الاحتلال الإسرائيلي يرتكب مجزرة هدم واسعة في مخيم طولكرم

رام الله (فلسطين) - قدس برس
|
فبراير 18, 2025 6:19 م
تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ ساعات الصباح الباكر اليوم الثلاثاء، تنفيذ عملية هدم واسعة النطاق في مخيم طولكرم شمالي الضفة الغربية، في حملة غير مسبوقة طالت 16 بناية سكنية مأهولة.
ونشرت سلطات الاحتلال خريطة توضح المنازل المستهدفة بالهدم، زاعمةً أن العملية تهدف إلى فتح طرق جديدة وتغيير معالم المخيم، في تكرار لسيناريو مشابه لما جرى في مخيم جنين قبل نحو أسبوعين.
ووفقًا لشهادات سكان محليين، منحت قوات الاحتلال أصحاب المنازل المستهدفة مهلة قصيرة جدًا للدخول وجمع مقتنياتهم، قبل أن تبدأ الجرافات بعملية الهدم، وسط حصار عسكري محكم حال دون دخول أو خروج أي شخص من المخيم.
وأظهرت مقاطع مصورة قيام جرافات ضخمة بتدمير المباني وتسويتها بالأرض، وتجريف الطرق وتخريب البنية التحتية، ما فاقم معاناة السكان المدنيين.
تصعيد واسع وعمليات نزوح جماعي
ومنذ بداية التصعيد العسكري، تعرضت عشرات المنازل في مخيمي "طولكرم" و"نور شمس" لأضرار جسيمة، تراوحت بين الحرق والتدمير الجزئي أو الكلي، فضلًا عن تفجير بعضها بالمتفجرات.
وقد أجبرت قوات الاحتلال أكثر من 90 بالمئة من سكان المخيمين، أي ما يزيد عن 20 ألف فلسطيني، على النزوح القسري إلى مناطق أخرى، حيث لجأ معظمهم إلى منازل أقارب داخل مدينة طولكرم وضواحيها، بينما استُقبل آخرون في مراكز إيواء. أما من تبقى داخل المخيمين، فيواجهون أوضاعًا إنسانية كارثية، حيث يعانون نقص حاد في المياه والكهرباء، إلى جانب ندرة في المواد الغذائية، ما يفاقم أزماتهم المعيشية في ظل استمرار العدوان.
استهداف ممنهج للمخيمات والبنية التحتية
تشهد مناطق شمال الضفة الغربية حملة عسكرية واسعة بدأها جيش الاحتلال في مخيم جنين، قبل أن تمتد لاحقًا إلى مخيمي "طولكرم" و"نور شمس"، بزعم القضاء على المقاومة الفلسطينية. وشملت الحملة تدميرًا واسعًا للمنازل والمنشآت المدنية، وعمليات تهجير جماعي للسكان.
وفي هذا السياق، دعا محافظ طولكرم، عبد الله كميل، المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية إلى التدخل الفوري لوقف هذه الجريمة الإنسانية. وقال في تصريح صحفي إن "ما تقوم به قوات الاحتلال هو محاولة لضرب الوجود التاريخي للمخيم، كونه شاهدًا على نكبة 1948، إضافةً إلى استهداف وكالة الأونروا، في سياق حملة تصعيدية ممنهجة ضد أبناء شعبنا في كافة أماكن وجودهم".
وأشار كميل في تصريح صحفي، إلى أن إجبار السكان على النزوح القسري منذ 23 يومًا يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي الإنساني، وجميع المواثيق والأعراف الدولية. مؤكدًا أن "هذه الجرائم لن تزيدنا إلا إصرارًا على التمسك بحقوقنا الوطنية الثابتة وغير القابلة للتصرف، حتى إنهاء الاحتلال وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية".
أكبر عملية نزوح منذ 1967
ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة /نيويورك تايمز/، فقد أدت الحملة العسكرية الإسرائيلية المستمرة منذ أسابيع إلى نزوح ما يقارب 40 ألف فلسطيني، في أكبر عملية تهجير تشهدها المنطقة منذ عام 1967. وأوضحت الصحيفة أن "الفلسطينيين يخشون أن يكون هذا التصعيد جزءًا من مخطط أوسع يهدف إلى إحداث تغيير ديمغرافي قسري في الضفة الغربية، وفرض سيطرة أكبر على المناطق التي تديرها السلطة الفلسطينية".
وأضاف التقرير أن "العديد من النازحين هم من نسل اللاجئين الذين فقدوا ديارهم عام 1948، وأن هذا النزوح المتجدد، حتى لو كان مؤقتًا، يعيد إلى الأذهان الصدمة التاريخية لنكبة الفلسطينيين".
وأشار التقرير إلى أنه رغم عودة حوالي 3 آلاف فلسطيني إلى ديارهم، فإن معظمهم لا يزالون بلا مأوى بعد أكثر من ثلاثة أسابيع، مؤكدًا أن حجم النزوح الحالي يفوق ما شهدته الضفة الغربية خلال الحملة العسكرية الإسرائيلية عام 2002.
تدمير ممنهج للبنية التحتية
وبحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "أوتشا"، فقد دمرت قوات الاحتلال شبكات المياه والصرف الصحي في أربعة مخيمات على الأقل، فيما تلوثت بعض مصادر المياه بمياه الصرف الصحي، ما يزيد خطورة الأوضاع الصحية لسكان المنطقة.
ورغم استمرار العملية العسكرية، لم تتضح بعد الأضرار الكاملة التي لحقت بالمخيمات، إلا أن الأمم المتحدة وثّقت بالفعل دمارًا هائلًا طال أكثر من 150 منزلًا في جنين وحدها. وبحلول أوائل فبراير، أقر الجيش الإسرائيلي بتفجير ما لا يقل عن 23 مبنى، دون الكشف عن العدد الحقيقي للمباني التي تعرضت للهدم.
تصنيفات : أخبار فلسطين