ملاحقة عمّال الداخل المحتل.. أسبابها وأهدافها

يعيش العمّال الفلسطينيون العاملون في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948 أوضاع صعبة؛ نتيجة ممارسات قوات الاحتلال التي تلاحقهم وتفرض عليهم الغرامات الباهظة بالإضافة إلى اعتقالهم وضربهم، في سبيل إيجاد واقع جديد طارد لهم ومحفز على الهجرة الطوعية التي تسوّق لها حكومة الاحتلال.
وأفاد العديد من العمّال المفرج عنهم من سجون الاحتلال بعد ضبطهم في الأراضي المحتلة عام 48، بأن "طريقة معاملة جيش وشرطة الاحتلال لهم تنم عن مدى الحقد والكراهية إزاء كل ما هو فلسطيني".
وكشف أبو القاسم كما كنى نفسه وهو أحد العاملين في الداخل المحتل، في حديثه لـ"قدس برس"، اليوم الاثنين، أنه والعديد من العمّال "تعرضوا للضرب الشديد بعد أن اعتقلتهم الشرطة قبل أيام أثناء عملهم بورشة بناء ومن ثم اقتادتهم إلى أحد مراكز التحقيق".
وذكر أنّ "محققي الاحتلال قالوا لهم بأن فرص عملهم في الداخل ستكون صعبة وننصحكم بالبحث عن فرص عمل أفضل لكم بأحد الدول العربية وإذا أردتم ان نساعدكم بالهجرة فنحن مستعدون لذلك".
وتحدث الشاب محمد صوالحة من مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية، والذي تعرض أيضا للضرب المبرح والاعتقال قائلاً: "قبل أسبوعين اعتُقلت على يد شرطة الاحتلال قبل أن يتم عرضي على محكمة وتغريمي مبلغ قيمته 8000 شيقل (قرابة 2240 دولار أمريكي )، ومن ثم تم توقيعي على تعهد بعدم العودة إلى العمل مجددا بالداخل".
بدوره قال الكاتب السياسي أمجد بشكار، إن "الاحتلال ما بعد السابع من اكتوبر بدأ ينتهج سياسة ممنهجة لتضييق الخناق على العمّال الفلسطينيين بالداخل المحتل ذلك بهدف دفعهم نحو التهجير الطوعي، وهو أسلوب غير مباشر للتضييق الاقتصادي بهدف اقتلاع الفلسطينيين من أراضيهم دون إعلان رسمي".
ولفت إلى أن "قوات الاحتلال ومنذ تصاعد التوترات ما بعد السابع من أكتوبر شددت إجراءات دخول العمّال الفلسطينيين إلى الداخل المحتل، عبر تقليص عدد التصاريح، وزيادة الحواجز الأمنية، وفرض إجراءات تفتيش مذلة، مما جعل وصولهم إلى أماكن عملهم أمراً شاقاً ومهيناً".
وأشار إلى أن "ممارسات الاحتلال تلك جعلت العمل داخل الأراضي المحتلة خياراً غير مجدٍ اقتصادياً، وفي ظل هذه الظروف القاسية، اتجه العمّال للبحث عن فرص عمل في دول أخرى، في ما يبدو وكأنه خيار طوعي، لكنه في الحقيقة هروب قسري من واقع لا يطاق".
من جانبه قال الكاتب والمحلل السياسي مروان القبلاني، إن "ما تقوم به قوات الاحتلال من ملاحقة ومطاردة للعمّال الفلسطينيين الذين يعملوا في الداخل الفلسطيني يفاقم الوضع الاقتصادي الصعب الذي تعيشه الضفة الغربية التي رُبطت اقتصاديا بالاحتلال وفق اتفاقية باريس الاقتصادية".
وأشار إلى أنه "وفي ضوء عدم وجود فرص عمل داخل الضفة الغربية، بسبب سياسات السلطة الفلسطينية التي تفرض على الصناعات الفلسطينية ضرائب باهظة وهذا الأمر تسبب في إغلاق معظم المصانع والمعامل التي لا تستطيع أن تنافس البضائع المستوردة، ما اضطر الآلاف إلى العمل في الداخل وتعريض أنفسهم للمخاطر".
وندّد الأمين العام لاتحاد نقابات عمّال فلسطين شاهر سعد، بـ"تكثيف الاحتلال حملات الاعتقال في صفوف العمّال الفلسطينيين، خاصة في مدينتي يافا وتل ابيب، والتي طالت 15 عاملا هذا النهار، ليرتفع عدد العمّال المعتقلين منذ بداية العام الحالي إلى زهاء 546 عاملا".
وقال سعد في بيان اليوم الاثنين، إن "اقتحام رجال شرطة الاحتلال، وما يسمى (حرس الحدود) للمحال التجارية في الداخل والبحث عن عمّال الضفة، واعتبارهم عمّالا غير شرعيين، والتنكيل بهم في مراكز التوقيف، وفرض غرامات باهظة عليهم، وعلى أصحاب العمل، تندرج في بند تجويع الفلسطينيين ومحاصرتهم، وإجبارهم على الهجرة بحثا عن لقمة العيش".
ودعا المؤسسات الحقوقية ومنظمة العمل الدولية إلى "التدخل، لوقف ممارسات الاحتلال بحق العمّال المحتجزين، وتوثيق الانتهاكات التي يتعرضون لها، وإبراز ذلك في المحافل الدولية".