تصريحات ترامب بشأن تهجير فلسطينيي غزة... مصر والأردن في عين العاصفة

أثارت التصريحات الأخيرة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بشأن فكرة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول أخرى، قلقًا متزايدًا في الأردن ومصر، حيث يُخشى أن تؤدي هذه المخططات إلى تداعيات ديمغرافية وأمنية قد تهدد استقرار البلدين.
في الوقت الذي تسعى فيه الولايات المتحدة و"إسرائيل" لإيجاد حلول قائمة على تهجير الفلسطينيين، ترفض كل من الأردن ومصر هذه الطروحات بشدة، مدركتين المخاطر الناجمة عن أي تغيير في التركيبة السكانية لديهما.
الموقف الأردني والمصري: رفض قاطع للمخططات التهجيرية
أكد الباحث والأكاديمي الفلسطيني إياد القرا أن الأردن يعارض بشكل حاسم أي محاولات لتهجير الفلسطينيين من غزة أو الضفة الغربية إلى أراضيه، موضحًا أن هذا الموقف ينبع من مخاوف تتعلق بتأثير مثل هذه السيناريوهات على التركيبة السكانية في المملكة، حيث يُشكل الأردنيون من أصل فلسطيني نحو 50% من السكان.
وأشار القرا، في حديثه مع "قدس برس"، إلى أن أي تغيير ديمغرافي مفاجئ قد يؤثر بشكل مباشر على التوازن العشائري والسياسي داخل الأردن، مما قد يهدد استقرار النظام السياسي في البلاد.
وفي السياق ذاته، أوضح الباحث والمحلل السياسي الفلسطيني سليمان بشارات أن مصر، شأنها شأن الأردن، تبدي قلقًا كبيرًا من أي محاولات لاستيعاب فلسطينيي غزة داخل أراضيها، مشيرًا إلى أن مصر، باعتبارها الجارة المباشرة للقطاع، تتحمل مسؤوليات أمنية وسياسية كبيرة في التعامل مع هذه القضية.
وأضاف بشارات لـ "قدس برس" أن أي تهجير جماعي للفلسطينيين إلى الأراضي المصرية قد يؤثر بشكل جوهري على المعادلة الديمغرافية والاقتصادية في مصر، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية الهائلة التي تواجهها البلاد، واعتمادها على الدعم الدولي في العديد من المجالات.
كما لفت إلى أن مواقف القاهرة وعمان من القضية الفلسطينية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بأمنهما القومي، إذ إن أي تغيير في التركيبة السكانية قد يؤدي إلى اضطرابات سياسية واجتماعية تمس استقرار البلدين.
ويؤكد الخطابان السياسيان في كل من الأردن ومصر على أهمية حل القضية الفلسطينية وفق مبدأ "حل الدولتين"، بما يضمن إقامة دولة فلسطينية مستقلة قادرة على تحقيق الاستقرار الإقليمي.
التوجهات الإسرائيلية والأمريكية: البحث عن حلول خارجية
وفقًا للقرا، فإن حكومة بنيامين نتنياهو تتبنى نهجًا يدفع الفلسطينيين في غزة إلى الهجرة القسرية، في ظل اعتبارها القطاع "كابوسًا" بسبب الكثافة السكانية العالية والمقاومة الفلسطينية.
وأشار القرا إلى أن وزير المالية الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الذي يصر على سيطرته على الضفة الغربية كشرط لبقائه في الحكومة، يمثل أحد أبرز الأصوات التي تدفع نحو سياسات التهجير.
من جهته، أكد بشارات أن إدارة ترامب تعاملت مع القضية الفلسطينية بمنظور إسرائيلي بحت، حيث سعت إلى البحث عن دول يمكنها استيعاب اللاجئين الفلسطينيين، وهو ما اعتبره العديد من الأطراف تحركًا معاديًا للحقوق الفلسطينية ومخالفًا للقوانين الدولية.
الموقف الأردني والمصري: الممانعة لا التصادم
أوضح الباحثان أن الموقفين الأردني والمصري من قضية التهجير لا يهدفان إلى التصادم المباشر مع الولايات المتحدة أو إسرائيل، وإنما إلى تشكيل "حالة مانعة"، وذلك من خلال وضع عراقيل أمام تنفيذ هذه المخططات، مع التركيز على ضرورة التوصل إلى حلول سياسية عادلة تكفل حقوق الفلسطينيين.
وقد أثارت تصريحات ترامب، التي أعلن فيها أن الولايات المتحدة ستسيطر على قطاع غزة بعد إعادة توطين الفلسطينيين في أماكن أخرى، ردود فعل غاضبة، حيث وصفت حركة "حماس" هذه التصريحات بالعبثية، داعية الرئيس الأمريكي إلى التراجع عن موقفه، الذي يتناقض مع القوانين الدولية.
من جانبها، أكدت منظمة التحرير الفلسطينية رفضها القاطع لأي دعوات تهجير، مشددةً على أن "حل الدولتين" هو السبيل الوحيد لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة.
وعلى الصعيد الدولي، أبدت معظم دول العالم رفضها الواضح لأي مخططات تهدف إلى تهجير الفلسطينيين من أرضهم، مؤكدةً ضرورة العمل على تحقيق "حل الدولتين"، ومنح الفلسطينيين فرصة العيش بكرامة في دولتهم المستقلة.