تحقيق "إسرائيلي" يكشف الاستعانة بالذكاء الصناعي لزيادة بنك الأهداف في غزة

نقلت وسائل إعلام إسرائيلية وأمريكية عن ضباط في وحدات الاستخبارات العسكرية قولهم، أن جيش الاحتلال أستعان خلال عدوانه على قطاع غزة، بأدوات وبرامج الذكاء الصناعي في محاولة للحفاظ على زخم القصف الإسرائيلي بعد أن استنفذ بنك الأهداف التقليدي.
الإفراط في استخدام القوة
جاء ذلك في إطار تحقيق استقصائي مشترك بين مجلة/ Mag+972/ وموقع /Local Call/، وكلاهما إسرائيليان، توصلا لنتيجة مفادها أن جيش الاحتلال قام بتعديل قواعد الاشتباك لديه من جهة، وتوسيع في توظيف أدوات الذكاء الصناعي؛ لتوليد بنك أهداف جديد في القطاع، وهو ما أسفر عن دمار هائل وأعداد غير مسبوقة من الشهداء المدنيين. وفقا للصحيفة.
والمقصود بقواعد الاشتباك في حالة الحرب هي تلك القواعد التي تهدف بالأساس إلى منع استهداف المدنيين والمنشآت المدنية من جهة وتقليل الأضرار الجانبية على المدنيين في أي عملية عسكرية من جهة أخرى.
تطرق التحقيق إلى أنه خلال الأيام الخمسين الأولى من العدوان، استشهد أكثر من 15 ألف فلسطيني جراء القصف الوحشي، غالبيتهم الساحقة من المدنيين، منهم 6 آلاف طفل و4 آلاف سيدة، كما جرى استهداف 1400 عائلة، وأصيب 36 ألف آخرين، فيما بقي 7 آلاف في إطار المفقودين يرجح أنهم ما زالوا تحت الأنقاض.
ويشير التحقيق أنه بموجب التعليمات التي صدرت من كبار الضباط في هيئة الأركان العامة وقادة الفرق والألوية العسكرية في فترة التعبئة التي سبقت دخول غزة بريا كانت كالتالي: "إذا تم رصد "هدف" يصنف من قبل الضباط على أنه "عسكري" يتم إصدار الأمر باستهدافه على الفور حتى لو كانت المعلومات المتوافرة تؤكد أن الأضرار الجانبية على المدنيين ستكون بالمئات".
وفي سياق متصل كشفت صحيفة الواشنطن بوست عن أنواع برامج الذكاء الصناعي التي لجأ إليها جيش الاحتلال في عدوانه على غزة منها أداة معقدة تسمى "هبسورا" أو "الإنجيل"، وهو نظام طُور من قبل شعبة الاستخبارات العسكرية- أمان بالتعاون مع الجيش الأمريكي، لديه القدرة على توليد مئات الأهداف الإضافية.
نظام "هبسورا"
بدأ العمل على تطوير هذا النظام منذ العام 2020، من قبل الجنرال الإسرائيلي يوسي ساريل قائد وحدة الاستخبارات الإسرائيلية 8200 بالتعاون مع شعبة الاستخبارات العسكرية والجيش الأمريكي، بموجبه يتيح النظام بناء مئات الفرضيات وتحليلها وإعطاء الأوامر الجاهزة للقائد العسكري لتنفيذها.
لدى النظام قدرة على رصد كميات هائلة من البيانات المستمدة من الاتصالات التي يتم اعتراضها، وصور الأقمار الصناعية والشبكات الاجتماعية، وتعمل الخوارزميات في هذا النظام على ربط هذه البيانات ببعضها البعض لتسهيل عملية الاستهداف.
ومع ذلك تتهم الصحيفة جيش الاحتلال بالإفراط في عملية استهداف المدنيين، ففي العام 2014، ادعت منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "كسر الصمت" أن قواعد الاشتباك المعمول بها كانت استهداف مدنيا واحدا لكل مقاوم في رتبة رفيعة المستوى.
ولكن في العدوان الحالي ارتفعت النسبة إلى 15 مدنيا لكل عضو منخفض المستوى في المقاومة، وتتضاعف هذه النسبة للمستويات القيادية العليا في المقاومة. وفقا لمنظمة "كسر الصمت" الإسرائيلية.
نظام أربيل
كشف ضباط في الاستخبارات الإسرائيلية للصحيفة الأمريكية قولهم عن استخدام جيش الاحتلال لنظام "أربيل" الذي تم انتاجه بشكل مشترك بين وزارتي الدفاع الإسرائيلية والهندية في العقد الماضي.
يتيح النظام تحويل المدافع الرشاشة الإسرائيلية من طراز "تافور" و"كارمل" و"نيجيف" والبنادق الهجومية إلى آلات قتل محوسبة مع تعزيز القدرة على إصابة الأهداف بدقة وكفاءة أكبر باستخدام الخوارزميات الرياضية لتصبح قاتلة.
نظام لافندر
اعتمد نظام لافندر على معايير واسعة من أجل تحديد الأهداف وإصابتها، واختار النظام نحو 37 ألف شخص في غزة باعتبارهم مقاومين.
عقيدة الضاحية
بموازاة ذلك لجأت دولة الاحتلال لما يعرف بـ(عقيدة الضاحية) التي تعود لحرب لبنان الثانية تموز/ يوليو 2006، والمنسوبة لقائد الأركان الإسرائيلي الأسبق غادي إيزنكوت، التي تقوم على استخدام القوة المفرطة والتدمير والقتل الشامل لقلب موازين المعركة وتحويلها لأرض محروقة لا تعيش فيها مقاومة.
يذكر أن أحد تقارير المخابرات الأمريكية التي نشرت في 14 كانون أول/ ديسمبر 2023 أظهرت "إن نصف القنابل التي ألقيت على غزة كانت قنابل غير موجّهة"، والقنابل غير الموجهة هي (قنابل غبية يسقطها العدو سقوطا حر عشوائيا على أي هدف كان؛ بهدف تدمير الحجر والبشر وهو ما يعرف بـ (قتل المنازل).
ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي، مدعوما من الولايات المتحدة وأوروبا، منذ 469 يوما على التوالي، عدوانه على قطاع غزة، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.
وخلّف العدوان أكثر من 157 ألفا و200 شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 آلاف مفقود، وسط دمار هائل ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، في إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
وكان رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، قد أعلن الأربعاء الماضي، التوصل رسميا لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، يبدأ يوم الأحد المقبل.
وجاء ذلك في مؤتمر صحفي عقده بالعاصمة الدوحة، بعد وقت قصير من إعلان "حماس" تسليم وفدها الوسطاء القطريين والمصريين موافقتها على وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وقالت "حماس" من جانبها، إن "اتفاق وقف إطلاق النار هو ثمرة الصمود الأسطوري لشعبنا الفلسطيني العظيم ومقاومتنا الباسلة في قطاع غزة، على مدار أكثر من 15 شهرا".