياه النظيفة يعيق قدرتها على تقديم المساعدات الغذائية والرعاية الصحية المنقذة للحياة للأطفال في القطاع، محذّرة من أن الوضع الإنساني يواصل التدهور بشكل
الاحتلال يواصل التصعيد في الضفة.. اقتحامات في عزون والعيزرية
يوليو 3, 2025
واصلت قوات الاحتلال "الإسرائيلي"، مساء الخميس، تصعيد حملتها العسكرية في الضفة الغربية، باقتحامها بلدتي "عزون" شرق قلقيلية و"العيزرية" جنوب شرق القدس المحتلة، حيث داهمت منازل المواطنين واعتدت على الأهالي. ففي بلدة عزون، أفادت مصادر محلية فلسطينية أن قوات الاحتلال اقتحمت البلدة من المدخل الشمالي وانتشرت في شارع البريد، قبل أن تبدأ بمداهمة وتفتيش عدد من
غوتيريش: آخر شرايين الحياة في غزة على وشك الانقطاع
يوليو 3, 2025
عبّر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن صدمته العميقة إزاء الأزمة الإنسانية المتفاقمة في قطاع غزة. وفي تصريحات أدلى بها المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، اليوم الخميس، نقلا عن غوتيريش، حذر من أن استمرار إغلاق معابر القطاع من قبل قوات الاحتلال "الإسرائيلي" يهدد بقطع آخر شرايين البقاء على قيد الحياة لسكان غزة. وقال