خبير اقتصادي: السياسات المالية للسلطة الفلسطينية غير مجدية

رام الله (فلسطين) - قدس برس
|
يناير 27, 2025 11:41 م
أكد الصحفي المختص في الشؤون الاقتصادية أيهم أبو غوش عدم وجود أي مؤشرات أو أفق لحدوث انفراجة قريبة في الأزمة المالية التي تعاني منها السلطة الفلسطينية، في وقت ما تزال تلك السلطة تراهن على المساعدات الأوروبية المرهونة أصلا بنتائج اجتماع البرلمان الأوروبي المرتقب، لكن الصورة لن تتضح قبل شهر أيار المقبل.
وقال أبو غوش لـ"قدس برس" إنه في حالة اكتمال نجاح تجنيد الدعم الأوروبي فإنه يمكن الحديث عن احتمالية استمرار صرف السلطة لـ70% من الراتب، ودون ذلك سيكون الوضع كارثياُ بكل معنى الكلمة، خاصة في ظل انعدام فرص الحصول على تمويل من الجهاز المصرفي، فمجمل الدين الحكومي من البنوك العاملة في فلسطين وصل إلى 3 مليارات دولار، وديون موظفي القطاع العام يناهز الـ2 مليار دولار، أي أن الحكومة وموظفيها حاصلون على نحو 45% من اجمالي التسهيلات الائتمانية الممنوحة، التي هي أموال الودائع أي أموال مواطنين بالأساس.
وتابع "لن تستطيع الحكومة، -وهي تحمل ديناً عاماً يزيد عن 43 مليار شيقل- خلال الفترة المقبلة الاستدانة من القطاع المصرفي ولو دولار واحد، وهذا ما يعني أنه في ظل استمرار قوات الاحتلال الإسرائيلي في احتجاز أموال المقاصة (53 مليون شيقل شهريا رواتب الأسرى وأسر الشهداء، وقرابة 270 مليون شيقل نظير الرواتب المحولة لقطاع غزة)، وكذلك تراجع إجمالي الضرائب بسبب تداعيات الحرب، فإن ما يصل من أموال المقاصة لا يتجاوز 35% من إجمالي فاتورة ضريبة المقاصة قبل الحرب، "لذلك نحن مقبلون على الأغلب على أشهر عجاف وأكثر قسوة. أفضلها هو استمرار الحكومة الحالية في دفع نسبة 70%". لافتا إلى أن ذلك يأتي بعد "تلبيس طواقي" مثل أخذ مستحقات من شركة كهرباء التي ستحصل على قرض بقيمة 600 مليون شيقل لتسديد ما عليها من ديون نظير خصم اسرائيل مستحقات الشركات الاسرائيلية من أموال المقاصة التي حولت للصندوق النرويجي بعد اندلاع الحرب على قطاع غزة، وكذلك الحصول بشكل مبكر عن ايرادات ضريبة من الشركات الكبرى.
وبشأن إصدار القرار بقانون بشأن تنظيم آجال القروض وأقساطها ودفعات التأجير التمويلي، يرى أبو غوش أن له دلات مهمة، "وهو يعني فشل امكانية منح قرض مجمع جديد للحكومة لتسديد بعض مستحقات الموظفين، ما يعني أنه لا يوجد بالمطلق امكانية دفع راتب كامل أو تسديد جزء من المستحقات خلال العام 2025، والتي وصلت إلى قرابة 8 رواتب". وتابع "هذا التوجه جعل الموظف المقترض في مواجهة مباشرة مع البنوك بتحويل الاقساط المراكمة عليه إلى جدولة مقابل فوائد اضافية بقيمة 4.20%، أو تحويل المبلغ إلى قرض جديد لنهاية القرض الاول بنسبة فائدة متروكة للتفاهم بين المقترض والبنك (طبعا ستكون اكثر من 4.20% التي نص عليها القرار بقانون".
وأشار إلى أن "الموظف الذي كان البنك يخصم عليه نسبة من القرض حسب نسبة الراتب المحولة، اصبح عليه أقساط متراكمة غير مسددة، وهو مجبر وفق القانون على تسديدها، إما بإعادة جدولتها او بمنحه قرض لنهاية القرض الأول".
ويضرب الخبير مثالا لتقريب الصورة أكثر، قائلا "نفترص أن موظف عليه أقساط متراكمة قيمتها 10 آلاف شيقل (الدولار 3.7 شيكل)، فإن قيمة الفائدة ستختلف حسب مدة القرض.
ويجدد أبو غوش التأكيد أن الأزمة المالية طاحنة وجزء من أسبابها سياسي، سواء تراجع المساعدات او القرصنة على أموال المقاصة، ولكن جزء كبير منها كذلك يتعلق بكيفية إدارة الموارد المالية خاصة فيما يتعلق بالتعيينات والترقيات، فرغم كل المطالبات (محلياً ودولياً) لتخفيض فاتورة الرواتب ظلت تتضخم عاما بعد عام، حتى في ظل الحكومة الحالية التي رفعت لواء الاصلاح مازالت التعيينات والترقيات متواصلة.
ويتابع "لا أفق لصرف المستحقات، بل لا أفق حتى لصرف راتب كامل، وما تتحدث عنه الحكومة من عدالة اجتماعية إنما هو نهش للفئة الوظيفية الوسطى التي ليست فقط لم تعد قادرة على الحصول على مستحقاتها، بل سيترك مصيرها لذمة البنوك. هي تلبيس طواقي، فالحكومة تستدين من البنوك (الودائع هي أموال مواطنين)، والحكومة تستدين من الموظف (رواتب غير مسددة ودون فوائد)، والفائدة يلبسها الموظف، والايرادات العامة تتراجع في ظل انخفاض السيولة النقدية نتيجة صرف رواتب منقوصة، وتستمر العجلة بالدوران بصعوبة دون إمكانيات للمعالجة في ظل استمرار المعطيات المالية الحالية، ودون وجود إصلاح مالي حقيقي في إدارة المال العام وفي مقدمتها فاتورة الرواتب".
ويختم بقوله "الموظف المقترض وخاصة من الفئة الوسطى، سيكون في وضع كارثي يدفع فيه ثمن سياسات أدت إلى عدم تلقيه للراتب، ليس بسبب عدم صرف مستحقاته فحسب، بل لأنه سيكون مرغماً كذلك على دفع فوائد إضافية لتمكينه من تسديد ما عليه من أقساط متراكمة".
وسوم : السلطة الفلسطينية