محللون: قرار عباس حول مخصصات عوائل الشهداء والأسرى والجرحى رضوخ للضغوط الإسرائيلية والأمريكية

أكد محللون سياسيون أن قرار رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تحويل مخصصات عائلات الشهداء والأسرى والجرحى إلى مؤسسة "التمكين الاقتصادي"، يعدّ تواطؤا علنيا ورضوخا مطلقا للمطالب الإسرائيلية والأمريكية، ونزع الشرعية عن النضال الفلسطيني برمّته.
وقالت المحللة السياسية سناء زكارنة، في حديث لـ"قدس برس"، إن "القرار يعني أن السلطة الفلسطينية تتخلى عن الأسرى وعوائل الشهداء رسميا كجهة حكومية، وتلحق ملفهم إلى جمعية خيرية ويعاملون معاملة الأسر المتعففة والمحتاجة، وإلغاء كافة القوانين المتعلقة بهم ومعاملتهم معاملة الحالات المتعففة، بمعنى أن حالة كل أسير وعائلة شهيد تخضع لتقييم وضعهم ومن ثم يتخذ قرار بصرفه من عدمه"، وتابعت "هنا سيحرم بعضهم من أخذ مخصصاتهم تبعا للأهواء الشخصية للمُقيّم، ولا يوجد قانون يلزم ولا جهة رقابية تراقب وتضغط، علاوة أن المسؤول عن هذه المؤسسة شخصية باعتقادي ليس ذات أهلية لتحمل هذه المسؤولية الوطنية، في إشارة لعضو منظمة التحرير أحمد مجدلاني".
وأضافت "هذا يعني أن الاحتلال قد يلجأ إلى إغلاق المؤسسة كما فعل مع كثير من المؤسسات الخيرية، وبالتالي توقف الرواتب بدافع إغلاق الجمعية، ونصبح أمام أمر واقعي هو وضع الأسرى في وضع اقتصادي سيء"، مشيرة إلى أن "هذه الأزمة ليست وليدة اللحظة، بل أتت بخطط خبيثة، بدأت من الموظفين وصولا للأسرى وعوائل الشهداء".
بدوره، اعتبر المختص في الشؤون الإسرائيلية عصمت منصور القرار "تقزيم للحالة النضالية الفلسطينية من حالة وطنية نفتخر بها، ومن تحصين عوائلهم إلى فئات محتاجة تخضع لقوانين وأهواء الاشخاص دون حفظ حقوقهم".
وشدد منصور -بصفته أسيرا محررا أمضى أكثر من 20 سنة في سجون الاحتلال- على أن "هذه الخطوة معيبة ومرفوضة، ولا تحفظ كرامة الأسرى وعوائل الشهداء الذين قدموا أرواحهم وزهرة شبابهم في سبيل الوطن، "والواجب الوطني والأخلاقي عدم المساس بهم، لأن ذلك يعد نزولا عند الإرادة الإسرائيلية وتنفيذ لإملاءات الاحتلال الذي لم يقدم اي حسن نية اتجاه الاتفاقيات".
وأضاف "تربينا على قصص مناضلين ضحوا بأنفسهم لانهم رفضوا أن يعتذروا أو يعبروا عن ندمهم، ومن المهم القول إن قضايا النضال والتحرر ليست حسابات رياضية مجردة، هناك وزن حاسم لاعتبارات الكرامة، والرواية والسردية.
وجدد منصور رفضه لقرار تحويل مخصصات الأسرى لشركة أو مؤسسة أو أي جهة تنتقص من كرامتهم وكرامة عائلاتهم.
بدوره، نشر الأسير المحرر عبد الرحيم بدوي على حسابه على "فيسبوك" قائلا إن "هذه الشرائح هم تاج رؤوسنا جميعا وليسوا "شؤون اجتماعية" ولا بحاجة لـ "تمكين اقتصادي"، وليسوا أوراق اعتماد تُقدّم لأعداء شعبنا (الأميركان والإسرائيليين).
وأضاف "مبدأ حفظ وصون كرامة المناضلين وعائلاتهم فلسطينيا عمره طويل وسابق زمنيا وقيميا وأخلاقيا ونضاليا أعمار من تقلّدوا مناصب باسم الوطن والوطنية، ونتاج الحالة الكفاحية لشعبنا وتضحياته. أما قرار اليوم، وبدون تجميل وغسيل للمصطلحات، هو نزع شرعية عن النضال الفلسطيني برمّته، وليس استهداف لعائلات المناضلين فقط، وهذا لن يمرّ".
أما الأسير المحرر، ومنسق المؤتمر الشعبي الفلسطيني، عمر عساف فاعتبر قرار رئيس السلطة بما يخصّ الأسرى، يمثّل خطوة باتجاه التنصل من قضيتهم، لأن الأسرى ليسوا قضية شؤون اجتماعية بل هم الجيش ورأس الحربة في مواجهة الاحتلال.
ورأى عساف في حديث صحفي أن القرار يسيء للأسرى، ويأتي في سياق الانصياع للضغوط الإسرائيلية والأمريكية.
وشدد على أن كل التنازلات التي قدّمتها السلطة طوال السنوات الماضية منذ توقيع اتفاقية أوسلو لم تحصل مقابلها على شيء، ولن يحصلوا مقابل هذا القرار على شيء، إلا إن كان المقابل هو بعض الامتيازات لقادة في السلطة.
وأضاف أن الاحتلال اعتاد الحصول على تنازلات من السلطة، والأخيرة اعتادت على تقديم تنازلات مجانية، دون تحقيق أي منفعة للشعب.
وتابع: "ربما تسعى السلطة لشراء وجودها واستمرارها بهذا القرار، لكن لا يوجد علاقة بين هذا القرار وتعزيز صمود الشعب ووقف الاستيطان، وإنما هو قرار يشبه الركض وراء السراب".
وكان رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قد أصدر مرسوما رئاسيا أمس الإثنين، يقضي بـ"إلغاء المواد الواردة بالقوانين والنظم المتعلقة بنظام دفع المخصصات المالية لعائلات الأسرى، والشهداء، والجرحى".