خبير إغاثي يحدد خمس ركائز أساسية لإعادة إعمار غزة
تضمن تنمية مستدامة

الكويت - سيف باكير - قدس برس
|
يناير 28, 2025 5:57 م
في ظل الأوضاع الإنسانية المعقدة التي يشهدها قطاع غزة بعد حرب الإبادة التي شنها جيش الاحتلال طوال 15 شهرا، أصبح من الضروري وضع خطة شاملة لتحقيق تنمية مستدامة تضمن للفلسطينيين هناك العيش بكرامة.
وقال خبير التطوير الاستراتيجي والعمل الإغاثي، محمد تهامي، الذي يركز على الإغاثة والتنمية المستدامة، إن "خطة إعادة بناء غزة تمثل أملًا لملايين الناس".
وأوضح في حديث مع "قدس برس" أن هذه الخطة "ليست مجرد جهود إنسانية طارئة، بل هي خارطة طريق نحو بناء مستقبل أفضل لأبناء غزة".
وأضاف أن الهدف "لا يقتصر على تقديم المساعدات العاجلة فقط، بل يتعدى ذلك للعمل على تحويل غزة إلى نموذج تنموي يستفيد من جميع الفرص المتاحة في مختلف المجالات".
وقال تهامي، إن الخطة "تتضمن خمس ركائز أساسية: الإغاثة، إعادة الإعمار، التمكين الاقتصادي، التعليم والتدريب، وتحسين الخدمات الأساسية".
وعن الخطوات الأولى لتحقيق الأهداف الرئيسية للخطة، أشار إلى أنه "ستُتَّخَذ خطوات سريعة لتلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية مثل توفير المساعدات الغذائية، توزيع المياه الصالحة للشرب، وتقديم الرعاية الصحية".
وأكد "ضرورة البدء في بناء شبكة إغاثة متنقلة لتغطية المناطق الأكثر تضررًا، بالإضافة إلى تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للسكان الذين مروا بتجارب قاسية".
وفيما يتعلق بالتحديات التي قد تواجه تنفيذ خطة الإغاثة المستدامة، أكد تهامي أن "التحدي الأكبر يكمن في قدرة القطاع الصحي على التعامل مع حجم الطلب المتزايد على الرعاية الطبية".
وأضاف، أن "المستشفيات والمراكز الصحية تضررت بشدة، وهناك نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية، لذا يجب أن تشمل الخطة توفير مستشفيات ميدانية متنقلة ومراكز طبية مؤقتة".
كما أشار إلى أن "الحصار يحد من إمكانية الوصول إلى المواد الأساسية مثل الغذاء والمياه، مما يزيد تعقيد الوضع".
أما بالنسبة لمراحل إعادة الإعمار المستدام، فقد أكد تهامي أن هذه الجهود "تتطلب تخطيطًا دقيقًا لضمان استدامتها"، مشيرًا إلى "أهمية استخدام مواد بناء صديقة للبيئة في جميع المشاريع الجديدة، وإنشاء بنية تحتية مقاومة للكوارث المستقبلية".
وأضاف، أنه "سيُرَكَّز على إنشاء مصادر طاقة بديلة، مثل الألواح الشمسية، لتقليل الاعتماد على الشبكات الكهربائية الضعيفة". كما أشار إلى "أهمية استخدام تقنيات تحلية المياه لضمان توفير مياه شرب نظيفة في المناطق التي تعاني نقصاً حاداً".
فيما يخص التمكين الاقتصادي، أكد تهامي أن "دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة هو أحد أبعاد الخطة الأساسية"، وقال: "سنعمل على تقديم منح صغيرة للمشاريع الناشئة وإطلاق برامج تدريبية لتعليم الحرف والمهن للشباب".
وأوضح أن "التركيز سيكون أيضًا على الزراعة والصيد البحري كمصادر دخل رئيسية"، مشيرًا إلى "الإمكانيات الكبيرة لهذه القطاعات إذا طُوِّرَت بشكل صحيح".
وعن التعليم، أضاف تهامي أن الخطة "تضع التعليم في صدارة الأولويات، حيث سيُعَاد بناء وتأهيل المدارس والجامعات المتضررة، وإطلاق منصات تعليمية رقمية لتعويض الفاقد التعليمي".
وأوضح: "ستتيح هذه المنصات للطلاب استئناف دراستهم في بيئة تعليمية حديثة ومرنة، بالإضافة إلى توفير منح دراسية في التخصصات العلمية والتقنية".
وفيما يخص ضمان استدامة هذه المشاريع على المدى الطويل، شدد تهامي على "ضرورة تنفيذ المشاريع وفقًا لمعايير عالية من الشفافية والمساءلة، مع قياس الأثر الاجتماعي والاقتصادي بشكل دوري". وأكد "أهمية تعزيز الشراكات الإقليمية والدولية لتوفير الدعم المستمر لهذه الجهود".
أما عن دور المجتمع الدولي في تنفيذ هذه المبادرة، فأشار إلى أنه "من الضروري الحصول على دعم مالي وتقني من المنظمات الدولية والدول المانحة، مع ضرورة توفير الخبرات الفنية والتقنية لضمان تنفيذ المشاريع بكفاءة عالية".
وأوضح أن "المجتمع الدولي يمكنه أن يؤدي دورًا كبيرًا في توفير الدعم اللازم لتأهيل البنية التحتية وتحقيق الاستدامة الاقتصادية".
وفي الختام، أشار تهامي إلى أن "مشاركة سكان غزة في هذه الخطة تُعد أمرًا أساسيًا لنجاحها، وأن المجتمع المحلي يجب أن يكون جزءًا من عملية التخطيط والإشراف على المشاريع"، مؤكدًا أن "السكان المحليين هم الأقدر على تحديد احتياجاتهم ومشاكلهم، ومن ثم فإن إشراكهم في اتخاذ القرارات سيسهم في ضمان تنفيذ المشاريع بشكل يتناسب مع احتياجاتهم الفعلية".