خبيران: الاقتصاد الفلسطيني يواجه أزمات متراكمة دون حلول واضحة في الأفق

يشهد الاقتصاد الفلسطيني أزمات متلاحقة أضعفت قدرته على الصمود، في ظل غياب حلول فعالة وإدارة غير ناجعة من قبل السلطة الفلسطينية، التي لم تستجب للتوصيات والمقترحات التي يقدمها الخبراء والمختصون، وفقًا لما أكده محللان اقتصاديان.

معدلات بطالة قياسية وانكماش اقتصادي حاد
وأشار الخبيران إلى أن معدلات البطالة في الضفة الغربية وقطاع غزة بلغت مستويات غير مسبوقة. ففي حين أظهر القطاع الخاص في الضفة الغربية مرونة نسبية عبر تقليص ساعات العمل بدلاً من تسريح العمال، إلا أن ذلك لم يمنع 87.2 بالمئة من الأسر هناك من تسجيل تراجع ملحوظ في دخولها.

وبحسب تقرير مشترك صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (تابع للسلطة الفلسطينية) ومنظمة العمل الدولية، فقد بلغ معدل البطالة في مناطق السلطة الفلسطينية 50 بالمئة بحلول منتصف عام 2024، وهو الأعلى تاريخيًا. وتقدر نسبة البطالة في الضفة الغربية بحوالي 35 بالمئة، نتيجة فقدان مفاجئ للوظائف داخل الأراضي المحتلة والمستوطنات، إضافة إلى تراجع فرص العمل في الاقتصاد المحلي.

أزمة الإيرادات والضغوط المالية المتزايدة
يرى الخبير الاقتصادي الفلسطيني سامح العطعوط أن أزمة الإيرادات التي تواجهها السلطة الفلسطينية ليست جديدة، لكنها تعمقت بفعل التحديات المتراكمة. وأوضح في حديثه لـ"قدس برس" أن إيرادات المقاصة الفلسطينية تمثل المصدر الرئيسي للإيرادات الحكومية، إلا أن الاعتماد المفرط عليها جعل الاقتصاد الفلسطيني عرضة للضغوط والابتزاز السياسي.

وأضاف العطعوط: "شهدت هذه الإيرادات تقلبات حادة منذ بداية الألفينيات، حيث بلغت أدنى مستوياتها عام 2001 بفعل الأزمات السياسية والاقتصادية المتعاقبة. ورغم محاولات السلطة تحسين أدائها المالي، إلا أن عدم الاستقرار السياسي ظل عائقًا رئيسيًا أمام أي تقدم اقتصادي ملموس".

وأكد أن الأزمات الاقتصادية المتكررة ضاعفت العبء على المالية العامة، حيث أصبحت الرواتب والنفقات الشهرية تشكل ضغطًا كبيرًا على الخزينة العامة. وأوضح قائلاً: "مع ارتفاع النفقات وتراجع الإيرادات، اضطرت الحكومة إلى الاقتراض من البنوك، وهو ما ينذر بمخاطر مالية جسيمة على المدى الطويل. ومع تصاعد التحديات الاقتصادية، باتت الأزمة أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى".

الاحتلال الإسرائيلي وعوائق التنمية الاقتصادية
بدوره، أشار الخبير المالي مؤيد عفانة إلى أن الاقتصاد الفلسطيني يشهد أزمة خانقة منذ السابع من تشرين أول/أكتوبر 2023، نتيجة تصاعد الاعتداءات الإسرائيلية، مما أدى إلى انكماش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 28 بالمئة.

وأوضح عفانة في حديث مع "قدس برس" أن القيود الإسرائيلية المشددة، بما في ذلك انتشار 898 حاجزًا وبوابة عسكرية، شلت الحركة التجارية بين مدن الضفة الغربية، خاصة في جنين وطولكرم وطوباس، التي تتعرض لحصار وتدمير منهجي للبنية التحتية.

استراتيجيات مطلوبة للخروج من الأزمة
ويرى عفانة أن تحسين الوضع الاقتصادي في مناطق السلطة الفلسطينية يتطلب تبني استراتيجيات واضحة تهدف إلى تعزيز الإيرادات المحلية وتقليل الاعتماد على التمويل الخارجي. وأضاف: "يجب التركيز على تحسين بيئة الاستثمار ودعم القطاع الخاص، مما سيسهم في خلق فرص عمل جديدة. كما ينبغي تطوير السياسات الضريبية وتعزيز الشفافية في إدارة الأموال العامة لتحقيق استدامة مالية حقيقية".

وشدد على ضرورة التفكير في إجراءات مبتكرة للخروج من الأزمة، قائلاً: "علينا جميعًا أن نعمل على تعزيز الصمود الاقتصادي، والاستعداد لمواجهة التحديات بروح التعاون والتكاتف. فالمستقبل يعتمد على قدرتنا على تجاوز هذه الأزمات واستغلال الفرص المتاحة لتحقيق التنمية المستدامة".

 

تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
خبراء يحذرون: الاقتصاد في مناطق السلطة الفلسطينية ينهار وديون الموظفين قنبلة موقوتة
يوليو 1, 2025
"الاقتصاد الفلسطيني يواجه كارثة مالية وديونًا متراكمة تهدد بالانهيار البنيوي" – بهذه العبارة الصادمة افتتح البنك الدولي تقريره الأخير الصادر في حزيران/يونيو 2025، ليدق ناقوس الخطر بشأن الحالة الاقتصادية والمالية في مناطق السلطة الفلسطينية بالضفة الغربية المحتلة. غير أن الأزمة لم تعد في خانة التحذير، بل تحوّلت إلى واقع يومي يعيشه الفلسطينيون في الضفة الغربية،
"العفو الدولية" بجانب 188 منظمة دولية: خطة توزيع الغذاء الإسرائيلية في غزة مميتة ويجب وقفها فورًا
يوليو 1, 2025
اتهمت منظمة العفو الدولية، السلطات الإسرائيلية باستخدام الغذاء كسلاح ضد المدنيين في قطاع غزة، محذرة من أن خطة توزيع الغذاء الإسرائيلية – بما فيها ما يُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية" – قد تحولت إلى آلية قاتلة تُجبر أكثر من مليوني فلسطيني على الاختيار بين الموت جوعًا أو التعرض لإطلاق النار. وقالت العفو الدولية، في بيان مدعوم
"برلمانيون لأجل القدس": نداء عاجل للبرلمانات الدولية لإنقاذ أطفال غزة من الجوع والمرض
يوليو 1, 2025
وجهت رابطة برلمانيون لأجل القدس وفلسطين، نداءً عاجلًا إلى رؤساء البرلمانات والمنظمات البرلمانية الإقليمية والدولية، والمؤسسات الحقوقية، طالبت فيه بتحرك دولي فوري لإنقاذ أطفال غزة من كارثة إنسانية متصاعدة بفعل الحصار والإبادة الجماعية التي يتعرض لها القطاع. واستندت الرابطة في ندائها إلى تقارير ميدانية وإنسانية، من بينها نداء "منتدى العدالة الدولي ضد الإبادة الجماعية"، والتي
"أونروا": 82 % من مناطق قطاع غزة تخضع لأوامر إخلاء إسرائيلية
يوليو 1, 2025
قالت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، إن 82 بالمئة من مناطق قطاع غزة تخضع لأوامر إخلاء إسرائيلية، وإن الفلسطينيين لا يجدون مكانا يلجؤون إليه مع استمرار تدمير المنشآت ومراكز الإيواء. وأوضحت الوكالة الأممية، في منشور على منصة (إكس) اليوم الثلاثاء، أن الجيش الإسرائيلي قصف صباح أمس الاثنين مدرسة كانت مأوى لنازحين فلسطينيين
صحة غزة: 116 شهيدا و463 جريحا وصلوا المستشفيات خلال الـ24 ساعة الماضية
يوليو 1, 2025
أعلنت وزارة الصحة في غزة نقل 116 شهيدا فلسطينيا، (بينهم 4 شهداء انتشال)، و463 جريحا إلى مستشفيات قطاع غزة خلال الـ24 ساعة الماضية. وأضافت الوزارة، في تصريح صحفي، اليوم الثلاثاء، أن حصيلة الشهداء والإصابات منذ 18 آذار/مارس 2025، وصلت إلى 6,315 شهيدا و22,064 جريحا، مشيرة إلى أن هناك عددًا من الضحايا ما زالوا تحت الركام
لازاريني: "مؤسسة غزة الإنسانية" لا تقدم سوى التجويع والرصاص للفلسطينيين
يوليو 1, 2025
قال المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني، إن عشرات المنظمات الإنسانية دعت لإنهاء نشاط "مؤسسة غزة الإنسانية" كونها "لا تقدم سوى التجويع والرصاص" للمدنيين بالقطاع. وأوضح لازاريني، في تدوينة على منصة (إكس) اليوم الثلاثاء، أن "أكثر من 130 منظمة إنسانية غير حكومية دعت إلى استعادة آلية تنسيق وتوزيع موحدة