فلسطينيو العراق في سوريا: واقع قانوني وإنساني مأزوم

معاناة مستمرة وظروف معيشية قاسية
في أحد أحياء دمشق القديمة، يعيش الحاج عدنان مشينش، أحد فلسطينيي العراق الذين اضطروا إلى النزوح إلى سوريا عقب الغزو الأمريكي للعراق وسقوط نظام صدام حسين عام 2003. ورغم مرور أكثر من عقدين على رحيله عن وطنه الثاني، لا تزال معاناته مستمرة في ظل أوضاع قانونية واقتصادية خانقة.
 
يقول الحاج عدنان في حديثه لـ"قدس برس": "نعيش في حالة من عدم الاستقرار منذ نزوحنا إلى سوريا عام 2005. لم نتمكن من تجديد إقاماتنا منذ سنوات، فضلاً عن التكاليف المرتفعة التي تجعل الأمر شبه مستحيل".
 
ويؤكد أن معاناة فلسطينيي العراق في سوريا لا تختلف عن معاناة السوريين، خاصة بعد اندلاع الأزمة السورية عام 2011، إذ سقط منهم شهداء، واختفى العديد منهم قسريًا دون أي معلومات عن مصيرهم.
 
ويضيف: "نحن محرومون من العمل بشكل قانوني، مما يزيد أعباءنا. يعتمد البعض على مساعدات أقاربهم في الخارج، بينما يضطر آخرون للعمل في الخفاء بأجور زهيدة". ورغم تقدمه في السن، فإن أكثر ما يشغله هو مستقبل أبنائه وأحفاده الذين وُلدوا في سوريا دون أي أفق قانوني واضح يضمن لهم حياة مستقرة.
 
عوائق العودة إلى العراق
أما عن إمكانية العودة إلى العراق، فيوضح الصحفي الفلسطيني العراقي حسن خالد أن الأمر يكاد يكون مستحيلاً بسبب التعقيدات القانونية، حيث فقد معظم الفلسطينيين الذين غادروا العراق صفة اللجوء، مما يحرمهم من حقوق الإقامة والعمل والسكن.
 
ويضيف: "عدد الذين تمكنوا من العودة إلى العراق لا يُذكر، بينما تم توطين البعض في دول أخرى، أو توجهوا إلى تركيا بحثًا عن بدائل".
 
كما يشير إلى أن القانون العراقي يُسقط الإقامة عن أي فلسطيني يغادر البلاد لأكثر من شهر، فما بالك بمن اضطروا للبقاء في المنفى لسنوات طويلة؟
 
من سقوط بغداد إلى النزوح نحو سوريا
بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، تعرض اللاجئون الفلسطينيون هناك لموجة من الاستهداف والاضطهاد، حيث وُجهت إليهم اتهامات بدعم نظام صدام حسين، مما جعلهم عرضة لهجمات الميليشيات الطائفية. وأمام تصاعد المخاطر، اضطر العديد منهم إلى الفرار إلى دول مجاورة، ومن بينها سوريا.
 
وقد استقر ما بين 3 آلاف إلى 5 آلاف شخص من فلسطينيي العراق في سوريا بحلول عام 2005، حيث وُزِّعُوا في عدة مناطق: 
 
مخيم الهول (قرب الحسكة): محطة مؤقتة لعدد من اللاجئين الذين لم يتمكنوا من تحمل ظروفه القاسية.
 
مخيم التنف (على الحدود السورية-العراقية): حيث عاش المئات في أوضاع إنسانية صعبة قبل إعادة توطينهم في دول أخرى.
 
مخيم اليرموك وحي السيدة زينب بدمشق: حيث اندمجوا مع فلسطينيي سوريا، لكن دون الحصول على الحقوق القانونية ذاتها.
 
مناطق أخرى في دمشق وريفها: مثل جرمانا وقدسيا، حيث توزع عدد من العائلات.
 
واقع قانوني غامض وحقوق مفقودة
على عكس اللاجئين الفلسطينيين من أبناء 1948 الذين حصلوا على "وثيقة اللاجئ الفلسطيني" في سوريا، مُنح فلسطينيو العراق إقامات سنوية مؤقتة فقط، مما حرمهم من العديد من الحقوق الأساسية، بما في ذلك فرص العمل والتعليم.
 
وأمام هذه التحديات، وجد معظمهم أنفسهم في ظروف معيشية صعبة، خاصة أن الكثيرين فقدوا ممتلكاتهم في العراق، ولم يكن لديهم أي مصدر دخل ثابت. ومع اندلاع الحرب السورية، تفاقمت معاناتهم، فاضطر بعضهم للبحث عن ملجأ جديد في أوروبا أو أمريكا الجنوبية، بينما بقي آخرون في سوريا وسط واقع قانوني واجتماعي مأزوم.
 
مناشدات وحلول غائبة
يختتم الحاج عدنان حديثه بنداء عاجل إلى المؤسسات الفلسطينية، وعلى رأسها السلطة الفلسطينية، للتحرك من أجل إيجاد حل جذري لهذه الأزمة التي طال أمدها. وبينما لا تزال الحلول غائبة، يبقى مصير آلاف الفلسطينيين النازحين في سوريا معلقًا في انتظار تدخل جاد ينهي معاناتهم، ويعيد إليهم حقوقهم المفقودة.
 
 
تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
عائلة "حلس" في غزة تُعلن البراءة من "عصابة عملاء" وتدعو لمحاسبة المتورطين
يوليو 3, 2025
أصدرت عائلة "حلس" في قطاع غزة والشتات بياناً شديد اللهجة، أعلنت فيه البراءة التامة والمطلقة من مجموعة من أبنائها المتورطين في "الخيانة والتخابر" مع الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدةً رفضها القاطع لكل أشكال التعامل مع جهات معادية للشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية. وجاء في البيان الذي صدر اليوم الخميس، أن "عصابة من العملاء المأجورين"، ومن بينهم شخص يُدعى
قراءة في المقترح الأمريكي الجديد لوقف إطلاق النار في غزة
يوليو 3, 2025
في خضم تسريبات متزايدة حول تفاصيل الورقة الأمريكية لوقف إطلاق النار في غزة، تتحدث تقارير إعلامية عن مقترح مختلف من حيث الشكل والمضمون، تطرحه إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بصيغة تحمل ملامح تحول سياسي لافت. هذه الورقة، التي يُروّج لها على أنها اتفاق متكامل يمتد لـ60 يومًا، تتضمن بنودًا غير مسبوقة، كوقف شامل لإطلاق النار،
660 حالة اعتقال في يونيو بينهم 25 امرأة و39 طفلاً واستشهاد 3 أسرى في سجون الاحتلال
يوليو 3, 2025
قال "مركز فلسطين لدراسات الأسرى" (مستقل مقره بيروت)، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي صعّدت بشكل ملحوظ من عمليات الاعتقال خلال شهر حزيران/يونيو الماضي، في الضفة الغربية والقدس المحتلين، تزامنًا مع استمرار عدوانها على قطاع غزة، حيث وثّق المركز 660 حالة اعتقال، من بينهم 25 امرأة و39 طفلاً. وأوضح المركز في بيان له اليوم الخميس، أن إجمالي
"إسرائيل" تهاجم "العفو الدولية" بعد اتهامها باستخدام التجويع كأداة للإبادة الجماعية في غزة
يوليو 3, 2025
هاجمت "إسرائيل"، منظمة "العفو الدولية" بعد صدور تقريرها الذي أشار إلى استمرار "إسرائيل" في استخدام التجويع كوسيلة لإرتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين. وقالت "وزارة الخارجية الإسرائيلية"، في بيان لها اليوم الخميس، أن "انضمام منظمة العفو الدولية إلى حركة حماس وتبني كل أكاذيبها الدعائية، يجعل من المناسب تسميتها (عفو حماس)". وادعت الوزارة أن "الحقائق تختلف تمامًا
سلطات الاحتلال تمهل 22 عائلة مقدسية بإخلاء منازلها جنوب القدس
يوليو 3, 2025
أمهلت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الخميس، 22 عائلة مقدسية حتى السابع من تموز/يوليو الجاري، لإخلاء منازلها للسيطرة على أراضيهم في بلدة "أم طوبا" في "صور باهر" جنوب القدس المحتلة. وقالت محافظة القدس، في بيان لها اليوم الخميس، إن "الاحتلال أخطر 22 عائلة بإخلاء منازلها في حي المشاهد في بلدة أم طوبا مقابل مستعمرة "هار حوماه"
مقررة أممية: ما يجري في غزة واحدة من أكثر عمليات الإبادة في التاريخ والوضع هناك تجاوز حد الكارثة
يوليو 3, 2025
جددت المقررة الأممية المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيزي، تحذيرها من خطورة الجرائم الإسرائيلية المرتكبة في قطاع غزة، مؤكدة أن ما يجري لا يُعد حربًا، بل هو "واحدة من أكثر عمليات الإبادة في التاريخ"، وأن الوضع هناك "تجاوز حد الكارثة". وقالت ألبانيز، في تصريحات صحفي اليوم الخميس، إن ما يُسمى "مؤسسة غزة الإنسانية"