الإعلام في مواجهة التضليل الغربي ودعمه للاحتلال... فيروز مكي نموذجاً
القاهرة - قدس برس
|
يناير 7, 2025 4:07 م
في وقت تتزايد فيه محاولات الإعلام الغربي للتلاعب بالحقائق وتزييف الواقع، تبرز الإعلامية المصرية فيروز مكي كأحد أبرز النماذج التي تجسد دور الإعلام العربي في مواجهة هذه التحديات.
من خلال موقفها على قناة "القاهرة الإخبارية"، تمكنت مكي من مواجهة محاولات السخرية من معاناة الشعب الفلسطيني، وأظهرت كيف يمكن للإعلام العربي أن يكون صوتًا يعكس نبض الشارع العربي، ويُبرز حقيقة القضية الفلسطينية.
وأشاد باحثون وصحفيون مصريون بموقف الإعلامية في قناة "القاهرة الإخبارية" فيروز مكي، واعتبروه نموذجًا للإعلام العربي المسؤول الذي يعبر عن نبض الشارع، ويدافع عن قضايا الأمة.
وأكدوا أن كلمات مكي عكست إحساسًا إنسانيًا عميقًا بقضية الشعب الفلسطيني، وأبرزت الدور الذي يمكن للإعلام أن يلعبه في مواجهة التزييف والانحياز الذي يعانيه الإعلام الغربي.
بين الإنسانية والتضليل
من جهته، قال الأكاديمي والمختص بالشأن الإسرائيلي خالد سعيد، إن "رد الإعلامية والمذيعة فيروز مكي على مستشار الحزب الجمهوري الأمريكي ليف لارسون كان عفويًا ومفعمًا بالإنسانية، صادرًا عن شخص طبيعي قبل أن يكون إعلاميًا، شعر بالسخرية والاستهانة بمعاناة الشعب الفلسطيني".
وأضاف في حديث لـ"قدس برس"، أن هذا الموقف "يعكس مشاعر الكثيرين في العالم الغربي، حيث يسيطر الخطاب الصهيوني الذي يروّج لإسرائيل كدولة "تدافع عن نفسها"، بينما يتجاهل الحقيقة الأساسية بأن الفلسطينيين هم أصحاب الأرض، وأن ما يقومون به من مقاومة ليس سوى رد فعل على الاحتلال".
وأشار سعيد إلى أن "جزءًا من المجتمع الغربي يتعاطف ضمنيًا مع القضية الفلسطينية، إلا أن الهيمنة الإعلامية والسياسية لليمين الصهيوني، المدعوم من كبار رجال الأعمال والمؤسسات العالمية، تسعى لفرض رؤيتها على العالم بأسره دون اعتبار للعرب والمسلمين".
وأكد أن هذا الواقع "يتطلب إعادة تقييم رؤية الغرب للقضية الفلسطينية، لا سيما مع اقتراب عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، الذي قد يطلق صفقات جديدة في الشرق الأوسط على حساب الحقوق الفلسطينية".
وأشاد الأكاديمي المصري بموقف الإعلامية فيروز مكي، واصفًا إياه بـ"الحازم والمحمود في وجه السخرية من مأساة أطفال غزة".
وأوضح أن "الصور المزيفة التي يصدرها الإعلام الصهيوني ما زالت تؤثر في وعي المجتمع الغربي، مما يبرز الحاجة الماسة إلى إطلاق منصات إعلامية عربية عالمية باللغات كلها، تهدف إلى تصحيح المفاهيم المغلوطة التي صُدِّرَت للغرب على أن المقاومة المشروعة تعد إرهابا".
وشدد على "أهمية توضيح الحقائق للغرب، ومنها أن إسرائيل لم تكن موجودة قبل عام 1948، وأن الأرض التي تحتلها هي فلسطينية وعربية تاريخيًا، وأن ما تقوم به حركات المقاومة، مثل حماس والجهاد الإسلامي، هو فعل مشروع لمواجهة الاحتلال الصهيوني، وليس إرهابًا كما يصوره الإعلام المنحاز".
بدوره، أوضح الكاتب والباحث أحمد عبد الله أن "الرسالة التي وجهتها الإعلامية فيروز مكي عبر قناة القاهرة الإخبارية، في أثناء مواجهتها مع مستشار الحزب الجمهوري الأمريكي ليف لارسون، عكست بصدق مشاعر الكثيرين من الشعوب العربية وغير العربية".
وأضاف عبدالله لـ"قدس برس" أن تلك الرسالة "جاءت واضحة في التعبير عن الرفض القاطع لما يرتكبه الاحتلال الصهيوني من إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية في غزة على نحو خاص وفلسطين بشكل عام"، مشددًا على أن هذا الرفض"لا يعكس رضا بأي شكل من الأشكال تجاه تلك الجرائم، التي تنتهك الأعراف والتقاليد الإنسانية قبل القوانين الدولية التي فقدت مصداقيتها لدى الكثيرين".
وأشار إلى أن هذه الرسالة "ستصل إلى صانعي القرار في البيت الأبيض والعواصم الغربية، بأن الشعوب العربية وإن لم تتح لها الفرصة للتعبير عن سخطها في الإعلام العالمي، لا تُقر تلك القوانين والمواثيق الدولية التي تتيح للمجرم فرصا متكررة للإفلات من العقاب، بل تضاعف الويلات والثبور للضحية، وتوزع الابتسامات وهي تتحدث عن جرائم الإبادة وكأنها مجرد أرقام يجب أن تمر على الجميع دون تعليق".
وأكد عبد الله أن "الإعلام اليوم بات من أخطر الأسلحة في العصر الحديث، إذا استُخدم باحترافية ووعي، فإنه قادر على قلب الحقائق وتحويل الجلاد إلى ضحية والضحية إلى جلاد".
وأشاد بدور المقاومة الفلسطينية في "توظيف الإعلام بشكل فعال خلال أكثر من خمسة عشر شهرًا من المواجهات، حيث نجحت في التأثير في مسار الأحداث وإبراز مظلومية الشعب الفلسطيني".
وختم بالقول، إن "سلاح الكلمة، إذا استخدمه أحرار العالم بذكاء وإصرار، يمكن أن يغير موازين القوى الدولية، لما له من قدرة على تشكيل توجهات الشعوب وكشف الحقائق وتفكيك الروايات المزورة".
لكنه حذر في الوقت ذاته من أن "القوى المسيطرة على الإعلام يمكنها بث الأفكار السامة التي ترسخ المفاهيم الزائفة لخدمة أجنداتها السياسية ومصالحها الاقتصادية".
نبض الشارع المصري
وأشار الإعلامي المصري محمد جمال عرفه إلى أهمية موقف المذيعة المصرية فيروز مكي، مؤكدًا أن "ردها جاء عبر قناة مصرية رسمية هي "القاهرة الإخبارية"، ما عزز من قوة موقفها، وجعل تصديها لسخرية مستشار الحزب الجمهوري الأمريكي، ليف لارسون، من معاناة الشعب الفلسطيني في غزة أكثر تأثيرًا".
وأوضح عرفه في حديثه لـ"قدس برس"، أن هذا الموقف "يعكس مشاعر الشعب المصري بكافة أطيافه، حيث إن الغالبية العظمى من المصريين، رغم اتفاقية كامب ديفيد، يظلون يعارضون الدولة الصهيونية، ولا يؤمنون بأي سلام معها".
وأكد أن هذا التوجه "ليس مقتصرًا على المواطن العادي فقط، بل يعكس أيضًا حالة الرفض التي يعبر عنها سفراء إسرائيل في مصر".
وأشار إلى أن "هؤلاء السفراء يعانون مشاعر العزلة والرفض، ويطالبون علنًا بإنهاء مهامهم مبكرًا؛ بسبب التجاهل الذي يواجهونه من قبل المصريين".
وأوضح أن "مصر شهدت تعيين 14 سفيرًا إسرائيليًا منذ فتح سفارة الاحتلال في القاهرة عام 1980، مقابل 7 سفراء مصريين في ذات الفترة، لكن لم يمكث أي منهم في القاهرة أكثر من عامين أو ثلاثة، حيث كان يتم طلب مغادرتهم بسبب شعورهم بالرفض الشعبي".
كما لفت عرفه إلى أن المصريين "يرفضون بشكل قاطع تأجير مبانٍ للسفارة الإسرائيلية، مما دفعها إلى محاولة توفير مقر جديد لها على مدى 12 عامًا، إلا أن تلك الجهود باءت بالفشل، واضطرت السفارة إلى تحويل منزل السفير في المعادي جنوب القاهرة إلى مقر لها، وهو ما يعكس عمق الرفض الشعبي، رغم التطبيع الرسمي" على حد تقديره.
واختتم الإعلامي عرفه القول بأن "الشارع المصري يشهد حالة من الغليان بسبب الجرائم المستمرة التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي في غزة، والدور الأمريكي الداعم لهذه الإبادة الذي زود إسرائيل بأسلحة تقدر بنحو مئتين وثلاثة وأربعين مليار دولار منذ تشرين أول/أكتوبر 2023 فقط. لذلك، فإن موقف الإعلامية فيروز مكي كان رد فعل طبيعيًا يعبر عن نبض الشارع المصري في مواجهة هذه الأوضاع، ويعكس الغضب الشعبي إزاء الدعم الأمريكي المستمر للاحتلال الإسرائيلي".
ووجهت الإعلامية المصرية فيروز مكي خلال حلقة من برنامج "مطروح للنقاش" على قناة القاهرة الإخبارية، يوم 2 كانون ثاني/يناير الجاري، ردًا حازمًا إلى ليف لارسون، مستشار الحزب الجمهوري الأمريكي، عندما حاول السخرية من مأساة أطفال غزة.
وقالت مكي: "لن نقبل السخرية من مأساة أطفالنا في غزة. لا أسمح لك بالتبسم وأنت على شاشة القاهرة الإخبارية. أنت على شاشة قناة مصرية وعربية، وأرجوك أن تحترم الأزمة التي نتحدث عنها".
وأضافت أن ما يحدث في غزة ليس مجرد أرقام تمر دون تعليق، بل هي مأساة إنسانية تتطلب وقفة جادة من العالم أجمع.
وتابعت: "لا يمكن لأي شخص أن يقبل رؤية أحد يبتسم في أثناء الحديث عن أطفالنا، لأننا نعيش مأساة حقيقية نتيجة العدوان الإسرائيلي ومجازره بحقهم".
وقد حظي موقف مكي بإشادة واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث عبّر كثيرون عن إعجابهم بشجاعتها وموقفها الإنساني الرافض لأي محاولة لتقليل معاناة الشعب الفلسطيني أو السخرية منها.