قُبلة القرن.. نيران صديقة أصابت السردية الصهيونية في مقتل (مقال رأي)

الخبير الإعلامي محمد منصور

ارتكز الخطاب الإعلامي للاحتلال على دعاية مكثفة وحملة علاقات عامة دولية روّجت لسرديته الحربية التي اعتمدت على نزع الصفة العسكرية والإنسانية عن المقاومة الفلسطينية وحاضنتها الشعبية في قطاع غزة، على أن تتوج الحرب بتحقيق النصر المطلق في اليوم التالي، وإطلاق الأسرى وسحق المقاومة، وفقا للقراءة الصهيونية.

نزل نتنياهو عن شجرة الوهم وأنهى منتصف كانون ثاني/يناير من العام الجاري حرب الإبادة راضخا لشروط المقاومة التي أراد سحقها، وبدأت عمليات تبادل الأسرى التي فكّكت ولا تزال دعاية انتصاره المزعوم، وكرّست ولا تزال صورة هزائمه التراكمية.

النموذج الفريد للعسكرية الفلسطينية
صممت المقاومة الفلسطينية طرحها الإعلامي بدقة بالغة، لا يقل إبهارا عن أدائها العسكري، بل هو امتداد له من زاوية الحرب النفسية وضرب الأسس التي قامت عليها السردية الصهيونية في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

خلال الحرب كانت عمليات المقاومة تستهدف القوات الصهيونية التي تمارس الإبادة ضد الشعب الفلسطيني، أما مشاهد تسليم الأسرى فهي عمليات مقاومة من نوع آخر تستهدف رواية الاحتلال وتنسف التضليل الذي تمارسه مؤسسة الحكم الصهيوني على شعبها وعلى العالم.

يظهر المقاومون بترتيب شخصي وجماعي بالغ التنظيم، بعيد كل البعد عن الارتجالية، تصطف سياراتهم بانضباط عسكري يليق بالمقاومة، تأتي سيارات وحدة الظل حاملة الأسرى وتقف في مكانها المحدد، يسلمون الأسرى شهادات إفراج، ويُعدّون منصة تحمل رسائل قيمية وسياسية استراتيجية، ويتم التوقيع على الاستلام والتسليم من طرفهم ومن طرف الوسيط الأممي، وسط مظهر احتفالي وحاضنة شعبية مهيبة.

بينما على المقلب الآخر يسيطر البكاء والعويل وتتعالى أصوات الاتهام بين قادة الاحتلال أنفسهم، فضلا عن الاتهامات الشعبية لنتنياهو وجيشه بالكذب والتضليل والدخول في حرب عبثية دون أدنى شعور بمسؤولية الحفاظ على حياة الأسرى الصهاينة لدى المقاومة.

المقارنة بين المشهد في غزة وتل أبيب، هي إجابة واضحة على سؤال اليوم التالي في غزة، ومن هو صاحب اليد العليا خلال وبعد الحرب.

القُبلة التي قصمت ظهر نتنياهو
أمس السبت قبّل أسير صهيوني مفرج عنه رأس مقاتلَين من كتائب القسام، أثناء عملية تسليم الأسرى للصليب الأحمر في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة.

لم يجد ابن دولة الاحتلال التي تقتل الشعب الفلسطيني، أفضل من هذه الطريقة ليعبر بها عن صدمته من الحقيقة، حقيقة وحشية حكومته وإنسانية المقاومة.

حكومته لم ترد إبادة الشعب الفلسطيني فقط، بل عملت على قتله أيضا، صارت الحقيقة أمامه واضحة وضوح الشمس، كانت حياته رخيصة وبلا قيمه في العقيدة القتالية لجيش دولته، بينما كان رجال المقاومة يحمونه وينقلونه من نفق إلى نفق ومن ردم لآخر ويتعرضون لخطر الموت حفاظا على حياته.

وجد الأسير الصهيوني نفسه بين ثنائية جديدة على فكره؛ دولة الاحتلال التي ينتمي لها تريد قتله، والمقاومة الفلسطينية التي تبذل تواجه المستحيل لتحافظ على حياته، فلم يجد طريقة يعبّر فيها عن امتنانه لهم إلا بطبع قبلتين على جبين اثنين من المقاومين.

عندما فقد الجيش الصهيوني إنسانيته وقتل عشرات آلاف النساء والأطفال وكبار السن في غزة ونكّل بالأسرى الفلسطينيين في سجونه، ترفّعت المقاومة عن المعاملة بالمثل وحافظت على اتزانها، وانتصرت في معركة الأخلاق، وقدّمت بشكل عملي صورة التعامل الإنساني مع الأسرى.

تصنيفات :
مواضيع ذات صلة
"هآرتس": الحرب على غزة عبثية ووحشية ويجب وقفها مهما كان الثمن
يوليو 4, 2025
وصفت صحيفة /هآرتس/ "الإسرائيلية"، الحرب "الإسرائيلية" المتواصلة على قطاع غزة بأنها "عبثية، بلا أهداف، ووحشية للغاية"، داعية إلى وقفها الفوري "مهما كان الثمن". وقالت الصحيفة في افتتاحيتها، إن "الدماء تُسفك من الجانبين دون طائل"، مضيفة أن "الغالبية الساحقة من الضحايا في غزة هم من المدنيين الأبرياء، في وقت بات من المستحيل تبرير استمرار القتل الجماعي
الاحتلال يدمّر مدرسة "بدو الكعابنة" ويشرد سكان تجمع عرب "المليحات"
يوليو 4, 2025
ارتكبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، اعتداءً جديدا بحق التعليم الفلسطيني، بعد اقتحامها وتخريبها مدرسة "بدو الكعابنة" الأساسية المختلطة شرق أريحا في الضفة الغربية المحتلة، وإجبار سكان تجمع عرب المليحات المجاور على الرحيل القسري، في خطوة وصفتها وزارة التربية والتعليم (تابعة للسلطة) بأنها جريمة تمس جوهر الحق في التعليم والحياة الكريمة. وأكدت الوزارة في بيان
"سرايا القدس" تباغت الاحتلال في الشجاعية بعملية نوعية.. 40 جنديا بين قتيل وجريح
يوليو 4, 2025
كشفت "سرايا القدس"، الجناح العسكري لحركة "الجهاد الإسلامي"، الجمعة، عن مشاهد مصوّرة لعملية نوعية مركبة نفذتها وحداتها شرق حي الشجاعية بمدينة غزة، استهدفت خلالها جنود وآليات جيش الاحتلال "الإسرائيلي"، إضافة إلى منازل تحصنت فيها القوات المتوغلة. وقال قائد العملية في تصريحات نشرتها "سرايا القدس"، إن الكمين تم تنفيذه بتخطيط مسبق ومحكم، متوافق بدقة مع معطيات
الأمم المتحدة: هجمات "إسرائيلية" تستهدف نازحين ومدارس في غزة
يوليو 4, 2025
حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، الجمعة، من استمرار الهجمات "الإسرائيلية" التي تستهدف بشكل مباشر الخيام والمدارس التي تأوي النازحين في قطاع غزة، إلى جانب المدنيين الذين يحاولون الوصول إلى المساعدات الغذائية، ما أدى إلى سقوط أعداد كبيرة من الضحايا. وأوضح المكتب، في تقريره الجديد، أن أكثر من 714 ألف شخص (ثلث سكان
138 شهيدا في غزة خلال 24 ساعة.. وارتفاع حصيلة الشهداء إلى أكثر من 57 ألفا
يوليو 4, 2025
أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، الجمعة، عن استشهاد 138 مواطنا، وإصابة 452 آخرين، خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، جراء استمرار عدوان الاحتلال "الإسرائيلي" على القطاع. وأشارت الوزارة، في تقريرها الإحصائي اليومي، إلى أن طواقم الإسعاف والدفاع المدني ما زالت غير قادرة على الوصول إلى عدد من الضحايا العالقين تحت الركام وفي الطرقات، بسبب كثافة
"الشعبية" تندّد بتصريحات وزيرة ألمانية ضد الفلسطينيين: تحريض عنصري وتواطؤ مع الاحتلال
يوليو 4, 2025
أدانت "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين"(أحد فصائل منظمة التحرير) بشدة التصريحات الصادرة عن وزيرة التعليم الألمانية كارين براين، والتي وصفت فيها الجالية الفلسطينية في ألمانيا بـ"المتطرفة"، معتبرة أن هذه التصريحات تعكس تحريضًا عنصريًا خطيرًا، وتؤكد تواطؤ برلين المتزايد مع الاحتلال الإسرائيلي. ووصفت "الجبهة الشعبية" في بيانٍ صحفي تلقّته "قدس برس"، اليوم الجمعة، تصريحات الوزيرة الألمانية بأنها